التخريب والممتلكات العامة

التخريب والممتلكات العامة

المغرب اليوم -

التخريب والممتلكات العامة

أمينة خيري
بقلم : أمينة خيري

مجموعة من المراهقين من الأولاد والبنات تصعد إلى عربة القطار فى لندن صعودًا صاخبًا. خليط من الغضب والتحدى والخشونة يبدو واضحا على ملامح وجوههم. الضحكات المجلجلة، وتبادل الحديث المتخم بالتنمر والسخرية فيما يبدو على أصدقاء لهم قابلوهم فى الطريق، والهزار بدفع بعضهم البعض جعل أغلب الركاب إما ينظرون لهم باستياء أو يبتعدون عن المكان الذى يقفون فيه.

الاستياء الصامت والابتعاد المريح تحولا فجأة حين بدأ أفراد المجموعة يدقون على زجاج النوافذ ويركلون المقاعد الفارغة بأرجلهم إلى مكالمات هاتفية سريعة يجريها البعض نجم عنها ما يلى: بوصول القطار المحطة التالية، كان رجل وامرأة أمن ينتظران على الرصيف المواجه للعربة تمامًا. بهدوء شديد اقتادا المجموعة وسط أسئلة مستنكرة منهم عن سبب توقيفهم. بعدها، نزل من نزل من الركاب، وصعد من صعد، ومضى القطار فى طريقه.

فهمت أن عددًا من الركاب أجرى مكالمات للإبلاغ عما يجرى، لسبب واحد لا ثانى له. لا الصخب، أو الكلمات الخارجة، أو السخرية سببت الغضب. تعلم الغالبية أن مهمتها ليست الإصلاح التربوى أو الهداية الدينية أو التقويم الأخلاقى، لكن حين يتعلق الأمر بإلحاق الضرر بالممتلكات العامة، أى الممتلكات والخدمات التى يمتلكها المواطنون من دافعى الضرائب، فقد وجب التدخل لإيقاف تخريب ما يملكون. وضمن ما يملكون أيضًا كاميرات المراقبة التى رصدت ما يجرى فى عربة القطار، وهو ما دفع فردى الأمن ممن يتم دفع جزء من رواتبهم من أموال دافعى الضرائب أيضًا إلى التواجد فى المكان لإيقاف التخريب، ومعاقبة من يقترفه بحسب النصوص القانونية التى اتفق على صياغتها ووضعها موضع التنفيذ والتطبيق دون تهاون أو تكاسل أو تراخ أو «معلهش المرة دى» أو «ياعم عادى عيال بتلعب» أو «وإحنا مالنا؟!» أو «ياعم ده قطر الحكومة مش قطر أبونا» أو غيرها.

وفى حال انتاب أحد المسؤولين عن تطبيق القانون شعور كهذا، فإنه نفسه يخضع للمحاسبة والمعاقبة، لأنه قصر فى القيام بعمله الذى يتقاضى عليه راتبه. وحتى لو كان تقصيره هذا نابعًا من معارضة للنظام الحاكم، أو رفضًا لأسلوب إدارة الدولة، أو شعورًا بظلم لأن راتبه متدنٍ أو أنه شخص متبلد بالفطرة لا مبال بالسليقة، فإنه يخضع للمحاسبة والمعاقبة أيضًا دون نقاش أو جدال.

ما الذى يدفع الجانب الأكبر من شعب ما للحفاظ على الممتلكات العامة، والوصول إلى فهم كامل بأن قيامهم بحفر أسمائهم على مقاعد الباصات أو تكسير أعمدة الإضاءة أو تهشيم إشارات المرور أو إلقاء القاذورات فى الشوارع أو احتلال رصيف دون وجه حق أو نصب كشك وغزو الرصيف بثلاجات وعلب حلويات دون تصريح ليست حرية شخصية، أو أعمالًا مبررة بدافع الفقر أو الغُلب أو سوء استخدام المنصب؟، هل يعود ذلك لاختلاف فى جينات البشر؟، أو أن بين سكان الأرض من خلقوا ملائكة وغيرهم خلقوا شياطين؟، أم ماذا؟، وللحديث بقية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التخريب والممتلكات العامة التخريب والممتلكات العامة



GMT 17:44 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

الشهادة القاطعة

GMT 17:43 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

دروز سوريا… تاريخ لا يمكن تجاوزه

GMT 17:41 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

لا تطمئنوا كثيرًا..!

GMT 17:36 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

استنزاف الشرع أم تفكيك سوريا؟

GMT 17:34 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

إعادة قراءة لتواريخ بعيون فاحصة

GMT 17:32 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

إيران دون عقوبات: تمكين الحلفاء بديل النووي

GMT 17:30 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

هل عاد زمن العطارين؟

أمينة خليل تتألق في الأبيض بإطلالات عصرية ولمسات أنثوية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 14:41 2023 السبت ,22 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.5 درجة في اليونان

GMT 07:39 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"الغجر يحبُّون أيضًا" رواية جديدة لـ"الأعرج"

GMT 15:40 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

كيفية اختيار لون المناكير المناسب

GMT 23:58 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

ساني يهزم نيمار في سباق رجل جولة دوري أبطال أوروبا

GMT 19:43 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

البدواوي يكشف أن "حتا" شهدت إقبالاً كبيراً من السياح

GMT 14:00 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي "إشبيلية" يرغب في التعاقد مع ماركوس يورينتي

GMT 00:51 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

التلفزيون الملون لم يدخل بيوت الآلاف في بريطانيا

GMT 00:29 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

صفية العمري تؤكّد أنها تبحث عن الأعمال الفنية الجيدة فقط
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib