كيف فقدت قطر جمهورها

كيف فقدت قطر جمهورها؟

المغرب اليوم -

كيف فقدت قطر جمهورها

بقلم - عبد الرحمن الراشد

اليوم معظم سكان الإمارات العربية المتحدة لا يشاهدون محطات التلفزيون القطرية، بما فيها «الجزيرة»، ولا حتى على النت أو التواصل الاجتماعي. فهي في العالم الحقيقي لم تعد موجودة وإنْ كانت مسجلة على قوائم أجهزة الاستقبال. السبب أن معظم الخدمات التلفزيونية مرتبطة بشركات الهاتف، وقد تم وقفها فاختفت.
في السعودية، ومعظم دول المنطقة بدرجة أقل، استولى القراصنة على جمهور شبكة الـ«بي إن سبورت» القطرية. يقدمون الخدمة التلفزيونية بدرجة عالية وبنحو ربع القيمة. عملياً إمبراطورية قطر الإعلامية تتهاوى، لم تخسر فقط نحو خمسة مليارات دولار استثمرتها في بناء محطات إخبارية، وعقود رياضية، وأفلام، وشبكات بث متعددة المنصات، ومواقع النت وحسابات التواصل الاجتماعي الموجهة من الدوحة وإسطنبول ولندن، بل خسرت معها رسائلها السياسية! فشلت محاولات قطر في التحريض ضد الحرب في اليمن، ومحاولة دعم إيران، ومهاجمة قرارات الحكومة السعودية الداخلية، وفشلت حتى في الدفاع عن نفسها في الخلاف مع السعودية ومصر والإمارات والبحرين.
ربما فقدان المليارات من الدولارات هو أقل ما يقلق حكومة الدوحة مقارنة بخسائرها الدعائية والسياسية، فيما تعتبره مشروعها ومصدر أهميتها ومركز استراتيجيتها. كانت تظن أنها تستطيع إخافة حكومات المنطقة، بأنها تدير الجماهير عن بعد.
هذه الدول، التي على خلاف مع قطر، كانت تتحمل وتصبر على ما يصدر من شبكات الدوحة المتعددة والمتفرعة عنها، لكن بعد انفجار الخلاف الأخير أضافت الإعلام إلى المعركة. كل ما استثمرته قطر على مدى سنين من تقنية وخبرات، وبنته من شبكاتها من جمهور وبراند متعددة أصيب في مقتل. ما الذي حدث؟
جملة خطوات متزامنة، من قطع شبكات قطر الإعلامية، ومواجهتها دعائياً، وحشد جيوش إلكترونية مضادة.
الدول التي تعتمد على شبكات الكيبل، والاستقبال الهاتفي للبث التلفزيوني، قامت بإطفاء عشرات المحطات القطرية بما فيها تلك التي تبث تحت أسماء غير مباشرة لكنها فعلياً مملوكة لقطر. شملت محطات سياسية ووثائقية ومحطات أفلام وأطفال ودراما. أغلب المشاهدين، كما هو الحال عليه في الإمارات، خلت شاشات تلفزيوناتهم وهواتفهم منها، إلا من قلة تعتمد استقبالها عبر صحون الاستقبال الفضائية. أما لماذا لم يهرع المشاهدون إلى وسائل الاستقبال الأخرى، بما فيها البروكسيز، كما كان يحدث في الماضي، فالسبب أن هناك بدائل تلفزيونية كثيرة وملائمة تعوضهم عّن القطرية.
الضربة الثانية أصابت شبكات قطر الرياضية في مقتل. فقد نبتت في الأسواق قنوات تنقل كل المباريات الرياضية العالمية بأسعار زهيدة حفزت كثيرين على التخلي عن شبكاتها التلفزيونية الرياضية. وكانت قطر قد اعتمدت سياسة الاستيلاء على الحقوق الرياضية من الاتحادات المالكة لها، خاصة الكبرى في إسبانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا، من خلال شرائها بمبالغ مُبالغ فيها عدة مرات، قدر إجماليها بنحو ملياري دولار، حتى تحرم مقدمي الخدمات التلفزيونية الأخرى من التفكير في منافستها لسنوات مقبلة. وقد يستنكر البعض إقحام الرياضة في المواجهة السياسية، وهذا صحيح لولا أن قطر هي من خالفت الأنظمة الدولية عندما استغلت عقودها التلفزيونية الرياضية الاحتكارية وحشدت اللاعبين الدوليين للحديث على شاشاتها الرياضية ينددون بمقاطعة قطر، ومعظمهم لا يعرف أين تقع قطر على الخريطة من العالم! وشبكتها التلفزيونية الرياضية، الأغلى في المنطقة، لا تقوم على أسس تجارية، وجاء القراصنة ليلحقوا بالسلطات القطرية أيضاً خسائر مضاعفة، ويقضوا على ما جمعته من جمهور في دول المنطقة، التي أرادت توجيههم سياسيا لأغراضها.
مقالي اللاحق سيكون عن حروب الجيوش الإلكترونية الطاحنة في ظل مواجهة قطر، ومحاولات الحكومات بشكل عام استرداد زمام المبادرة، واستعادة جماهيرها التي فقدتهم في السنوات العشر الماضية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف فقدت قطر جمهورها كيف فقدت قطر جمهورها



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 12:24 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحمل السبت26-9-2020

GMT 07:07 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

شائعة تبعد "مقالب رامز" عن بركان في الفلبين

GMT 19:46 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

البرلمان المغربي يصادق على مشروع قانون المالية لسنة 2020

GMT 12:54 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواصفات برج القوس ووضعه في حركة الكواكب

GMT 11:02 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

غاريدو يحمل فتحي جمال مسؤولية مغادرته للرجاء

GMT 00:38 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

سيدة ميتة دماغيًا منذ أربعة أشهر تنجب طفلة سليمة

GMT 00:01 2019 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

فان دايك يتوج بجائزة أفضل لاعب في إنجلترا

GMT 00:16 2019 الأحد ,07 إبريل / نيسان

أمل الفتح يتوج بطلا ويحقق الصعود

GMT 01:30 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

بيع أوّل نسخة في العالم من "تويوتا سوبرا GR"

GMT 01:30 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

تعرفي على أفكار لحديقة الزهور ولمسة من الجمال

GMT 10:18 2018 الخميس ,13 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل حياة الدوقة كيت ميدلتون قبل زواجها من الأمير هاري

GMT 01:36 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

وفاء عامر تبدي ألمها بإصابة فاروق الفيشاوي بالسرطان

GMT 07:55 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

الأثاث البني موضة لن تنتهي في عالم الديكور

GMT 20:54 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

قائمة افضل لاعب في العالم بدون جريزمان
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib