في غزة، حيث يصبح القصف لغة الحياة اليومية، تقف النساء الصحفيات وسط الركام، يحملن كاميراتهن وأقلامهن، ينقلن للعالم حكايات لم تُروَ، وصورًا لم تُشاهد. هؤلاء النساء لا يهربن من الموت، بل يواجهنه بعزيمة لا تنكسر.
كل يوم يحمل قصة جديدة من الألم، من الدمار، من فقدان البيوت والأحبة. ورغم ذلك، لا شيء يوقف الصحفيات الفلسطينيات عن أداء رسالتهن: إيصال الحقيقة مهما كان الثمن.
تتحدث رشا أحمد ،صحفية فلسطينية تبلغ من العمر 33 عام “كنت أعيش مع توأمي وشقيقي في بيتنا الذي كان رمز الأمان والدفء. لكنه لم يعد سوى ركام تحت القصف. حين فقدتهم، شعرت أن قلبي قد تحطم إلى ألف جزء، لكني أدركت أن صمتي لن يعيدهم، وأن قصتي وقصصهم يجب أن تصل للعالم. هذه الكاميرا أصبحت ليس فقط أداة عمل، بل صرخة مدوية أطلقها من قلب الحزن. لا أريد أن يموت صوتهم كما ماتوا هم، لذلك أواصل العمل، أصور، وأنتج القصص والأفلام الوثائقية التي تحكي ما لا يروى
اماً بيداء معمر صحفية تبلغ من العمر 34 عام ،أم لثلاثة أطفال، تحمل همّين كبيرين: نقل الحقيقة للعالم، وخوفها الدائم على أطفالها في ظل الحرب.
تقول:”كل يوم أخرج من البيت وأنا قلبي معلق بأولادي. أتركهم خلفي وأذهب إلى الميدان، وسط القصف والدمار، وأنا أدعو الله أن يحفظهم لي. أحيانًا أشعر بأنني ممزقة بين واجبي كصحفية وواجبي كأم، لكنني أعلم أن رسالتي أكبر من خوفي. أريد للعالم أن يرى معاناة شعبنا، وأن يسمع صوت غزة من خلالي. في الوقت نفسه، كل مرة يسمع فيها أطفالي صوت الانفجارات، قلبي ينكسر، لكنني لا أستطيع التوقف.”
هذه المرأة تمثل آلاف الصحفيات الفلسطينيات اللواتي يوازنين بين مخاطر الميدان ووجع الفقد والقلق على أحبائهن، لكنهن يواصلن مسيرة الكلمة والصورة، مدافعات عن الحقيقة بأرواحهن.
هذه الأقوال ليست مجرد أخبار تُنقل، بل شهادات حية على صمود نساء قادرات على تحدي الخوف والموت كل يوم. إنهن يتنقلن في الأزقة المدمرة، يجمعن الكلمات والصور التي توثق المأساة الإنسانية التي يعانيها شعب بأكمله.
ليس فقط الخطر المادي هو ما يواجهنه، بل التحدي النفسي والاجتماعي أيضاً. فبجانب خطر القصف، تواجه الصحفيات أعباء فقدان المنازل والأحبة، والضغط المجتمعي الذي لا يرحم، والنظرة التي تحاول تحجيم وجودهن في ساحات العمل الصحفي.
لكنّهن، رغم كل ذلك، يرفضن الانكسار.
“لم أختر هذا الطريق لأنني أحب الخطر، بل لأنني أؤمن بأن العالم يجب أن يرى ما يحدث هنا، يجب أن يسمع صوتنا، صوت النساء اللاتي يعشن الحرب من داخلها.”
صوت الصحفيات الفلسطينيات صار اليوم رمزًا للصمود والقوة، رسالة تنبع من قلب الألم لتقول للعالم: نحن هنا، نحن نناضل، ونحن لن نصمت.
حين يصمت العالم، تصرخ كاميراتهن، وتنطق أقلامهن. وحين يسود الصمت، تكتب الصحفيات الفلسطينيات قصة صمود، قصة امرأة تقف على خط النار، لا تخشى الموت، بل تخشى أن تُنسى الحقيقة.
هذا هو صوت غزة… صوت المرأة التي تقف شامخة، رغم الدمار والخراب، حاملةً رسالتها بجرأة لا تهتز.
وفي عالم تتكسر فيه الأحلام وتضيع فيه الأصوات، تبقى الصحفيات الفلسطينيات شعلة مضيئة لا تنطفئ. هنَّ اللواتي يحملن على أكتافهن أعباء نقل الحقيقة، وسط نار القصف وصمت العالم. صمودهن ليس فقط شهادة على قوة المرأة الفلسطينية، بل رسالة لكل الأحرار في العالم أن الكلمة هي السلاح الأقوى، وأن نور الحقيقة لا يمكن أن يُخمد مهما طال الظلام.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
انطلاق ملتقى الصحفيات الخليجيات في الكويت الأحد
تصعيد إسرائيلي دموي في غزة يحصد عشرات الأرواح ويعمق المجاعة ومجلس الأمن يعقد جلسة عاجلة وسط غضب دولي من خطط إحتلال القطاع
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر