الرجل الذي يحسد رونالدو
ترامب يستبعد مناقشة "تقسيم الأراضي" مع بوتين في قمة ألاسكا ممثل منظمة الصحة العالمية يحذر من كارثة صحية في غزة مع نفاد أكثر من نصف الأدوية الأساسية وزارة الخارجية السودانية تُرحّب ببيان مجلس الأمن الدولي الرافض لتشكيل "حكومة موازية" حركة حماس تدعو لمسيرات غضب عالمية أمام السفارات الإسرائيلية والأميركية في مختلف العواصم والمدن روسيا تفرض قيوداً على تيليغرام وواتساب وتوضح الأسباب سقوط 12 شهيدا من عناصر تأمين المساعدات منذ صباح اليوم جراء 3 غارات إسرائيلية استهدفتهم شمالي قطاع غزة مقتل وفقدان عشرات الأشخاص جراء غرق قارب بالبحر المتوسط حركة حماس تدين تصريحات نتنياهو حول «إسرائيل الكبرى» وتدعو لتحرك عربي ودولي عاجل آلاف اليمنيين يتظاهرون تنديدًا بالإبادة الجماعية في غزة واستنكارًا لاغتيال مراسل قناة "الجزيرة" أنس الشريف وزملائه منظمة التعاون الإسلامي تدين تصريحات رئيس وزراء إسرائيل حول ما يسمى بإسرائيل الكبرى وتحذر من تداعياتها على الأمن الإقليمي والدولي
أخر الأخبار

الرجل الذي يحسد رونالدو

المغرب اليوم -

الرجل الذي يحسد رونالدو

غسان شربل
بقلم : غسان شربل

لا مبررَ لاستدعاء طبيب. جروحُ الروح ليست من اختصاصِه. لكن ما يجري غريب. تلفحُه الكآبةُ وتنتشرُ في عروقِه كشعب من النمل. بوادر تعب عميق. ورائحة يأسٍ غيرِ مسبوق. دهمته في المكتب هذا النهار مشاعرُ غيرُ صحية. راودته فكرة أن يجمعَ أوراقَه ويغلق البابَ إلى غير رجعة. أن يفرَّ من المقر كمن يفرُّ من قاربٍ مفخخ. وأن يعيدَ اللقبَ إلى مانحيه. والمكتبَ إلى أصحابه. والمهمةَ إلى من يتوهَّمون أنَّهم أقدر.

أيامٌ لا تشبه الأيام. كلَّما فتح الباب يشمّ رائحةَ الفشل. أزهارُ المكتبِ تحرجه فيسمع أجراسَ الخيبة. ما أصعبَ أن تذهبَ إلى مكتبك كما يعود السجين إلى زنزانته! شعور الأسير. وأوجاع الرهينة. لم أخن واجبي لكنَّ العالم خان. لن يدبج كتاب استقالته. سيقولون إنَّه أنقذ صورتَه وتجاهل عالماً يغرق.
«مهنتي مؤلمة»، قال، وأطلق نصفَ ابتسامة. لا يعرف حساده حجم الإحباط الذي يلتهمه منذ شهور. هذا الشعور الرهيب بالعجز الكامل. العجز عن وقف الاندحار المروع لعالم مجنون. العجز عن استصدار قرار. والعجز عن المجاهرة بموقف واضح. والعجز عن وضع النقاط على الحروف. أحياناً يصبح دورُك إجراءَ جراحاتٍ تجميلية للجثث. وأن ترشَّ السكر على الموت. وأن تبقي شعلة الأمل الكاذب حيَّة.
ما أصعبَ أن تخيّبَ مشاعرَ من يراهنون عليك. من يتوهَّمون أنَّك قادر. وأن مؤسستَك هي الملجأ الأخير. وأنَّك حارس مرمى القانون الدولي. أعجبته صورة حارس المرمى. لا يزال يعيش تحت وطأة المونديال. لكنَّه يعرف أن دورَ الحارس خداع. هزَّت أميركا شباكَ القانون الدولي حين غزت العراق. مزّق بوتين شباكَ القانون الدولي حين أوقدَ نيرانَ الحربِ واجتاحت قواتُه أوكرانيا. دموع الحارس لا تحرس المرمى. تسديدة بوتين كانت أقوى من تسديدات رونالدو وميسي ومبابي. هزَّ رأسَه وأطلقَ بصوت خافت عبارة حقيقية: الدول الكبرى ميليشياتٌ هائلة. سيفُ «الفيتو» يقطعُ عنقَ القانونِ الدولي.
قرَّر أن يغسلَ أحزانَه. سكبَ كأساً للتحايل على مزاجه. كانت المدينةُ في عهدةِ الليل والصقيع. هاجمته خيامُ المطرودين من أوطانِهم أو داخلها. هاجمه أنينُ اللاجئين. تخيَّل الثلجَ يتراكم فوق أوجاع الخيام. وارتجاف الأطفال بعدما تحالف الطقس مع الجوع لمضاعفة أوجاعهم. تخيَّل كروم الحسرة في عيون الأمهات وقد تعبنَ من انتظار الإعاشات. تكسّر المشاهد الأوكرانية قلبَه وتثير ذعره. ملايين الهاربين والهائمين. وملايين المقيمين في قبضة الصقيع والعتمة والخوف. الجنرال سوروفيكين لا يحب البنيةَ التحتية للآخرين، ولا يطيق الكهرباءَ والبيوتَ المضاءة. سوروفيكين هداف الدورةِ الحالية على كأس أوكرانيا أو ما يتبقَّى منها.
حين هبَّ إعصار «كورونا» اعتبره أمَّ المصائب. رفع الصوتَ عالياً لضمان عدالة توزيع اللقاحات. مهمته الوقوف إلى جانب الضعفاء أو التذكير بوجودهم. وحين انحسرت غمامةُ الوباءِ انطلق يذكر العالمَ بأوجاع ما قبلها وكارثة الاحترار المناخي المقتربة. لم يكن يتوقَّع أن يفجعَ بـ«أم المعارك» التي أعادت مواسمَ القتل إلى القارة الأوروبية وفي صورة أخطر نزاع منذ الحرب العالمية الثانية.
سكبَ كأساً ثانية. شعر بالخوف حين أعلنت أميركا عن إرسالِ بطاريات «باتريوت» إلى أوكرانيا. وأحسَّ بالذعر حين أطلَّ بوتين يؤكد أنَّ ترسانته تملك دواءً لمعالجة براعة السلاح الأميركي الوافد. الدول الكبرى ميليشيات كبرى، قال في سرّه. تذكر أنَّ سيدةً روسيةً لن تحتفل بالأعياد، لأنَّ ابنَها ذهبَ إلى الحرب ولم يعد. وأنَّ سيدةً أوكرانيةً لن تحتفلَ بالأعياد لأنَّها دفنت فلذةَ كبدِها في حديقةِ المنزل.
«مهنتي مؤلمة»، قال. نظر إلى السائلِ الأحمر في الكأس فهاجمته صورٌ جارحة. لونُه يشبه دمَ الأوكرانيين والفلسطينيين والأكراد واليمنيين والليبيين والسوريين والصوماليين. من يقنع أبناءَ الخرائطِ الممزقة بالكفّ عن بيعِ دمِهم على موائدِ الميليشيات وحروب الآخرين؟ من يقنعُهم بعدمِ انتظار القانون الدولي وضماداته؟ تغيَّر العالم. الجدار الأوكراني أخطرُ من جدار برلين. والعالم غابة بلا شرطي.
أوجعته السنة التي تلفظ أنفاسَها. كان يحصي سراً عددَ الجنازات. وقوافل اللاجئين. وانقلاب «قوارب الموت» باليائسين الفارين.
لكنَّه يشعر بخوفٍ فظيع من السنة المقتربة. ماذا لو استنتج بوتين أنَّ السبيلَ الوحيد لإنهاء الحرب توسيعها والتحرش بدولة أطلسية؟ وماذا لو استنتج شي جينبينغ أنَّ وليمةَ الشهيات الدولية مفتوحة، وأنَّ الوقتَ مناسبٌ لإعادة تايوان إلى بيت الطاعة؟ وماذا لو توسَّعت الحربُ الأوكرانية وتوقفت رحلاتُ الحبوبِ التي شارك في استجدائها من القيصر؟
هاجمته الذكريات. أيام التفوق في الدراسة. الانخراط في الحياة الحزبية. إقامته في مكتب رئيس الوزراء. لكنَّه ليس رجل بلاده. تعشق شخصاً آخر. رجل لا يجمع دموع اللاجئين ولا يكابد لترتيب وقفٍ للنار ولا يفاوض قساةَ العالم. يلاعب المستديرة الساحرة ويسبح في الأضواء ويحصد الجوائز والعقود الخيالية. أطلَّ الحسدُ برأسِه. غداً يكتب صحافي أنَّ الأمين العام لـ«الغابة الدولية» رجلٌ مهذَّبٌ عاجز جاء من بلاد كريستيانو رونالدو.
عالمٌ مخيف. تابع العالم فتوحاتِه العلميةَ والتكنولوجية وتطويعَ الكواكب لكنَّه احتفظ بخناجره وشراهتِه ووحشيتِه. الخرائطُ مذعورةٌ خائفةٌ من الداخل والخارج. والزمنُ ميليشيات ومسيّرات. كم كانَ بودّه أن يدبّجَ رسالةَ أمل. لن يفعل. سيسخرون من سذاجتِه. سيكتفي برسالة صوتية مقتضبة يوجّهها إلى العالم: «أنا أنطونيو غوتيريش. أعتذرُ عن السنة المحتضرة، وأعتذرُ أيضاً عن السنة المقتربة». كرَّر عبارة «مهنتي مؤلمة»، واستسلم لنومٍ عميق.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرجل الذي يحسد رونالدو الرجل الذي يحسد رونالدو



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - المغرب اليوم

GMT 06:26 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الثور الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 06:32 2023 الأحد ,23 إبريل / نيسان

انقطاع شبه كامل لخدمة الإنترنت في السودان

GMT 18:01 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تتهرب من تحمل المسؤولية

GMT 15:31 2021 الخميس ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسابقة ملكة جمال الكون في إسرائيل تثير جدلا

GMT 21:27 2019 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجآت بالجملة في تشكيلة برشلونة أمام بروسيا دورتموند

GMT 00:51 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

كشف هوية "المرأة الغامضة داخل التابوت الحديدي"

GMT 10:35 2020 الخميس ,30 إبريل / نيسان

شركة سعودية تعلن عن تنفيذ مشاريع عائمة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib