حكومة ترمب للحرب ضد من

حكومة ترمب للحرب ضد من؟

المغرب اليوم -

حكومة ترمب للحرب ضد من

بقلم - عبد الرحمن الراشد

وقف جون بولتن في احتفال المعارضة الإيرانية وقال للآلاف المحتشدة: سنحتفل معكم في طهران عام 2019. جملة تردد صداها داخل القاعة لكنها لم تحظَ بالاهتمام خارجها، لأن قائلها أصبح مجرد سفير سابق. لم تكن عبارته الخطيرة تلك مجرد تفاعل مع حماس المعارضة الإيرانية، بل تعكس قناعاته، وسبق وعبر عنها بوضوح شديد قبل ثلاث سنوات في الـ«نيويورك تايمز». كتب مقالاً أثار عاصفة من الردود «لنقصف طهران!».
هذا هو مستشار الأمن القومي الذي عينه الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلفاً لماكماستر. وبالتحاقه بفريق البيت الأبيض أطلق خصوم إدارة ترمب بأنها «حكومة حرب» بحكم أنها الأكثر عدداً من الجنرالات والمحافظين. المنصب مهم، استحدث مع مطلع الحرب الباردة ويرأس صاحبه جلسات القضايا المهمة بحضور وزراء مثل الخارجية والدفاع، ومكتبه في جناح الرئيس من البيت الأبيض، وهو الذي يقدم ملخصات القضايا للرئيس.
وبولتن نفسه شخصية معروفة بمواقفها المتشددة، وتمثل مدرسة تؤمن بأميركا قوية، في وقت تصعد فيه روسيا والصين على حسابها، وصارت قوى صغيرة مثل إيران وكوريا الشمالية تهدد أمنها ومصالحها وحلفاءها.
خصوم بولتن، لأنهم لا يريدون مناقشته في قضايا مثل إيران وكوريا الشمالية لأنهم لا يستطيعون كسب الجدل فيها، فهم يلجأون إلى رميه بتهم شخصية، إنه عنصري، وإنه ضد المسلمين. في الواقع هذه أوصاف تستخدم إعلامياً في اغتيال الشخصيات. بالفعل بولتن مع التخلص من مسلمين مثل «داعش» و«القاعدة»، ويريد إسقاط نظام يلبس الإسلاموية، هو ولاية الفقيه في إيران، وضد «حزب الله» وضد حكومة كوريا الشمالية بقيادة كيم جونغ أون. لهذا على قرائي من المسلمين، ممن يخالفون رأي بولتن في هذه القضايا أن يرفعوا أيديهم! في تصوري أن غالبية الثلاثمائة وخمسين مليون عربي وإيراني هم مثل بولتن، يرون الشيء نفسه. وحتى لو كانت تقديراتي خاطئة، فإن مواقف بولتن هي مواقف قطاع واسع من سكان منطقة الشرق الأوسط، كلنا ضد التطرف والمتطرفين، مسلمين وغير مسلمين. والذي يرمي بولتن بالعنصرية وكراهية الإسلام هم الخمينيون و«الإخوان» واليسار الغربي.
بالنسبة لوعد بولتن بالاحتفال في طهران عام 2019 فالأرجح أن بولتن لن يحتفل به في موعده، أي بإسقاط نظام ولاية الفقيه. إنما حكومة طهران، ومنذ أول البارحة، عندما غرد ترمب معلناً تعيين بولتن مستشاراً للأمن القومي وهي في حالة قلق ونكد. والآن ترى أن حيلتها بالانحناء قليلاً للأوروبيين بتنازلات صغيرة لن تفلح في إيقاف الرئيس «البولدوزر» ترمب في زحفه على طهران.
بالنسبة لنا في منطقتنا، منطقة الشرق الأوسط، ورغم الفوضى والدمار، إسقاط النظام الإيراني بشكل مرتب حل مثالي لإنهاء عهد الفوضى الذي قَص شريطه الخميني عام 1979. هو، والجماعات الإسلامية المتطرفة، وأنظمة إقليمية أخرى متعاونة معها، قادوا المنطقة إلى سلسلة أزمات وحروب وإرهاب دامت أربعين عاماً، وجعلت العالم كله في توجس وخوف.
مع هذا حتى لا نشط في رفع التوقعات، ولا يساء فهم مقالي، احتمال أن يقوم ترمب وحكومة الصقور التي يقودها، بحرب مباشرة على إيران أمر مستبعد وفق مقاييس الأزمات الحالية. لكن قد تصدم هذه الإدارة معها لو أخطأ نظام طهران وتجاسر على فعل مثل ما فعله ضد الإدارة الأميركية السابقة عندما احتجزت البحّارة الأميركيين وأذلتهم على شاشات التلفزيون أمام العالم. خطوة حمقاء مثل هذه من الممكن أن تقود إلى حرب، ونحن نعرف أن ثعالب طهران ورغم مغامراتهم الكثيرة يخشون الأقوياء. ألمانيا وفرنسا لن تنجحا في تليين رأس ترمب، ولا بقية رؤوس وزرائه الصلبة؛ مستشاره بولتن، أو وزير خارجيته الجديد، أو مديرة وكالته للاستخبارات الجديدة، أو وزير دفاعه.
ضغط ترمب الهائل سيزداد على إيران، وعلى القوى والمنظمات المتحالفة معها، في العراق ولبنان وسوريا والسودان واليمن. والأرجح أن تدفع الإدارة بجهودها لتخليص الحكومة العراقية من التسلل الإيراني إلى مؤسساتها وقواتها وأجهزتها الأمنية والمالية، والضغط سيصل إلى لبنان، لتقزيم «حزب الله»، والحجر أكثر على جماعات فكرية تنظيمية مثل «الإخوان المسلمين» وإنهاء تصرفات قطر المراهقة، التي خسرت كل شيء تقريباً بسياستها الخرقاء مع الدول الأربع وبسبب تحالفها مع إيران وتركيا ضدها. إنني أراه قريباً ما كنت أعتقد أنه بعيد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكومة ترمب للحرب ضد من حكومة ترمب للحرب ضد من



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 08:22 2025 الثلاثاء ,11 آذار/ مارس

"إكس" تتعرض إلى هجوم سيبراني ضخم

GMT 16:15 2017 الجمعة ,16 حزيران / يونيو

إنفينيتي تعلن عن مزايا سيارة QX80 Monograph الجديدة

GMT 16:18 2022 الثلاثاء ,11 كانون الثاني / يناير

في مجتمعنا نساء مضطهدات…وتفسير خطأ للجندرة!

GMT 12:02 2021 الإثنين ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أولمبيك خريبكة ينفصل عن مدربه عزيز كركاش رسمياً

GMT 15:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

لائحة الغرامات المتعلقة بمخالفات السير في المغرب

GMT 06:45 2021 السبت ,02 كانون الثاني / يناير

سلمى أبو ضيف تعلن ارتباطها برئيس مجلة "فوغ"

GMT 19:22 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الهاشيمي يقترب من حمل قميص الاسود في نهائيات "أفريقيا"

GMT 15:21 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل صوص الفراولة (للحلويات والتورتات)
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib