«قمة فلسطين» وترمب تضارب الأجندات والمصالح

«قمة فلسطين» وترمب: تضارب الأجندات والمصالح

المغرب اليوم -

«قمة فلسطين» وترمب تضارب الأجندات والمصالح

سام منسى
بقلم - سام منسى

بعد القمة العربية الطارئة في القاهرة التي اعتمدت المشروع المصري لإعادة إعمار غزة والرفض القاطع لتهجير الفلسطينيين منها، وتشكيل لجنة تكنوقراط تتولى إدارتها تحت إشراف السلطة الفلسطينية، وعدّ السلام الخيار الاستراتيجي القائم على حل الدولتين ونشر قوات دولية في الضفة الغربية والقطاع، أطلّ الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الكونغرس بخطاب هو الأطول في تاريخ أميركا دام 100 دقيقة، متمسكاً «بالاستيلاء» على غزة، وإخلاء مليوني فلسطيني، وإعادة بناء المنطقة من دون ضمانات بعودتهم. لم تأخذ العلاقات الخارجية أكثر من خمسة في المائة من الخطاب؛ بحسب شبكة «سي إن إن»، تناول أكثرها خططه للتعامل مع كندا والمكسيك والحرب الأوكرانية، ورغبته في الاستيلاء على قناة بنما وجزيرة غرينلاند في الدنمارك ومستقبل الحلف الأطلسي، والحيز الذي تبقى لـ«الشرق الأوسط» كان ضئيلاً جداً. وسبق لترمب أن أجاب رداً على سؤال بشأن غزة إنه يترك الأمر لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ليعود ويهدد مجدداً «بالجحيم» إذا لم يتم الإفراج عن الرهائن كافة.

بدا الخطاب حزبياً انتخابياً وليس معهوداً في التقليد، خاصة ضد رئيس سابق أكثر منه خطاب رئيس الدولة الأعظم. منذ توليه منصبه وفي خلال أسابيع، أصدر ترمب سيلاً من الأوامر التنفيذية، واتخذ إجراءات داخلية قام فيها بطرد موظفين حكوميين والعفو عن مثيري الشغب، كما اعتمد إجراءات خارجية جمد بموجبها المساعدات الخارجية وقلب التحالفات الدولية، مثيراً التوتر مع حلفاء أميركا التقليديين في أوروبا وجنوب آسيا، مثل اليابان وكوريا الجنوبية وغيرهما، وصعّد الحرب التجارية مع الصين ليمد بالتزامن غصن السلام إلى روسيا. عندما تعمد الدولة الأكبر في العالم إلى قلب سياستها الخارجية رأساً على عقب، وإحداث تغييرات استراتيجية في مساراتها، فلا بد من ربط الأحزمة.

كيف يمكن مواجهة هذه الهجمة على أكثر من جبهة؟ وماذا يريد ترمب من الشرق الأوسط؟ وكيف يمكن الأخذ معه لا سيما مع التمسك بالحقوق الفلسطينية ومنع تنفيذ تهجير مليوني فلسطيني، إضافة إلى ما تتعرض إليه الضفة الغربية وسياسات نتنياهو تجاه لبنان وسوريا معاً، وإمكانية تجدد الحرب في غزة، خاصة إذا تعثرت المفاوضات بين «حماس» والأميركيين، حيث تتسرب أنباء عن ذلك؟

مقررات قمة فلسطين هي في الواقع الحد الأدنى المتاح وسط هذه الظروف، والأرضية الصالحة للتفاوض مع الولايات المتحدة التي مع إعلانها التمسك بخطة ترمب، تركت الباب مفتوحاً أمام مزيد من المحادثات «لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة»، بحسب الناطق باسم مجلس الأمن القومي براين هيوز. وفي سياق المحادثات المرتقبة، يبرز إعلان الكرملين الاستعداد لدور وساطة بين واشنطن وطهران لتقريب وجهات النظر حيال الملف النووي الإيراني. إذا قدّر لهذه الوساطة أن تثمر مفاوضات أميركية - إيرانية، فإنه قد يؤدي ذلك إلى توتر العلاقة بين نتنياهو وترمب؛ إذ لإسرائيل مقاربتها الخاصة تجاه إيران عامة ودورها في المنطقة، وخاصة مستقبل مشروعها النووي. السياسة الإسرائيلية في هذا الشأن لا تتوافق بالضرورة مع سياسة البيت الأبيض، وثمة احتمالات كبيرة بألا ترضى إسرائيل عن الاتفاق الأميركي - الإيراني بشأن الملف النووي الذي قد يتم التوصل إليه، ما قد يسفر عن تباينات واسعة بين ترمب ونتنياهو رغم الكيمياء الإيجابية بينهما. إلى ذلك، هناك مساحة لتباينات في قضايا أخرى، أهمها رغبة ترمب في توسيع الاتفاقات الإبراهيمية، علماً بأن سياساته تجاه الفلسطينيين تبقى عقبة رئيسة أمامها، إنما العقبة الأهم هي نتنياهو نفسه وحلفاؤه في اليمين المتشدد ومواقفهم الرافضة كلياً لفكرة حل الدولتين والتسوية الشاملة؛ وفقاً للرؤية العربية التي أكدت عليها القمة. إن رؤية ترمب لتوسيع هذه الاتفاقات والتوصل إلى تسوية شاملة للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، ترتكز على المنافع الاقتصادية والمالية والصفقات الكبرى دون أفق سياسية تعي أن الطريق غير معبدة أمام قبول العرب بالتطبيع من دون حقوق الفلسطينيين، وغير معبدة بقبول إسرائيل بهذه الحقوق. طبعاً العلاقات الأميركية - الإسرائيلية استراتيجية وعميقة ويصعب أن تتزعزع، إنما يمكن للعمل العربي المشترك والمتماسك أن ينفذ من بين الشقوق المتوقعة لمنع تنفيذ المشروع الأميركي - الإسرائيلي لغزة، وتسويق خطة القاهرة لإعادة الإعمار ومشروع السلام العربي، وأخذ مواقف الدول الأوروبية بعين الاعتبار، والإفادة منها لصالح هذا المشروع.

المهمة شاقة للتفاهم مع هذه الإدارة الأميركية، وإنما سحب الأعذار من نتنياهو وترمب مسألة في غاية الأهمية، وأبرزها القدرة على ممارسة أقصى الضغوط على «حماس» لخروجها من القطاع لأن أي وجود عسكري أو سياسي منظم لها في غزة يساوي تجدد الحرب. لا إعمار أو مساعدات مع الإصرار على التغني بالانتصار وعدم التخلي عن السلاح، ومحاكاة خطاب «حزب الله» في لبنان الذي يعاني من الإشكالية نفسها.

مشهد الكونغرس مقلق: انقسامٌ سياسي حاد، ومخاوف من تداعيات إجراءات ترمب، وشبه انعدام لأي رؤية للشرق الأوسط، يصعب ما إذا كانت هذه التطورات لها تأثير على الصراع في المنطقة، والأرجح أن السلام ما زال بعيداً

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«قمة فلسطين» وترمب تضارب الأجندات والمصالح «قمة فلسطين» وترمب تضارب الأجندات والمصالح



GMT 19:25 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

السلاح الذي دمّر غزّة… ويهدد لبنان!

GMT 19:24 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

شاهد عيان على الاستطلاع

GMT 19:23 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

يوم الفرار الرهيب

GMT 19:21 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

الفرق بين ترمب ونتنياهو

GMT 19:20 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

اعتدال «طالبان» ولمْع السراب

GMT 19:19 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

هل السلام مستحيل حقّاً؟

GMT 19:18 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

الأخطر من تسجيل عبد الناصر

GMT 19:17 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

«الكونكلاف» والبابوية... نظرة تاريخية

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 21:08 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

الأحداث المشجعة تدفعك?إلى?الأمام?وتنسيك?الماضي

GMT 03:15 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نجاة ممثل كوميدي شهير من محاولة اغتيال وسط بغداد العراقية

GMT 08:02 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

آرسين فينغر الأقرب لتدريب ميلان خلفًا لغاتوزو

GMT 04:11 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

صابرين سعيدة بـ"الجماعة" وتكريمها بجائزة دير جيست

GMT 14:57 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

عمرو الليثي يستضيف مدحت صالح في "بوضوح" الأربعاء

GMT 14:14 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

المدن المغربية تسجّل أعلى نسبة أمطار متساقطة خلال 24 ساعة

GMT 03:21 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

ظروف مشحونة ترافق الميزان ويشهد فترات متقلبة وضاغطة

GMT 06:15 2017 الجمعة ,24 آذار/ مارس

ورم الكتابة

GMT 12:25 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح منزلية لتنظيف وتلميع الأرضيات من بقع طلاء الجدران

GMT 06:32 2017 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مجرد درس مغربي آخر !

GMT 01:26 2016 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

ريم مصطفى تؤكد أنها ستنتهي من "نصيبي وقسمتك" بعد أسبوع

GMT 11:30 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات شعر بها سكان الحسيمة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib