واشنطن والرأي العام الإيراني

واشنطن والرأي العام الإيراني

المغرب اليوم -

واشنطن والرأي العام الإيراني

بقلم ـ عبد الرحمن الراشد

الحشد الدعائي الذي قامت به الحكومة الإيرانية، أثناء مفاوضاتها على الاتفاق النووي قبل ثلاث سنوات تقريباً لإقناع الرأي العام الغربي، ارتكز على الادعاء بأنه سيؤدي للسلام في المنطقة وينهي الخلاف الطويل. وبخلاف المعروف عنها، أقدمت حكومة طهران أيضاً على توسيع دائرة دعايتها، فشملت الجاليات الإيرانية في الخارج، ومعظم الإيرانيين في الخارج ليسوا على وفاق مع النظام منذ قيام الثورة.
وكان مستغرباً أن نرى عدداً ممن دافعوا عن الاتفاق في صفّ النظام هم من المعارضين لها. لفتتني ظاهرة التصالح غير المألوفة بين الفريقين فسألت عنها، هناك من أثنى على نفوذ اللوبي الإيراني، وفسّرها آخر بأن التصالح بضغوط من الإدارة الأميركية السابقة على القوى المعارضة، وبالطبع هناك من يرى أن المعارضة كانت مع الاتفاق وإن كانوا ضد النظام.
في رأيي، بذلت حكومة حسن روحاني جهداً كبيراً، ونجحت في رسم صورة إيجابية عن إيران المستقبل، واعدة بالمصالحة والتغيير الإيجابي الذي سينهي القطيعة مع نحو خمسة ملايين إيراني في المنافي معظمهم يعيش في الغرب. وبالطبع ركزت رسالة روحاني، ووزيره ظريف، آنذاك، على الإيرانيين في الخارج تطالبهم بأن يؤيدوا جميعاً، على اختلاف توجهاتهم السياسية، حق بلدهم إيران في تملك السلاح النووي، وأن يفصلوه عن خلافهم مع النظام. وقد ردّدت هذا الطرح بعض النخب الإيرانية في الولايات المتحدة مقتنعة بأن إيران ستتغير إلى الأفضل، بالانفتاح والتسامح.
لا أدري ما رأي المعارضين الذين دافعوا عن الاتفاق النووي، بعد توقيعه وتنفيذه؟ هل لمسوا أي علامات تحسن في معاملة النظام تجاه المعارضين، والإيرانيين بشكل عام عما كان عليه قبل التوقيع؟
نحن لم نشهد أي تغيير في سلوك النظام الذي زاد قمعه وشمل حتى المحسوبين على النظام، مثل أبناء الزعيم الإيراني الراحل، هاشمي رفسنجاني، والمقربين من الرئيس الأسبق محمد خاتمي، وحديثاً جداً اعتقال عدد من المحسوبين على الرئيس روحاني ضمن لعبة التوازنات التي لا تنتهي.
خلال الفترة الممتدة منذ توقيع الاتفاق JCPOA بين إيران والغرب في يوليو (تموز) 2015 وحتى اليوم، لم نسمع من النخبة في الداخل والخارج أي إطراء أو اعتراف بوجود تقدم من النظام حيال المجتمع المدني المتسامح الموعود. وبالتالي لا نعرف ما اللعبة التي سيلجأ إليها الرئيس روحاني من جديد لحشد التأييد الذي نجح في تحقيقه المرة الماضية.
ففي تلك المرة لعب على وتر الوطنية، قائلاً إن المشروع لإيران كلها وليس للنظام وحده، وأقنعهم بأنه مفخرة علمية وحضارية، وزاد عليها بأن رفع الحظر نتيجة الاتفاق سيجعل حياة الإنسان الإيراني أفضل من قبل.
لا شك أن للإيرانيين أن يفخروا بإنجازاتهم، لكن ليست عندما تكون مجرد وسيلة أخرى لمزيد من الحروب والتسلط. الاتفاق عزز وضع أجهزة قمعية مثل الحرس الثوري. واستمرت إيران، باختيار النظام وبسبب سياساته، في حالة احتراب، فهو رغم الحظر والحصار الدولي لم يتوقف عن إنفاق مليارات الدولارات كل سنة للجماعات المسلحة في غزة ولبنان وأفغانستان والعراق وسوريا واليمن، إلى جانب الإنفاق على شبكة كبيرة من الجماعات المتطرفة في أفريقيا وجنوب شرقي آسيا وحتى في أميركا الجنوبية.
أتوقع أن تلجأ حكومة روحاني للتشويش على الشعب الإيراني الذي يعيش تحت تأثير إعلام النظام، مثل كوريا الشمالية. ستصور قرار الولايات المتحدة على أنه عدوان على الشعب وتضييق على حياته، خصوصاً أنه سبق وفرضت منع منح التأشيرات للمواطنين الإيرانيين. إنما يفترض أن توضح واشنطن موقفها للشعب الإيراني بأن إعادة العقوبات على حكومة طهران ليست حتمية، بل أعطت حكومة طهران فرصة بأن تتعهد بالكف عن مغامراتها العسكرية وتمويل الجماعات المتطرفة في الخارج. الشرط الأميركي يفترض أن يجد هوى عند الغالبية الإيرانية التي ضاقت ذرعاً من سلوك النظام وتبديد أموالهم على ميليشيات في أنحاء العالم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واشنطن والرأي العام الإيراني واشنطن والرأي العام الإيراني



GMT 14:53 2023 الخميس ,21 أيلول / سبتمبر

ليست فدية

GMT 04:32 2019 السبت ,02 شباط / فبراير

ماذا لو صالح ترمب إيران؟

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 12:24 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحمل السبت26-9-2020

GMT 07:07 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

شائعة تبعد "مقالب رامز" عن بركان في الفلبين

GMT 19:46 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

البرلمان المغربي يصادق على مشروع قانون المالية لسنة 2020

GMT 12:54 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواصفات برج القوس ووضعه في حركة الكواكب

GMT 11:02 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

غاريدو يحمل فتحي جمال مسؤولية مغادرته للرجاء

GMT 00:38 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

سيدة ميتة دماغيًا منذ أربعة أشهر تنجب طفلة سليمة

GMT 00:01 2019 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

فان دايك يتوج بجائزة أفضل لاعب في إنجلترا

GMT 00:16 2019 الأحد ,07 إبريل / نيسان

أمل الفتح يتوج بطلا ويحقق الصعود

GMT 01:30 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

بيع أوّل نسخة في العالم من "تويوتا سوبرا GR"

GMT 01:30 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

تعرفي على أفكار لحديقة الزهور ولمسة من الجمال

GMT 10:18 2018 الخميس ,13 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل حياة الدوقة كيت ميدلتون قبل زواجها من الأمير هاري

GMT 01:36 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

وفاء عامر تبدي ألمها بإصابة فاروق الفيشاوي بالسرطان

GMT 07:55 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

الأثاث البني موضة لن تنتهي في عالم الديكور

GMT 20:54 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

قائمة افضل لاعب في العالم بدون جريزمان
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib