الفيلم البدوي «هوبال» جماليات السينما تقفز فوق حاجز اللهجة

الفيلم البدوي «هوبال» جماليات السينما تقفز فوق حاجز اللهجة!

المغرب اليوم -

الفيلم البدوي «هوبال» جماليات السينما تقفز فوق حاجز اللهجة

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

اختار المخرج السعودى عبدالعزيز الشلاحى لحظة زمنية فارقة أوائل التسعينيات ١٩٩٠ التى شهدت الغزو العراقى للكويت وبداية المعركة للتحرير.الشخصيات الدرامية قليلة جدا، ليبدو اتساع الصحراء وكأنه يلتهمها، تلك المساحات تمنح المخرج قدرة على أن يجعل الصحراء جزءا مكملا وحميما من الإطار التعبيرى والجمالى فى (الكادر).

يؤدى دور الجد إبراهيم الحساوى، يقدمه السيناريو أقرب إلى شخصية تمزج بين الحكمة والسحر والصرامة، فهو يرى أن كل ما نتابعه فى السماء من طائرات تحلق استعدادًا للمعركة، هى رسالة مضمرة من الله تعنى شيئا واحدا اقتراب الدنيا وفناء العالم، وعلى كل إنسان تحضير أوراقه النهائية، هكذا اعتبرها (شفرة) منحها له الله، إحدى علامات (الساعة)، وعليه مسرعًا أن يلوذ بالصحراء ليحتمى بها هو وأبناؤه، وكأنه يعود إلى رحم الدنيا من خلال مفردات البيئة الصحراوية، التى تخاصم المدنية، ونرى حتى العقارب صارت جزءًا من الحكاية.

البيئة الصحراوية تحمل صرامة الطبيعة، وأيضا صرامة فى البناء الدرامى للشخصيات، التى تعبر عن مواقف فى الخضوع المطلق، للجد الذى يمثل سلطة تصدر الأوامر المطلقة، وعلى الجميع الخضوع لها.

الصراع يبدأ مع اعتراض أحد الأبناء لتعلقه بمن يحبها وهى أيضا مريضة، تحتاج إلى رعاية طبية خاصة لا تتوفر فى الصحراء، وينضم إليه أيضا فريق آخر، الذروة تتحقق عندما يختفى الجد الثمانينى ويصبح مصيره مجهولًا، لا ندرى الحقيقة، هل رحل أم اختفى عن قصد أم أنه ضل الطريق؟.

ويبرق السؤال هل يظل الأبناء والأحفاد خاضعين له، هذا العمق يذكرنى بقصة قصيرة لدكتور يوسف إدريس أخرجها مروان حامد فى أول أفلامه الروائية (المتوسطة الطول) ٤٥ دقيقة، (أكان لابد يا لى لى أن تضيئى النور)، عندما أطال إمام الجامع السجود، ولم يجرؤ أحد على النهوض بدون إذنه، بينما هذه المرة تباينت ردود الأفعال بين الانصياع والتمرد، وظل المعنى عميقًا مسيطرًا على حالة الفيلم، المخرج (الشلاحى) سبق أن شاهدت له فيلمى (حد الطار) و(المسافة صفر)، دائما لديه إطلالة اجتماعية تتجاوز سقف السرد السينمائى، وفى عمق أفلامه دائما ما يمنح المتفرج مساحة لكى يعيد هو القراءة، ومن ثم اصطياد المعنى الكامن بين اللقطات، يبقى أن أقول لكم إن عنوان الفيلم (هوبال) يعنى حداء الإبل للارتباط الوثيق بينها والصحراء.

الفيلم يعرض رسميًا بالمهرجان ولكنه لا يتسابق على الجوائز، واللكنة التى ينطقون بها صحراوية وذلك لمنح الشريط قدرا كبيرًا من المصداقية، إلا أنها فى نفس الوقت تشكل صعوبة فى التلقى وتحديدًا لمن هم غير خليجيين، عمومًا اللهجة السعودية مفهومة، بينما عند استخدام لهجة صحراوية يصبح الحل الأمثل هو شريط أسفل الشاشة نقرأ عليه الحوار.

وبالمناسبة هذه الدورة شاهدت العدد الأكبر من أفلام المغرب العربى، تونس والجزائر والمغرب، وبها تتر للغة عربية مبسطة للحوار، لعب دور إيجابى جدا لصالح تلك الأفلام.

كان فى الماضى الاقتراب من تلك القضية يثير الغضب الممزوج بحساسية مفرطة، ولكن مهرجان (البحر الأحمر) تمكن هذه الدورة من القفز فوقها، والتقيت المخرج الجزائرى المخضرم، مرزاق علواش الذى عرض له فى المسابقة هذا العام فيلمه (الصف الأول) ووجدته سعيدا جدا بفكرة كتابة لغة عربية مبسطة تساهم فى التعاطى مع الحوار، لأنها أدت إلى اتساع جمهور الفيلم.

فى الماضى القريب كان الاشتباك مع هذه القضية وفتحها الملف فى المغرب العربى أشبه بتفجير لغم مدفون تحت الأرض منذ سنوات وقابل للاشتعال فى كل لحظة.. إنها الانتقال اللغوى من اللهجة العربية المحلية إلى اللغة العربية «الثالثة» المقصود– بتعبير– الثالثة المتداولة التى تقف بين الفصحى والعامية، ويطلقون عليها أيضًا «اللهجة البيضاء» يستوعبها كل مواطن عربى، كتابة الحوار باللغة العربية على الأفلام (المغاربية) أتصور أنها قد لعبت دورًا إيجابيًا لصالح معايشة تفاصيل الأفلام.

ما حدث فى «البحر الأحمر» بكتابة حوار الأفلام المغاربية على الشاشة، خطوة إيجابية قفزنا من خلالها على تلك الحساسية، على أمل أن تنتقل القفزات إلى كل المهرجانات العربية الأخرى بدون أدنى حساسية!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفيلم البدوي «هوبال» جماليات السينما تقفز فوق حاجز اللهجة الفيلم البدوي «هوبال» جماليات السينما تقفز فوق حاجز اللهجة



GMT 17:44 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

الشهادة القاطعة

GMT 17:43 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

دروز سوريا… تاريخ لا يمكن تجاوزه

GMT 17:41 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

لا تطمئنوا كثيرًا..!

GMT 17:36 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

استنزاف الشرع أم تفكيك سوريا؟

GMT 17:34 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

إعادة قراءة لتواريخ بعيون فاحصة

GMT 17:32 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

إيران دون عقوبات: تمكين الحلفاء بديل النووي

GMT 17:30 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

هل عاد زمن العطارين؟

أمينة خليل تتألق في الأبيض بإطلالات عصرية ولمسات أنثوية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 14:41 2023 السبت ,22 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.5 درجة في اليونان

GMT 07:39 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"الغجر يحبُّون أيضًا" رواية جديدة لـ"الأعرج"

GMT 15:40 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

كيفية اختيار لون المناكير المناسب

GMT 23:58 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

ساني يهزم نيمار في سباق رجل جولة دوري أبطال أوروبا

GMT 19:43 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

البدواوي يكشف أن "حتا" شهدت إقبالاً كبيراً من السياح

GMT 14:00 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي "إشبيلية" يرغب في التعاقد مع ماركوس يورينتي

GMT 00:51 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

التلفزيون الملون لم يدخل بيوت الآلاف في بريطانيا

GMT 00:29 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

صفية العمري تؤكّد أنها تبحث عن الأعمال الفنية الجيدة فقط
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib