دور جديد لـ”اليونيفيل”… لوقف المتاجرة بالجنوب

دور جديد لـ”اليونيفيل”… لوقف المتاجرة بالجنوب

المغرب اليوم -

دور جديد لـ”اليونيفيل”… لوقف المتاجرة بالجنوب

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

تبقى القوّة الدولية في جنوب لبنان أم ترحل؟ ليست تلك المسألة. المسألة أنّ طبيعة عمل هذه القوّة ستتغيّر في ضوء تغيّر الظروف الإقليمية. هناك ظروف إقليمية معيّنة جاءت بهذه القوّة، وهناك الآن ظروف إقليميّة مختلفة تفرض تغيير مهمّتها وربّما تركيبتها… حتّى رحيلها. لدى لبنان مصلحة في بقاء القوّة الدوليّة، أقلّه من أجل وقف المتاجرة بجنوبه. هل يستطيع عمل ما هو مناسب له بمعزل عن الجهود التي تبذلها “الجمهوريّة الإسلاميّة” في إيران من أجل أن تكون عناصر القوّة الدولية ورقة لديها في المفاوضات التي تجريها مع “الشيطان الأكبر” الأميركيّ؟

قبل توجيه “الحزب” عناصره في جنوب لبنان نحو عرقلة مهمّة القوّة الدولية المؤقّتة (UNIFIL)، يبدو مفيداً عرض الظروف التي أتت بهذه القوّة إلى تلك المنطقة الحسّاسة في عام 1978 بموجب القرارين 425 و426. كانت الظروف الإقليمية وراء تشكيل القوّة الدولية التي صارت تُعرف بالقوّة “المعزّزة” بعد حرب صيف عام 2006 التي توقّفت بصدور القرار 1701، الذي لا يزال في حاجة إلى تطبيق على الأرض، ليس على أرض الجنوب فحسب، بل على كلّ الأرض اللبنانيّة أيضاً. لا بدّ من ملاحظة أنّ القرار 1701 أكثر شمولاً نظراً إلى أنّه يتطرّق إلى ضبط الحدود اللبنانية – السوريّة وترسيمها من جهة، وإلى تهريب السلاح إلى لبنان، بما في ذلك عن طريق البحر، من جهة أخرى. من يريد أن يتذكّر أنّ البحريّة الألمانية مولجة مراقبة الساحل اللبناني بغية الحؤول دون تهريب السلاح؟

يمكن الذهاب إلى أبعد من ذلك. يمكن الذهاب إلى شرح الظروف الإقليمية التي أدّت إلى صدور القرار 425 الذي أُنشئت بموجبه القوّة الدولية في لبنان، وهو قرار فرض أيضاً على إسرائيل الانسحاب من الشريط الحدودي الذي أقامته بعد تنفيذ اجتياح 1978.
في خروج لبنان من دور “الساحة” يبدأ خلاص البلد، وهو خروج تبذل إيران حاليّاً عبر اعتداءات على دوريّات للقوّة الدوليّة محاولات أخيرة لتفادي حصوله

اجتياح 1982 والظّروف المحيطة

نتج الاجتياح الإسرائيلي وقتذاك عن عمليّة شنّتها مجموعة فلسطينية من “فتح” استطاعت، انطلاقاً من لبنان، اختراق الحدود الإسرائيلية عن طريق البحر. وقعت العملية على الطريق بين حيفا وتل أبيب. قادت العملية فتاة من مخيّم صبرا القريب من بيروت تدعى دلال المغربي (18 عاماً).

ردّت إسرائيل على العمليّة التي أسفرت عن مقتل نحو 40 من مواطنيها باجتياحٍ لجنوب لبنان، ارتدى طابعاً وحشيّاً. الأهمّ من ذلك كلّه، كانت الظروف السائدة في المنطقة التي رافقت العمليّة التي قادتها دلال المغربي التي قُتلت مع رفاقها العشرة. تتمثّل الظروف الإقليمية في أنّ العملية جاءت بعد أربعة أشهر من الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس أنور السادات في تشرين الثاني 1977 لإسرائيل حيث ألقى خطاباً أمام الكنيست. مهّد الخطاب لمفاوضات مباشرة مصريّة – إسرائيليّة.

جنوب لبنان

جاء الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان ليحرج الرئيس المصري، خصوصاً مع إصرار إسرائيل على إبقاء الشريط الأمنيّ في جنوب لبنان. كان لا بدّ من تدخّل إدارة الرئيس جيمي كارتر من أجل إقناع السادات بعدم التخلّي عن عمليّة السلام مع إسرائيل بعد كلّ ما قامت به في لبنان.

حمل ذلك إدارة كارتر على الطلب من الرئيس المصري صياغة أيّ قرار يرضيه ويسمح له بإنقاذ ماء الوجه ويبقي مصر في عمليّة السلام. هكذا وُلد القرار 425 الصادر عن مجلس الأمن بمشاركة لبنانية فعّالة تولّاها غسّان تويني الذي كان في موقع مندوب لبنان لدى الأمم المتّحدة.

القرار 425 ومصر

أبقى القرار 425 مصر في عمليّة السلام. مهّد لمؤتمر كامب ديفيد في أيلول 1978. في كامب ديفيد وقّع أنور السادات مع مناحيم بيغن اتّفاقَين يتعلّق أحدهما بالسلام بين مصر وإسرائيل والآخر بالحكم الذاتي للفلسطينيّين. نسي العالم الاتّفاق الثاني، لكنّ الاتّفاق الأوّل أدّى إلى توقيع معاهدة السلام المصريّة – الإسرائيلية في آذار 1979.
منذ وُجدت القوّة الدولية المؤقّتة في جنوب لبنان، أضاع لبنان كلّ الفرص التي أتيحت له من أجل خروج جنوبه من دور “الساحة”

أدّت القوّة الدولية في جنوب لبنان الدور الذي وُجدت من أجله أصلاً. لكنّها لم تحمِ لبنان من الاجتياح الإسرائيلي في عام 1982. لا تزال معاهدة السلام المصرية صامدة منذ 46 عاماً. ما لم يصمد هو لبنان الذي لا يزال جنوبه “ساحة” لسوريا وإيران في مرحلة معيّنة ولإيران وحدها منذ عام 2005.

منذ وُجدت القوّة الدولية المؤقّتة في جنوب لبنان، أضاع لبنان كلّ الفرص التي أتيحت له من أجل خروج جنوبه من دور “الساحة”. في نهاية عام 2024 تغيّر الوضع في لبنان في ضوء هزيمة “الحزب” في وجه إسرائيل. كذلك تغيّر الوضع في سوريا التي خرجت نهائيّاً من الهيمنة الإيرانية. آن، الآن، أوان خروج جنوب لبنان من دور “الساحة”، وأن يوجد دور جديد لـ”اليونيفيل” هو غير دور بقاء جنوب لبنان “صندوق بريد” بين إسرائيل وإيران.

خروج لبنان من دور “السّاحة”

في خروج لبنان من دور “الساحة” يبدأ خلاص البلد، وهو خروج تبذل إيران حاليّاً عبر اعتداءات على دوريّات للقوّة الدوليّة محاولات أخيرة لتفادي حصوله. يبدأ الخلاص من حيث بدأت كلّ مصائب لبنان، أي من السلاح غير الشرعي الذي كان فلسطينيّاً في البداية، ثمّ صار سوريّاً وإيرانيّاً في مرحلة لاحقة. مع نهاية مرحلة السلاح غير الشرعي، وهي مرحلة لا بدّ أن تنتهي مثلما انتهى الدور الإيراني في سوريا، أيّ دور جديد للقوّة الدولية؟

لم تعد “اليونيفيل” حاجة إقليمية، كما كانت في الماضي، بمقدار ما باتت حاجة محض لبنانيّة تحتاج إلى قرار واضح من الدولة بأنّ مرحلة المتاجرة بجنوب لبنان ومواطنيه انتهت بالفعل… كذلك مرحلة السلاح الإيراني الذي ورث السلاح الفلسطيني منذ عام 1982.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دور جديد لـ”اليونيفيل”… لوقف المتاجرة بالجنوب دور جديد لـ”اليونيفيل”… لوقف المتاجرة بالجنوب



GMT 16:09 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

حرب «عاجل» والغبراء

GMT 16:08 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

الحرب الإسرائيلية ــ الإيرانية إلى أين؟

GMT 16:07 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

عن العقل العربي الغائب

GMT 16:06 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

ترمب... يمتطي حصان الحرب

GMT 16:05 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

المشرق العربي... البولندي

GMT 16:03 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

تأجيلُ مؤتمرِ سلامٍ مؤجَّلٍ

GMT 16:02 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

حسابات توازن القوى

GMT 16:01 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

الإيمان والمستقبل...الدين وبناء السلام

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:27 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 02:03 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

أجمل موديلات فساتين عروس طبقات 2020

GMT 07:33 2023 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يُصبح هداف مصر التاريخي في تصفيات كأس العالم

GMT 14:18 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

مصر ترد على وكالة "ناسا" بشأن الإعصار المتجه نحو البلاد

GMT 13:10 2019 الأربعاء ,25 أيلول / سبتمبر

طاليب ينتقد معارضيه بعد انتصاره على الوداد

GMT 04:24 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

برنامج تجسس" يستهدف الهواتف ويسرق محتوياتها في المغرب"

GMT 19:09 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ليليان تورام يزور أكاديمية نادي الفتح الرياضي

GMT 22:36 2016 الثلاثاء ,15 آذار/ مارس

10 نصائح للعناية بالشعر المعالج بالكيراتين

GMT 03:53 2015 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

روندا روزي تتعرّض لضربة قاضية متوقعة من هولي هولم

GMT 06:38 2014 الأربعاء ,20 آب / أغسطس

توقيف نائب وكيل الملك في ابتدائية الناظور

GMT 19:25 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

نور الشريف يكشف حقيقة اشتراكه في فيلم روسي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib