للذين بشروا بالتغيير
أخر الأخبار

للذين بشروا بالتغيير

المغرب اليوم -

للذين بشروا بالتغيير

عبد الرحمن الراشد

الخلط بين الاستنتاج والحقائق ينتج الخرافات، مثل الأخبار التي انتشرت أخيرًا عن تبدلات موعودة في المنطقة. قيل إنها فرجت في سوريا، وإن روسيا بدّلت موقفها من إيران ولم تعد تتمسك بالرئيس بشار الأسد، وإن تراجع الحوثيين في اليمن جاء ضمن صفقة مع إيران، وإن السعودية تخلت عن المعارضة السورية وتصالحت مع الأسد، وإنه صار بوسع اللبنانيين أن يعينوا رئيسا للجمهورية بعد التفاهم الأميركي الإيراني، وإن الموقف الجديد لرئيس وزراء العراق من ضمن حزمة مصالحات خليجية إيرانية، وإن السعودية مالت إلى حماس، وتخلت عن دعم حكومة السلطة الفلسطينية.
حتى الآن لا يوجد دليل واحد ملموس على حدوث أي من هذه التغيرات الكبيرة، ولا أتصور أن هناك تبدلات كبيرة ستحدث سياسية أو عسكرية كبيرة.
الخطأ من الذين تعجلوا بقراءة النشاط السياسي الذي ارتفعت وتيرته خلال الأسابيع القليلة الماضية. اندفعوا يبشرون في تحليلاتهم بأن القوى الإقليمية والدولية قررت أخيرًا حسم الأوضاع المعلقة بالتصالح، في سوريا واليمن والعراق ولبنان والخليج.
والمشكلة أن بعضنا كثيرًا ما يخلط بين المعلومة والتحليل، بين الخبر والرأي. مثلاً، لقاءات وزير الخارجية الأميركي مع وزراء المجموعة الخليجية لا تعني بالضرورة حدوث تبدل في الموقف من سوريا.
أما تصريحات وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عن رغبة طهران في التعاون والتصالح مع دول الخليج، إلى الآن هي مجرد تصريحات بلا برنامج. وقد لا تتعدى كونها استجابة لرغبة أميركية بأن تبدي إيران روحًا إيجابية مع خصومها الخليجيين حتى يتوقفوا عن انتقاد الاتفاق النووي. والوزير ظريف لم يطرح شيئًا محددًا ولا نرى سوى حركة دبلوماسية، بما فيها مساعي قطر وسلطنة عمان للمصالحة مع إيران. فلا الإيرانيون ينوون التخلي عن سوريا أو العراق، ولا التعاون من أجل حل خلاف المناصب في لبنان، الذي يعتبر أمرًا سهلاً. أما اليمن فإن التحسن السياسي جاء نتيجة للتقدم العسكري، بتحرير عدن وإلحاق الهزيمة بالمتمردين، ولا علاقة له بموقف طهران السياسي.
وأهم دليل ينفي الإشاعات هو تصريح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في موسكو بأن المملكة لا تقبل أبدًا بحل يُبقي على الأسد رئيسًا، قالها صريحة وهو جالس بجوار وزير الخارجية الروسي، الذي هو بدوره استمر على موقفه المضاد للموقف السعودي. أما الخبر الصاعق، زيارة المسؤول الأمني السوري لمدينة جدة، فالمفترض أن يقرأ في إطار الاتصالات المقبولة بين الخصوم. ولو أن الحكومة في دمشق عرضت تقديم حل جديد من الطبيعي أن تستمع إليه السعودية، لكن ليس بالضرورة أن تقبل به. وكذلك زيارة خالد مشعل زعيم حماس في المنفى إلى السعودية، فهي لا تعني تغييرًا في موقف الرياض. الموقف مبني على أسس قانونية ومصالح سياسية واضحة. الشرعية هي السلطة الفلسطينية، أما من في غزة فتعتبر «حكومة مقالة». والمصلحة السعودية في الشأن الفلسطيني هي في دعم السلطة الشرعية، والتعاون مع دول المنطقة، وتحديدًا مصر. وما يشاع بأن إيران غاضبة من التواصل بين الرياض وغزة هو مجرد دعاية حمساوية لتحفيز السعوديين على العلاقة معهم، والأرجح العكس. إيران هي من لا تريد علاقة مع حماس في ظل سعيها لتمرير الاتفاق النووي وتخفيف معارضة إسرائيل له، وتتمنى طهران، التي تلقب سابقًا بمحور الشر، أن ترى الرياض تحل محلها، أن تصبح دولة تتعاون مع التنظيمات المكروهة دوليًا، فتكون السعودية معسكر التطرف وإيران معسكر الاعتدال!
وعودة إلى الحديث عن ارتفاع بورصة التخيلات بأن منطقة الشرق الأوسط تمر بتغيرات جوهرية، الأمر الجديد الأكيد الوحيد هو الاتفاق الإيراني الغربي، لكننا لا ندري كيف سيؤثر على المنطقة لاحقًا، إيجابًا أو سلبًا.
القضايا الخلافية بين دول المنطقة عميقة، وليست مجرد نوازع شخصية. ففي سوريا نظام منهار، وتنظيمات إرهابية إيرانية وأخرى معادية، وحرب منتشرة في أنحاء البلاد من الزبداني إلى درعا. وفي اليمن حرب على أشدها، حررت عدن، وصارت عاصمتها صنعاء على وشك أن تحاصر. كما أن الوضع في العراق لا يزال مشتعلاً، الاقتتال يدور يوميًا في الغرب، وربع العراق لا يزال تحت احتلال تنظيم داعش.
هذه نزاعات حقيقية تحتاج إلى ما هو أكثر من زيارات دبلوماسيين وتخيلات صحافيين، ولن تقع تغييرات في المواقف دون أن نرى أثرها على الأرض.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

للذين بشروا بالتغيير للذين بشروا بالتغيير



GMT 21:04 2025 الأربعاء ,13 آب / أغسطس

هل تذوب الثلوج في ألاسكا؟

GMT 20:43 2025 الأربعاء ,13 آب / أغسطس

هجاء الطوائف... وهشاشة الوطن

GMT 20:41 2025 الأربعاء ,13 آب / أغسطس

لبنان بين «الفيجِيلنتي» المحلّي والإقليمي

GMT 20:39 2025 الأربعاء ,13 آب / أغسطس

فشل يقود إلى فشل

GMT 20:36 2025 الأربعاء ,13 آب / أغسطس

أنسنة الخدمات!

GMT 20:33 2025 الأربعاء ,13 آب / أغسطس

الأصل في دعوة الرئيس

GMT 20:31 2025 الأربعاء ,13 آب / أغسطس

الطريق المسدود؟

GMT 20:30 2025 الأربعاء ,13 آب / أغسطس

فيروز …؟!

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - المغرب اليوم

GMT 06:26 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الثور الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 06:32 2023 الأحد ,23 إبريل / نيسان

انقطاع شبه كامل لخدمة الإنترنت في السودان

GMT 18:01 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تتهرب من تحمل المسؤولية

GMT 15:31 2021 الخميس ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسابقة ملكة جمال الكون في إسرائيل تثير جدلا

GMT 21:27 2019 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجآت بالجملة في تشكيلة برشلونة أمام بروسيا دورتموند

GMT 00:51 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

كشف هوية "المرأة الغامضة داخل التابوت الحديدي"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib