لندن - المغرب اليوم
تعيش هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" أزمة قيادة غير مسبوقة بعد استقالة مديرها العام تيم ديفي والمديرة التنفيذية للأخبار والشؤون الجارية ديبرا تيرنِس، في تطور اعتبرته صحيفة التلغراف مؤشراً على مرحلة معقدة قد تهز توازن المؤسسة العريقة في لحظة حساسة من تاريخها.
وقالت الصحيفة في مقال للكاتب روبرت منديك إن توقيت الاستقالتين يحمل دلالات عميقة، إذ يأتي بينما تبدأ الحكومة البريطانية والهيئة نقاشات تجديد "ميثاق بي بي سي"، الذي يحدد علاقتها بالدولة وتمويلها والتزاماتها التحريرية كهيئة خدمة عامة. وتزامن ذلك مع نقاشات حول رفع رسوم الرخصة السنوية إلى 181 جنيهاً إسترلينياً في ظل منافسة حادة من المنصات الرقمية المدفوعة، ما يثير تساؤلات حول مستقبل نموذج البث العام وقدرته على البقاء.
ورغم أن ديفي أرجع قراره إلى "ضغوط شخصية ومهنية"، تشير التلغراف إلى أن الاستقالة لا يمكن فصلها عن الضجة التي أثارتها مذكرة داخلية مسربة تضمنت اتهامات بتعديل خطاب للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في تغطية أحداث اقتحام الكابيتول، إلى جانب نقاشات داخل غرف الأخبار حول التحيز في تغطية الحرب في غزة وقضايا الهوية الجندرية. وترى الصحيفة أن هذه القضايا عمّقت الانقسامات الداخلية حول ما إذا كانت المؤسسة ما تزال قادرة على الحفاظ على حيادها في القضايا السياسية والاجتماعية الحساسة.
وتأتي استقالة ديبرا تيرنِس، التي اعترفت بمسؤوليتها عن الأزمة في رسالة إلى العاملين، لتضاعف من حدة الموقف داخل الهيئة، إذ يغادر القائدان الأعلى للهرم الإداري في وقت لا توجد فيه قيادة بديلة واضحة. وتشير التلغراف إلى أن كيت فيليبس، رئيسة المحتوى الحالية، لا تزال حديثة العهد بمنصبها، ما يجعل بي بي سي في "فراغ قيادي" حقيقي.
ويواجه مجلس إدارة الهيئة خيارين صعبين: إما تعيين شخصية خارجية لإعادة هيكلة الإدارة بمقاربة جديدة، أو الاستعانة بأحد القيادات السابقة كما حدث عندما عاد توني هول في عام 2020 لاحتواء أزمة "نيوز نايت". وتطرح الصحيفة عدة أسماء محتملة، منها جين تورتون وشارلوت مور وجاي هانت وكارولين مكول وأليكس ماهون، لكنها تشير إلى أن المنصب بات "عبئاً سياسياً وإعلامياً" بسبب الضغوط المتزايدة من البرلمان والحكومة والرأي العام.
وترى الصحيفة أن الأزمة الحالية تتجاوز الأسماء والقيادات، إذ تفتح الباب أمام سؤال جوهري حول ما إذا كانت بي بي سي قادرة على التكيف مع التحولات التكنولوجية والسياسية، والحفاظ على استقلالها كمؤسسة عامة وسط تصاعد الاتهامات بالتحيّز والانحياز السياسي.
ومع غياب قيادة واضحة وتزايد التحديات المالية والمهنية، تقول التلغراف إن "الأمور قد تصبح معقدة للغاية داخل بي بي سي" في الأشهر المقبلة، بينما تترقب الأوساط الإعلامية والسياسية البريطانية مسار الإصلاحات التي ستحدد ملامح مستقبل المؤسسة الأشهر في الإعلام العالمي.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
اتهامات لهيئة الإذاعة البريطانية بالتحيز للمقاومة الفلسطينية
المؤسسات الصحافية تتجه لتعزيز مكانتها على "إنستغرام"


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر