لا مبرر للبكاء على رائحة الحبر
هانيبال القذافي يغادر سجن بيروت بعد عشر سنوات من التوقيف في قضية اختفاء الإمام موسى الصدر تركيا تؤكد على وحدة سوريا وتحذر من مخاطر تقسيمها ترامب يهدد بمقاضاة BBC بعد كشف تلاعب تحريري في وثائقي حول أحداث الكابيتول تجمعات مؤيدة ومعارضة أمام البيت الأبيض خلال أول لقاء بين ترامب والرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع نتنياهو يدعو إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية بشأن أحداث السابع من أكتوبر 2023 في خطاب مثير للجدل أمام الكنيست الولايات المتحدة تنفذ ضربتين جوّيتين ضد قاربين لتهريب المخدرات في المحيط الهادئ وتقتل 6 أشخاص وسط جدل قانوني دولي إعتقالات واعتداءات إسرائيلية على الفلسطينيين في الخليل والقدس ورام الله مع تحطيم قبور بمقبرة باب الرحمة منظمة الصحة العالمية تحذر من أزمة إنسانية في غزة مع انتظار أكثر من 16 ألف مريض للعلاج في الخارج رحيل المطرب الشعبي إسماعيل الليثي بعد تدهور حالته الصحية عقب حادث سير وحزن مضاعف بعد عام من فقدان إبنه مقتل فلسطينيين أحدهما طفل في قصف إسرائيلي شرق خان يونس
أخر الأخبار

لا مبرر للبكاء على رائحة الحبر

المغرب اليوم -

لا مبرر للبكاء على رائحة الحبر

غسان شربل
بقلم : غسان شربل

اخترت زاوية في المقهى لكتابة مقالي. منعني انقطاع الكهرباء في بيروت من الكتابة في المنزل. ولا مشكلة في الأمر، فأنا لست مصاباً بطقوس الكتابة. لا تسمح المهنة بمثل هذه الرفاهية. لا بدَّ من الكتابة في البيت أو الفندق أو المطار أو القطار. بدأت الكتابة عن العراق الذي يتقلَّب على نار التغريدات وسط تعطل المؤسسات. فجأة اقتربَ مني أحد قراء «الشرق الأوسط» وسألني إن كانت لديَّ بعض دقائق. وأنا لديَّ دائماً أكثر من دقائق، لأنني لا أعمل في مهنة أخرى ولا أجيد.
توقَّعت أن يلفتني القارئ إلى خطأ ما في اللغة أو طريقة التناول أو التعامل مع حدث شائك. والحقيقة أنَّني اعتبر محكمة القارئ أقسى المحاكم التي نمثل أمامها. ولا أجد غضاضة في الاعتراف بخطأ أو تقصير، فقد أثبتت التجارب أن لا شيء يقتل الصحيفة والصحافي كالغرور الذي يمنع التصحيح والتصويب. أخطأت التقدير إذ إنَّ الأسئلة كانت أبعد من ذلك. سألني إن كنت أعتقد أنَّ الصحافة في طريقها إلى الموت، لافتاً إلى أن القارئ بات يغرق في بحر من المواقع وكثير منها يفتقر إلى الصدقية والمهنية الصارمة. وكان ردّي أنَّ الصحافة لا تموت تماماً كالأغاني والوشايات والتقارير لكنَّها تتبدّل. وقلت إنّه يبقى على قيد الحياة من يستحق الحياة، أي من لا يقع أسير قدسية الماضي، ويرفض ما يدخله العصر من تغييرات في الروح والأزياء.
لفتني إلى أنَّه لم يعد يثق بما يقرأ في مواقع التواصل الاجتماعي حيث تلمع العصبيات وتتدفَّق الكراهيات. أجبت أنَّ التطور سريع كتلاحق الأمواج وأنَّ التجربة وحدها ستفرض التسليم بحد من الضوابط المهنية، وإيجاد صيغ قانونية حديثة تحمي الأفراد والمجتمعات من المتفجرات التي توزعها الميول الشعبوية وعقلية المزايدات، والسعي إلى توسيع الانتشار بأي ثمن حتى لو اقتضى الأمر المتاجرة بأخبار رخيصة أو مؤذية.
طال النقاش. قال الرجل المسنُّ إنَّه يشعر بالغربة في بحر الإعلام الحالي. تحدَّث عن متعة تقليب الصحيفة مع قهوة الصباح. قال إنَّ العلاقة مع الأخبار عبر الهاتف تفتقد إلى الثقة والحرارة واللمسة الشخصية. لاحظ أنَّني لم أدافع عن هذا الماضي العريق مبدياً أسفه لغياب رائحة الحبر التي كانت تربط القارئ بالكاتب.
أكنُّ تقديراً عميقاً للمحبّرين والمصابين بالحنين إلى رائحة الحبر. لكن تجربتي تفيد، بعد العمل في 3 صحف هي «النهار» و«الحياة» و«الشرق الأوسط»، بأنَّ التكنولوجيا أكثرُ وفاء للكتاب والصحافيين من رائحة الحبر. أخذت التكنولوجيا مقالاتهم ومواضيعهم إلى أماكن كان يتعذّر على الحبر الوصول إليها. حفظت إنتاجَهم وجنّبته شيخوخة الأوراق والكتب وتجعد الصفحات واصفرارها. التجربة نفسها تقول إنَّ الجلوس على ضفة النهر لا يعد بغير البكاء على الماضي. لا بد من الخوض في النهر. نهر العصر والتحول والتغير والابتكار واكتساب مهارات جديدة وأساليب جديدة. الموت عقاب من لا يتحول، سواء أكان فرداً أم مؤسسة.
لا يمكن إنكار الدور الذي لعبته المؤسسات العريقة في إعداد أجيال من الصحافيين. تعلمت أنَّ العمل الناجح هو ثمرة عمل فريق وتوزيع دقيق للأدوار. وأنَّ زمن اللاعب الوحيد مضى وانقضى. تحتاج إلى هداف ومدافع وقلب وسط وحارس مرمى ومدرب، وتحتاج قبل ذلك إلى التناغم وروح الفريق. وتعلمت أنَّ تعدد النجوم يثري الروح والمكان، ويغري أجيالاً جديدة بالاندفاع في الشغف والتمرس وتسلق السلم عن استحقاق. كان الصحافي الوافد إلى المؤسسة يجد نفسه أمام أساتذة كبار وأسماء لامعة، فيُشعره ذلك بالحاجة الملحة إلى القراءة والاستماع وإغناء الشغف بالمعارف. كانت المؤسسات جذابة، ولهذا يلقي الصحافيون بأعمارهم فيها ويتحمّلون شظف المهنة في المكاتب والميادين.
تذكرت وأنا أكتب عن الإعلام أنَّه في مثل هذا اليوم من العام 1978 ولدت «الشرق الأوسط» في لندن. اختارت أن تكونَ «صحيفة العرب الدولية». وأن تكونَ حاضرة في قارات عدة. وأن تحملَ العالم إلى قارئها العربي. وأن تنقلَ إلى العالم شؤون العالم العربي وشجونه. ومنذ ولادتها حرص ناشراها ومن تعاقب على رئاسة تحريرها على قيم لا يجوز التفريط فيها. قيم الاعتدال والانفتاح والمهنية واحترام عقل القارئ، والقبول به محاوراً وشريكاً ورقيباً. تحوَّلت «الشرق الأوسط» ذاكرةً للشرق الأوسط. كانت حاضرة في الانعطافات الكبرى التي عاشتها المنطقة وارتباطها باهتزازات العالم وتبدلاته. وكانت حاضرة في يوميات السياسة والاقتصاد والثقافة والفنون. أمانة في نقل الأخبار وشرفات يطل منها كتاب من ينابيع مختلفة، ما جعل «الشرق الأوسط» بيتاً لقرائها، يجدون فيه منبراً لهمومهم وأسئلتهم.
بين ولادة «الشرق الأوسط» واليوم فترة غنية وصاخبة من عمر المنطقة والعالم. أرشيف الصحيفة يذكر بثراء المناجم في هذه العقود المذهلة التي تغير فيها العالم أكثر من مرة، ودهمته ثورات علمية وتكنولوجية غيّرت حياة سكان الكوكب. في ذكرى تأسيسها تشعر «الشرق الأوسط» أنَّها تمتلك الإرادة والخبرة ونبض الشباب وحكمة التجربة. أربعينية تحاول بموقعها ومنصاتها وصفحاتها الذهابَ أبعدَ في التحول الرقمي ومواكبة عالم يتغير ومهنة تتغير. أربعينية واثقة ومبادرة وعنيدة تفتخر بماضيها، لكنَّها واثقة أيضاً أن «الآتي أفضل»، كما تشدّد جمانا الراشد الرئيس التنفيذي لـSRMG «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام».
بين الصحافيين والمؤسسات التي يلقون فيها بأعمارهم روابط ودٍّ، كتلك التي تربطهم بمنازلهم. وبين «الشرق الأوسط» وقرائها روابط ثقة ومودة يضاعف الوقت رسوخها. والتحديات تصقل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا مبرر للبكاء على رائحة الحبر لا مبرر للبكاء على رائحة الحبر



GMT 23:27 2022 الجمعة ,07 تشرين الأول / أكتوبر

الصين والزعيم الأعلى الراسخ

GMT 10:02 2022 الجمعة ,01 تموز / يوليو

نموذج آية الله للعالم

GMT 10:36 2022 الخميس ,16 حزيران / يونيو

عن زمن الإنفلاش النووي

GMT 04:24 2022 الأحد ,13 شباط / فبراير

العنصر الصهيونيّ في الوعي الممانع

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 17:49 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا
المغرب اليوم - المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا

GMT 19:51 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي
المغرب اليوم - لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي

GMT 22:35 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تل أبيب تهدد بالتصعيد لفرض الهدنة في لبنان وغزة
المغرب اليوم - تل أبيب تهدد بالتصعيد لفرض الهدنة في لبنان وغزة

GMT 01:06 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

بسمة وهبة تدعم زوجة كريم محمود عبد العزيز وتشير لنهايتهم
المغرب اليوم - بسمة وهبة تدعم زوجة كريم محمود عبد العزيز وتشير لنهايتهم

GMT 04:27 2012 الإثنين ,17 أيلول / سبتمبر

زيت نخالة الأرز قادر على خفض الكولسترول

GMT 06:18 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

موجبات التوظيف المباشر في أسلاك الشرطة

GMT 20:34 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

موعد انطلاق بطولة مجلس التعاون الخليجي للغولف في مسقط

GMT 03:33 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

"الموناليزا"النيجيرية تعود إلى موطنها إثر العثور عليها

GMT 18:27 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

سويسرا تطرد فرنسياً تونسياً بشبهة الإرهاب

GMT 10:45 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على ديكور الحفلات في الهواء الطلق في الخريف

GMT 03:59 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

ريهانا عارية الصدر في ثوب حريري فضفاض

GMT 07:41 2016 الإثنين ,05 أيلول / سبتمبر

تفاصيل جريمة قتل بشعة في أحد أحياء الدار البيضاء

GMT 16:12 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

وزير الخارجية الأردني يلتقي نظيره الهنغاري

GMT 01:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

بيتكوين تقترب من 100 ألف دولار مدفوعة بفوز ترامب

GMT 05:10 2022 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

كريم بنزيما أفضل لاعب في العام جلوب سوكر 2022
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib