أنينُ الإبداعِ بين شاشتين

أنينُ الإبداعِ بين شاشتين

المغرب اليوم -

أنينُ الإبداعِ بين شاشتين

مشاري الذايدي
بقلم : مشاري الذايدي

كنتُ في جلسة نقاشٍ مع أصدقاءَ، كان موضوعُها عن تراجع قدرةِ المتلقّين للمنتجاتِ العلميةِ والفكريةِ والفنية على التَّفاعل مع المنتجاتِ الرَّفيعة، ما يعنِي تراجعَ رغباتِ المبدعين بسببِ تراكمِ الإحباط.

هذا نقاشٌ مألوفٌ وشكوى متكررةٌ في هذا الزَّمن، لكنَّ الجديدَ هو الفكرةُ التي أثارها صديقٌ من أصدقاءِ الجلسة، الذي قالَ: لِمَ لا تقولون إنَّ المبدعَ نفسَه انحطَّت موهبتُه وانحلت عزيمتُه ولَانَ عزمُه، بسببِ تشتُّتِ ذهنِه ونفسه، مثل الآخرين، فهو مثلهم يملك هاتفَه الجوال الذي هو نافذته إلى كلّ ثرثرات وملهياتِ العالم، وأيضاً نافذته على حياتِه الاجتماعية (واتساب مثلاً) وأيضاً الحياة العملية (رسائل العمل واجتماعات «الزوم» مثلاً).

مَن السَّبب في تراجعِ الإبداع... المتلقي أم المبدع؟! أم عصر الانفجار التواصلي؟!

عن موضوعِ تراجع الدراما، ضمن مظاهر الإبداع، كتبَ فيل هاريسون في صحيفة «إندبندنت» البريطانية عن هذه الظاهرة العصريةِ الجديدة المرتبطةِ بنمط المشاهدة الجديدة على أسلوبِ التَّصفح السَّريع وتمريرِ الشاشة.

جاءَ في التَّقرير نقلاً عن المخرجة جوستين بيتمان في حديثها إلى منصة «هوليوود ريبورتر» عام 2023 أنَّ صناعَ الأعمال كثيراً ما يتلقون ملاحظات بأنَّ المَشاهدَ ليست «ملائمة بما يكفي للشاشة الثانية»، والمقصود أنَّ المُشاهدَ يتابع العمل على الشاشة الرئيسية (التلفزيون مثلاً)، في حين ينشغل في الوقت ذاتِه بشاشة أخرى (الهاتف أو الحاسوب اللوحي) للتفاعل عبر وسائل التواصل أو القيام بأنشطة موازية، أي لا تجذب انتباه مشاهدٍ يتنقل بين التلفزيون وهاتفه.

يشرح الكاتب فيل هاريسون أنَّنا اليوم أمام ما يمكن تسميته «التلفزيون القائم على التصفح المستمر Scroll TV»، نمط من المحتوى التلفزيوني أو الرقمي الذي يستهلك بطريقة مشابهة لتصفح المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي.

إنَّه تلفزيون يُشبه تناولَ كيس كبيرٍ من قطع الحلوى الصغيرة: تابع التصفح، تابع المشاهدة، فأنت تعرف أنَّك لن تقاوم. وبعدها، ستشعر بالوهن حين يتبخَّر مفعول السكر، ممتلئاً حتى التخمة لكن بلا غذاءٍ حقيقي، غير أنَّه شعور مؤجل، مشكلة ستواجهها لاحقاً.

الغريب أنَّه ورغم وجود إبهار بصري وإتقان في «أدوات» العرض مثل الصوت والموسيقى و«اللوكيشن» وطرق التصوير الإبداعية والغرافيكس... إلخ، فإنَّ ذلك لا يعكس عمقاً مؤثراً يبقى في النفس زمناً طويلاً.

ينبّهُنا التقرير إلى أنَّه نعم: تستخدم عوامل الجودة -مثل طواقم التمثيل الممتازة، وتكاليف الإنتاج العالية، والانطباع العام بالثقل والجدية- لكن لملامسةِ السطح فقط!

آهٍ على فكرة، إذا تركت النهاياتِ مفتوحة فقد يكون هناك موسمٌ ثانٍ لاحق!

هذي هي ثقافة الوقت، لكنَّها ليست نهاية المطاف، بل قد تكون مقدمةً لفصلٍ جديد من التفاعل الإبداعي إنتاجاً وتلقّياً، لأنَّ الإنسان أكرمُ وأخطرُ من حصره في سطوحِ الأشياء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنينُ الإبداعِ بين شاشتين أنينُ الإبداعِ بين شاشتين



GMT 14:47 2025 السبت ,27 أيلول / سبتمبر

عن الاعترافات الدوليّة بالدولة الفلسطينية

GMT 14:45 2025 السبت ,27 أيلول / سبتمبر

جلسة على مائدة الرئيس الحبيب بورقيبة

GMT 14:41 2025 السبت ,27 أيلول / سبتمبر

قراءة في الاعتراف الدولي بفلسطين

GMT 14:37 2025 السبت ,27 أيلول / سبتمبر

نتنياهوــ ترمب... والاحتلال العكسي

GMT 14:32 2025 السبت ,27 أيلول / سبتمبر

الدفاع والحرب !

GMT 14:29 2025 السبت ,27 أيلول / سبتمبر

الطريف.. والأشد طرافة

GMT 14:26 2025 السبت ,27 أيلول / سبتمبر

القذافى فكرة

GMT 14:13 2025 الجمعة ,26 أيلول / سبتمبر

اعتذارات

الأناقة الكلاسيكية تجمع الملكة رانيا وميلانيا ترامب في لقاء يعكس ذوقًا راقيًا وأسلوبًا مميزًا

نيويورك - المغرب اليوم

GMT 20:51 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

النصيري يسجل ويهدي فنربخشة ثلاث نقاط غالية

GMT 14:33 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية العام فرصاً جديدة لشراكة محتملة

GMT 22:53 2018 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

سناء إبراهيم تحصد لقب بطولة إنجلترا لناشئي الاسكواش

GMT 11:41 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد زاهر يعلن عن أهم أصدقائه داخل الوسط الفني

GMT 08:24 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فندق "لو غراي" نقطة الوصل بين جبل لبنان وبحره

GMT 07:18 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

استمتعي بعطلة فخمة في "Carmel Charme كارمل شارم "في البرازيل

GMT 13:23 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

عريس يقتل زوجتة بعد سبعة أيام من حفل الزفاف

GMT 10:07 2023 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

الأزياء المبهجة والعصرية يصاحبان روبي في 2023

GMT 09:15 2021 الأربعاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

ميساء مغربي تخطف الأنظار بإطلالة مميزة في جدة

GMT 18:55 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

خام "برنت" يتراجع بنسبة 0.09% الى 77.55 دولار للبرميل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib