محور نتنياهو ــ السنوار ــ بايدن

محور نتنياهو ــ السنوار ــ بايدن

المغرب اليوم -

محور نتنياهو ــ السنوار ــ بايدن

نديم قطيش
بقلم - نديم قطيش

مرة جديدة، يسقط -أو يكاد- احتمال التوصل إلى حل جاد لحرب غزة. فرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وزعيم «حماس» يحيى السنوار، يؤكدان عند كل مفترق أنهما يفتقران إلى أي رؤية واقعية لما بعد الحرب. ويعكس رفضهما حتى لهدنة معقولة حقيقة أنهما عالقان في دوامة سياسية قصيرة الأجل.

حتى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن التي قضت شهوراً من العمل المكثف للوصول إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل و«حماس»، ‏لا تمتلك هي أيضاً رؤية حقيقية لمعالجة أسباب التوتر في الشرق الأوسط. كل ما تسعى إليه واشنطن الآن لا يتجاوز سحب ملف الحرب من سياق المعركة الانتخابية الرئاسية في الولايات المتحدة، وعدم التورط في حرب أوسع بالمنطقة، في وقت قاتل للحزب الديمقراطي.

‏يتضح مع مرور الوقت، ومع زيادة حدة الانقسام بين المؤسستين السياسية والعسكرية في إسرائيل، وتصاعد الاحتجاجات الشعبية، أن نتنياهو يتعمد مراكمة الشروط المانعة لأي صفقة. ومن جهة أخرى، لم تُظهر «حماس» أي استعداد لتقديم تنازلات تعترف بالوقائع الرهيبة على الأرض من دمار وقتل وتهجير؛ إذ يبدو السنوار شديد الانفصال عن الواقع، وهو يدعو إلى زيادة التركيز على مواصلة المقاومة وتوسعتها إلى جبهات أخرى. ولعل ما يعزز قناعته برهاناته هذه، أولى عمليات القتل منذ بدء حرب غزة، لثلاثة إسرائيليين بإطلاق نار قرب معبر أللنبي، بين الأردن والضفة الغربية.

سبقت ذلك واحدة من المفارقات العجيبة بشأن الحرب الدائرة، أن يحمل إعدام «حماس» لستة رهائن مؤخراً، خدمة مزدوجة للطرفين المختلفين على كل شيء، والمتفقين على استمرار المعارك.

نتنياهو والسنوار محاصران في لعبة صفرية، يفضي فيها إنهاء الصراع إلى تقويض شرعيتهما السياسية، ويتيح استمرارها للطرفين الحفاظ على سلطتهما، ويخدم بقاءهما السياسي. فعلى الرغم من التفوق العسكري الإسرائيلي، فإن نتنياهو لم يتمكن من سحق «حماس» بشكل حاسم، في حين زاد الصراع من حدة الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي. أما رفضه التفاوض على الانسحاب من غزة فينقصه بشكل فادح تصور سياسي معقول للعلاقة بالفلسطينيين بعد انتهاء الحرب، أكان في غزة أم في الضفة الغربية. أما بالنسبة إلى السنوار بالتحديد، فإن أي هدنة واقعية الآن ستبدد سردية المقاومة، وتمحو رأس المال السياسي لـ«حماس»، وستضعف موقفها بشكل كبير بين الفلسطينيين. ليس بحوزة السنوار أي استراتيجية لكيفية إعادة بناء غزة أو توفير احتياجات سكانها أو الخروج من دائرة العنف، ما يجعل قيادته مرتبطة بشكل وثيق بسردية المقاومة البحتة، التي تبدد كل هوامش البراغماتية السياسية اللازمة لعقد تسوية تفضي إلى إعادة تأسيس شيء من الوضع الطبيعي في القطاع.

إلى ذلك، ترتفع وتيرة المؤشرات عن استعداد إسرائيل لتطبيق أفكار جديدة بخصوص جبهة لبنان، بما فيها عمليات عسكرية غير مسبوقة، وعمليات أمنية تستهدف تصفية كبار مسؤولي «حزب الله». فقد أصدر نتنياهو تعليماته للجيش بتغيير الوضع على الجبهة الشمالية، واصفاً «حزب الله» بأنه «الذراع القوية لإيران»، ومشدداً على استحالة استمرار الوضع الحالي. تزامناً، أعلن رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي أن الجيش يستعد بالفعل لعمليات هجومية داخل لبنان، في وقت دعا فيه وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إلى شن حرب قصيرة على لبنان، تكون بمثابة «ضربة قاتلة» تستغرق عقوداً للتعافي من آثارها.

لكن يبقى الفشل الأخطر هو فشل الولايات المتحدة في تصور حل يأخذ في الاعتبار مصادر التوتر في الشرق الأوسط؛ لا سيما أدوار إيران الراعية لكل مشهد الانهيار الحاصل. كان يمكن للرئيس بايدن الذي تحرر الآن من قيود حملة إعادة انتخابه، أن يتحلى بمسؤولية تاريخيّة، ويطرح على الطاولة طرحاً استراتيجياً لشرق أوسط آمن ومتكامل، لا أن يمنِّي النفس باتفاقيات سلام جديدة هدفها إنتاج لحظة انتخابية ملائمة في أميركا!

فسياسات إدارة بايدن تستهلك الرصيد القيادي لواشنطن، من خلال أنصاف الحلول والمحاولات غير الجادة لمعالجة الأزمات المستمرة في المنطقة، لا سيما عدم تمكنها من صياغة سياسة متماسكة تواجه تهديدات طهران؛ سواء عبر دعم الميليشيات المسلحة أو التدخل في شؤون الدول المجاورة.

يثير كل ذلك الشكوك حول إمكانية التوصل إلى هدنة قبل انتهاء ولاية بايدن، في ظل تصورات سياسية تعد إجهاض الحلول من جانب إسرائيل أصلاً، سياسة متعمدة، تنطوي على خدمة يطمح نتنياهو لتقديمها إلى المرشح الجمهوري دونالد ترمب.

وعليه، تظل آفاق حل الصراع في غزة قاتمة، وأمن الشرق الأوسط أسير حسابات السنوار ونتنياهو وفشل القيادة الأميركية في التعامل مع عُقد القضايا الأساسية التي تغذي الصراع. أما الثمن الأكبر فسيكون على عاتق غزة وأهلها، وربما لبنان!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محور نتنياهو ــ السنوار ــ بايدن محور نتنياهو ــ السنوار ــ بايدن



GMT 17:00 2025 الأربعاء ,24 أيلول / سبتمبر

يوم فلسطيني بامتياز..ماذا بعد

GMT 16:59 2025 الأربعاء ,24 أيلول / سبتمبر

تَوَهان المشتغلين في الإعلام

GMT 16:58 2025 الأربعاء ,24 أيلول / سبتمبر

هل تغير الزمن فعلا ؟!

GMT 15:35 2025 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

الاعتراف بفلسطينَ اعتراف بإسرائيل

GMT 15:32 2025 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

دراميات صانعي السلام

GMT 15:27 2025 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

تحقيقٌ صحافي عن عبد العزيز ومن عبد العزيز

GMT 15:18 2025 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

من يسار الصحوة الأميركية إلى يمين الترمبية

GMT 15:15 2025 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

حكاية الطبيب والأميرة ديانا!

الأناقة الكلاسيكية تجمع الملكة رانيا وميلانيا ترامب في لقاء يعكس ذوقًا راقيًا وأسلوبًا مميزًا

نيويورك - المغرب اليوم
المغرب اليوم - أنواع النباتات المثمرة المناسبة في بلكونة المنزل

GMT 07:42 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مرسيدس تطلق سيارة رياضية بمواصفات فائقة

GMT 15:45 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

المصري محمد صفوت يودع بطولة لوس كابوس للتنس

GMT 23:22 2018 السبت ,14 إبريل / نيسان

طرق بسيطة لاختيار ساعات عصرية تناسب الرجال

GMT 04:08 2018 الأحد ,18 آذار/ مارس

... مَن قال ليس حقيبة؟

GMT 01:12 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

"نيس" الفرنسي يظهر اهتمامه بضم المغربي أمين باسي

GMT 13:19 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

لاس بالماس الإسبانية المدينة المثالية لقضاء أحلى شهر عسل

GMT 08:40 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الطقس و الحالة الجوية في جبل العياشي

GMT 00:43 2016 الجمعة ,23 أيلول / سبتمبر

شاطئ "الكزيرة" في المغرب جوهرة شمال غرب إفريقيا

GMT 00:02 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو السنباطي يعلن عن رؤيته لمستقبل نادي هليوبوليس

GMT 07:58 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم ماهيكا مانو في طوكيو لمحبي الأماكن الرائعة والمختلفة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib