التحريض على الإرهاب

التحريض على الإرهاب!!

المغرب اليوم -

التحريض على الإرهاب

عبد العالي حامي الدين

عندما كانت العديد من الفضائيات العربية تنشر أشرطة أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، لم يكن أحد يتهمها بنشر الإرهاب أو تقديم يد المساعدة للإرهابيين..لأن وظيفة هذه المؤسسات الإعلامية بكل بساطة هو الإخبار، ولا يتصور أن تتحول إلى قناة للتحريض على الإرهاب إلا في ذهن جورج بوش الإبن الذي سبق له أن هدد، بكل حماقة، بقصف إحدى القنوات العربية..!! التحريض على القيام بأعمال العنف موجود على الأٍرض، ومن المؤكد أن هناك تنظيمات متطرفة تستقطب بعض الشباب المغاربة الذي سقط ضحية تأطير ديني متطرف في ظل عجز مؤسسات التأطير الديني الرسمية والشعبية عن استيعاب جميع شرائح المجتمع في برامج ذات مصداقية تلبي الاحتياجات الروحية والفكرية لمجموع الشباب المغربي. ومن المؤكد أيضا أن الفكر الذي تنهل منه هذه الجماعات المتطرفة يتغذى على التناقضات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الموجودة في البلد، ويجد القابلية لانتشاره وتغلغله في البيئة الاجتماعية التي يسود فيها الحرمان والتهميش الاجتماعي والإحساس بالظلم وملاحظة الفوارق الطبقية الهائلة واتساع دائرة المنكرات .. ومن المؤكد أن العديد من الجهات والقوى الإقليمية وظفت أجهزتها الاستخباراتية لاختراق هذه الجماعات وتوظيفها في مشاريع سياسية معينة تبدأ بتصفية حسابات سياسية قديمة مع الجيران، وتنتهي بإجهاض أي محاولة للتحول الديموقراطي في المنطقة.. ومن الواضح أن المغرب مستهدف في تجربته السياسية الحالية ويمثل إزعاجا لجهات عديدة ترى في تقدم النموذج المغربي تهديدا لأنظمتها السياسية القائمة على الاستبداد العائلي المغلف بالشرعية الدينية.. التحريض الحقيقي على الإرهاب هو العودة إلى زمن الانغلاق السياسي وانسداد فضاءات التعبير عن الرأي وزرع الإحساس بوجود مناخ خانق للحريات، فكلما تقلص منسوب الحريات وضعفت مؤشرات الإدماج الاجتماعي واتسعت دائرة الفوارق الاجتماعية كلما زادت حظوظ انتشار الفكر المتطرف سواء كان دينيا أو غير ديني... ولذلك فإن الديموقراطية الحقيقية هي التي تمثل الحل الحقيقي لمشكلة التطرف وليست هناك حاجة لتعطيل الإصلاحات الديمقراطية بدعوى وجود تطرف إسلامي أو غير إسلامي.. وإذا كان من الضروري أن تتخذ المؤسسات والأجهزة الأمنية الاحتياطات الضرورية لتجنيب البلاد مخاطر أي تهديد يمكن يمس أمن المواطن وطمأنينته، فإن هذه الاحتياطات لا تمر بالضرورة عبر انتهاك حقوق الإنسان وضرب الحق في التعبير وقمع الأصوات المعارضة.. يحلو للبعض أن يستشهد ببعض القوانين الأجنبية في الدول الديمقراطية لتبرير الاعتقال الظالم لعلي أنوزلا، وهذه مسألة إيجابية على عكس ما يعتقد البعض، لأنها على الأقل توفر لنا إطارا مرجعيا يمكن أن نحتكم إليه، ونقول: في إعلان وبرنامج فيينا الصادر عن المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان سنة 1993 هناك فقرات طويلة تحيل على استقلالية القضاء والحكامة الأمنية ودور المؤسسات.. في النماذج الديموقراطية تعمل السلطات الأمنية على العموم تحت توجيه وإشراف المؤسسات السياسية، وتتولى مؤسسة البرلمان وظيفة مراقبة المسؤولين عن الأمن ومساءلتهم بشكل دوري والحيلولة دون وقوع تجاوزات من شأنها المس بكرامة الإنسان وبحقوقه الأساسية، ويتوفر القضاء على الاستقلالية الكاملة ويتمتع بالسلطة اللازمة لتطبيق القانون.. في بلادنا، يمكن أن تكون لنا مؤسسة قضائية مستقلة وسلطات أمنية تشتغل طبقا للقانون..لكن ذلك يبقى حلم المستقبل، أما الآن فلازلنا نتلمس طريقنا لبناء دولة المؤسسات الحقيقية.. وبناء عليه فإن محاكمة علي أنوزلا تبقى محاكمة سياسية ولا علاقة لها بجوهر القانون أو التحريض على الإرهاب ..زعموا..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التحريض على الإرهاب التحريض على الإرهاب



GMT 19:25 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

السلاح الذي دمّر غزّة… ويهدد لبنان!

GMT 19:24 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

شاهد عيان على الاستطلاع

GMT 19:23 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

يوم الفرار الرهيب

GMT 19:21 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

الفرق بين ترمب ونتنياهو

GMT 19:20 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

اعتدال «طالبان» ولمْع السراب

GMT 19:19 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

هل السلام مستحيل حقّاً؟

GMT 19:18 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

الأخطر من تسجيل عبد الناصر

GMT 19:17 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

«الكونكلاف» والبابوية... نظرة تاريخية

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 12:24 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحمل السبت26-9-2020

GMT 07:07 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

شائعة تبعد "مقالب رامز" عن بركان في الفلبين

GMT 19:46 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

البرلمان المغربي يصادق على مشروع قانون المالية لسنة 2020

GMT 12:54 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواصفات برج القوس ووضعه في حركة الكواكب

GMT 11:02 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

غاريدو يحمل فتحي جمال مسؤولية مغادرته للرجاء

GMT 00:38 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

سيدة ميتة دماغيًا منذ أربعة أشهر تنجب طفلة سليمة

GMT 00:01 2019 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

فان دايك يتوج بجائزة أفضل لاعب في إنجلترا

GMT 00:16 2019 الأحد ,07 إبريل / نيسان

أمل الفتح يتوج بطلا ويحقق الصعود

GMT 01:30 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

بيع أوّل نسخة في العالم من "تويوتا سوبرا GR"

GMT 01:30 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

تعرفي على أفكار لحديقة الزهور ولمسة من الجمال
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib