بقلم : سليمان جودة
آخر الإحصاءات اليابانية تقول إن الرئيس الروسى بوتين لم يكن فى حاجة إلى حديث جانبى مع الرئيس الصينى شى جينبينج عن تكنولوجيا إطالة العمر. كان الرئيسان قد التقيا فى قمة شنغهاى فى الصين أول سبتمبر، وكان بوتين قد همس إلى شى بأن التكنولوجيا الحيوية وزراعة الأعضاء تستطيع إطالة عمر الإنسان إلى ١٥٠ سنة.
الطريف أن الرئيسين كانا يتبادلان الحديث على أنه همسات بينهما، ولكن الحقيقة أن الميكروفون كان مفتوحاً بغير قصد، فسمع الحاضرون تفاصيل الحديث الغريب، وتسرب حديثهما إلى أنحاء العالم فى كل مكان!
ولكن الأشد طرافة أن اليوم نفسه الذى دارت فيه همسات الرئيسين شهد الإعلان عن إحصائية فى اليابان تقول إن مائة ألف يابانى تزيد أعمارهم على المائة سنة، وأن ذلك يحدث فى الوقت الذى تشهد فيه البلاد انخفاضًا غير مسبوق فى عدد السكان. ومن علامات الانخفاض المقلق للحكومة اليابانية أن اليابانيين نقصوا ٩٠٠ ألف فى ٢٠٢٤! أما هؤلاء المائة ألف فلقد تخطوا المائة سنة بغير حاجة إلى تكنولوجيا حيوية من نوع ما كان بوتين يتحدث عنه، وبدون حاجة إلى زراعة أعضاء من نوع ما كان هو يهمس به للرئيس شى.
أكبر المائة ألف سيدةٌ درست الطب وعمرها ١١٤ سنة، وتقول إنها تشاهد التليفزيون وتقرأ الصحف وتتحرك بشكل عادى، وأن السبب فى حيويتها أنها اعتادت من الصغر ممارسة رياضة المشى، وأن هذه الرياضة بالذات تمنح الإنسان قدمين قويتين.
السر الذى تكشف عنه المُعمرة اليابانية أنها تمشى كثيرًا، وأن الإنسان إذا كان فى مقدوره أن يمارس الكثير من الرياضات، فالمشى أهمها رغم أنه لا يكلف الشخص شيئًا. ففى إمكان أى شخص أن يمشى فى النادى القريب من بيته، فإذا عز عليه النادى مشى فى الشارع، فإذا خذله الرصيف فى الشارع مشى فى بيته، ولكن المهم ألاّ يتوقف عن الحركة التى تمنحه الحيوية.
ولكن هذا كله لا يهم الحكومة اليابانية فى شيء، وإنما يهمها التناقص غير المفهوم فى عدد السكان، ويخيفها أن يتواصل التناقص الذى بدأ قبل سنوات ولا يريد أن يتوقف، وقد وصف رئيس الحكومة فى طوكيو ما يحدثُ بأنه: حالة طوارئ صامتة!
الزيادة فى السكان ليست نقمة فى كل حالاتها، ويمكن أن تكون نعمة من النعم، خصوصًا إذا كانت زيادة متعلمة، ومنتجة بالتالى، وليست مجرد رقم بين أرقام.