«العيون السود» وعيون أخرى

«العيون السود»... وعيون أخرى!

المغرب اليوم -

«العيون السود» وعيون أخرى

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

 

بين الحين والآخر أطل على ما ينشر عبر «الإنترنت»، من أحاديث موغلة في القدم، تتناثر قَطعاً في تلك اللقاءات عدد من المعلومات، البعض يراها مسلّماً بها ومن البديهيات، ولا تحتمل أبداً أي شك، فهي مسجلة بالصوت والصورة، والحجة المفحمة قطعاً، أن الفنان كان هو شاهد الإثبات على تلك الواقعة، وبالتالي لا مجال أبداً لرؤية أو رواية أخرى.

عدد مما أتابعه وما نطلق عليه مسلّمات نقفل بعدها القوس نهائياً. وأشعر بين الحين والآخر بأن عندي أقوالاً أخرى، وحكايات أخرى، والقوس لا يزال مفتوحاً.

لا يعني ذلك بالضرورة، أن الفنان يتعمد الكذب، وأراد جداً أن الحقيقة التي يعرفها أحادية الجانب، أو الصورة غير كاملة، وهناك شيء ما ناقص أو غامض.

البعض ساهم في ترويج عدد من الأكاذيب عامداً متعمداً، يغلفها بغطاء مبهر من أوراق «السوليفان» البراقة، الاحتمالات كلها واردة وممكنة، علينا أولاً أن نتوقف عن التصديق المطلق المغمض العينين، لكل ما نقرأه في الأرشيف أو نراه عبر «الإنترنت»، حتى لو تكرر في العديد من المناسبات، هذا قطعاً لا يمنحه صكاً نهائياً للمصداقية.

شاهدت مؤخراً المطربة الكبيرة الراحلة وردة الجزائرية في تسجيل قديم بعد رحيل بليغ حمدي، يعود لنهاية التسعينات، أو مطلع الألفية الثالثة، على أكثر تقدير، وهي تحكي أن أغنية «العيون السود»، كتبت تحديداً عن عيونها، وأن ملحن الأغنية الموسيقار بليغ حمدي في مطلع السبعينات، مع بداية زواجه منها، طلب من توأمه الفني الشاعر محمد حمزة أن يكتب أغنية تعبر عن مشاعره لصاحبة تلك العيون، بل كتب لها مباشرة هذا المقطع (كل كلمة... ع الفرح كانت... ع الجرح كانت... كتبتها... كانت عشانك).

الحكاية كما ترى متكاملة الأركان وتحمل قدراً لا ينكر من المصداقية، بخاصة أن بطلة الحكاية وردة عيونها فعلاً سود.

إلا أنني أيضاً أتذكر جيداً أن زوجة الشاعر محمد حمزة الإعلامية الراحلة فاطمة مختار، قالت لي إن حمزة كتب هذه الأغنية ليوثق لها مشاعره في مرحلة الخطوبة، وفاطمة أيضاً كانت عيونها سود.

الغريب في الحكاية، أن المطربة نجاة الصغيرة كانت هي أول من رشحت لغناء «العيون السود» قبل وردة وأجرت بروفات على العود مع بليغ، وهي أيضاً عيونها سود.

عندما استمعت وردة بالصدفة إلى اللحن في بداية زواجها من بليغ، طلبت منه أن يصبح من نصيبها، حاول إثناءها لكن من دون جدوى، بخاصة أنه ومحمد حمزة، مؤلف «العيون السود» تعاقدا مع نجاة على الكلمات واللحن، وتشبثت وردة أكثر بالأغنية، فهي ترى أنها كزوجة يحق لها أن تصبح هي الترشيح الأول لأي لحن يقدمه زوجها، ومن الجانب الآخر رفضت نجاة التنازل، عن حقها، ولجأت للقضاء لمنع تداول الأغنية بصوت وردة.

الحجة القانونية، التي أنقذت الأغنية من المصادرة قضائياً، أن القانون يبيح للملحن إسناد الأغنية لأكثر من صوت، مثلما تابعنا ذلك أكثر من مرة، قصيدة «لا تكذبي»، التي غناها كل من نجاة وعبد الحليم وأيضاً ملحنها الموسيقار محمد عبد الوهاب، وكانت بالصدفة مطربتها الأولى هي نجاة.

وأمام ساحة القضاء أكد محامي بليغ أن موكله، أسند بالفعل الأغنية إلى وردة، ولكنه لم ولن يمنع نجاة من غنائها لو أرادت ذلك، وبالطبع كان الجرح الذي تركته تلك الأغنية على مشاعر نجاة غائراً، إلا أنها في النهاية تصالحت مع بليغ، لأن المصالح تتصالح، ونجاة كانت مدركة أن في موسيقى بليغ حمدي فيضاً من الوميض يسكن الوجدان، وغنت له بعدها أكثر من أغنية ناجحة.

الحكاية في عمقها ليست «العيون السود»، ولكن عشرات من الحكايات المماثلة التي يتم الترويج لها وتصديقها مهما تباينت ألوان العيون!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«العيون السود» وعيون أخرى «العيون السود» وعيون أخرى



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 21:08 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

الأحداث المشجعة تدفعك?إلى?الأمام?وتنسيك?الماضي

GMT 03:15 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نجاة ممثل كوميدي شهير من محاولة اغتيال وسط بغداد العراقية

GMT 08:02 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

آرسين فينغر الأقرب لتدريب ميلان خلفًا لغاتوزو

GMT 04:11 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

صابرين سعيدة بـ"الجماعة" وتكريمها بجائزة دير جيست

GMT 14:57 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

عمرو الليثي يستضيف مدحت صالح في "بوضوح" الأربعاء

GMT 14:14 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

المدن المغربية تسجّل أعلى نسبة أمطار متساقطة خلال 24 ساعة

GMT 03:21 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

ظروف مشحونة ترافق الميزان ويشهد فترات متقلبة وضاغطة

GMT 06:15 2017 الجمعة ,24 آذار/ مارس

ورم الكتابة

GMT 12:25 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح منزلية لتنظيف وتلميع الأرضيات من بقع طلاء الجدران

GMT 06:32 2017 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مجرد درس مغربي آخر !

GMT 01:26 2016 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

ريم مصطفى تؤكد أنها ستنتهي من "نصيبي وقسمتك" بعد أسبوع

GMT 11:30 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات شعر بها سكان الحسيمة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib