العثماني والحيل الفقهية
أميركا تسمح لسوريا باستئناف عمل سفارتها في واشنطن هانيبال القذافي يغادر سجن بيروت بعد عشر سنوات من التوقيف في قضية اختفاء الإمام موسى الصدر تركيا تؤكد على وحدة سوريا وتحذر من مخاطر تقسيمها ترامب يهدد بمقاضاة BBC بعد كشف تلاعب تحريري في وثائقي حول أحداث الكابيتول تجمعات مؤيدة ومعارضة أمام البيت الأبيض خلال أول لقاء بين ترامب والرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع نتنياهو يدعو إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية بشأن أحداث السابع من أكتوبر 2023 في خطاب مثير للجدل أمام الكنيست الولايات المتحدة تنفذ ضربتين جوّيتين ضد قاربين لتهريب المخدرات في المحيط الهادئ وتقتل 6 أشخاص وسط جدل قانوني دولي إعتقالات واعتداءات إسرائيلية على الفلسطينيين في الخليل والقدس ورام الله مع تحطيم قبور بمقبرة باب الرحمة منظمة الصحة العالمية تحذر من أزمة إنسانية في غزة مع انتظار أكثر من 16 ألف مريض للعلاج في الخارج رحيل المطرب الشعبي إسماعيل الليثي بعد تدهور حالته الصحية عقب حادث سير وحزن مضاعف بعد عام من فقدان إبنه
أخر الأخبار

العثماني والحيل الفقهية

المغرب اليوم -

العثماني والحيل الفقهية

بقلم : توفيق بو عشرين

بعد قرابة ثلاثة أسابيع من الصمت المطبق حول كواليس جمع الأغلبية، وطريقة إخراج الحكومة، وخلفيات اختيار الوزراء، خرج رئيس الحكومة الجديد، سعد الدين العثماني، في لقائه مع برلمانيي الحزب نهاية الأسبوعي الماضي، ليشرح موقفه، ويدافع عن اختياراته، ويبرر تنازلاته، لكن، بأسلوب «الحيل الفقهية»، وليس بطريقة الصراحة السياسية التي اعتادها مناضلو الحزب والمتعاطفون معه من بنكيران، لكن الرجل هو الأسلوب، ويجب أن يعتاد الجميع أسلوب الفقيه سعد الدين الذي يقول نصف الحقائق، ويجيب عن نصف الأسئلة، ويذهب بالمستمع إلى النهر ويرجعه عطشان، ولكنه مقتنع بضرورة الصبر على العطش، لأن ضرورات المرحلة تقتضي ذلك، ومصلحة البلاد تستوجب ذلك، والتدرج يتطلب ذلك، والتوافق يحتم ذلك، والسياسة يوم لك ويوم عليك.

لنعط بعض الأمثلة على طريقة الطبيب النفسي في «تنويم الغاضبين» من تنازلاته غير المبررة، وإخراجه حكومة مفصولة عن نتائج الاقتراع، وتنازله عن اختصاص أعطاه إياه الدستور، لكي يختار الأغلبية التي يرى أنها ستخدم حكومة منسجمة وفعالة تتصدى للمشاكل الكبرى للبلاد، ولا تضع نقطة نهاية للقوس الذي فتح في 2011.

عن دخول الاتحاد الاشتراكي للحكومة، وقد كان مرفوضا من قبل حزب المصباح لمدة خمسة أشهر، قال العثماني: «إن الضرورة أملت ذلك، فالاتحاد حزب صغير، ولا يمكن أن نرفضه ونبقى حبيسي البلوكاج الذي عطل البلاد». طبعا الدكتور لم يشرح لمستمعيه ما هي هذه الضرورة التي أملت إقحام الاتحاد الاشتراكي في الحكومة، وقد عاقبه الناخب وأعطاه 13 مقعدا في الانتخابات المباشرة، قبل أن تعطيه اللائحة الوطنية من كرمها سبعة مقاعد أخرى ليصل إلى 20. ولم يشرح العثماني كيف لم ترَ الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، طيلة خمسة أشهر، هذه الضرورة، وكتبت في بلاغاتها أن الحكومة لن تتشكل سوى من أربعة أحزاب، ورآها العثماني في أسبوع واحد؟ هذه الحيلة المسماة «ضرورة مرحلة» لها اسم حقيقي هو: استعمال الاتحاد الاشتراكي ورقة لإذلال العدالة والتنمية، الذي رفض زعيمه بنكيران دخول لشكر تحت جناح أخنوش للحكومة، عِوَض الدخول من الباب الذي فُتح للاتحاد باعتباره حزبا وطنيا مستقلا وجزءا من الكتلة التاريخية. ودخول الحزب الصغير، كما سماه العثماني، ليس تفصيلا صغيرا في مفاوضات تشكيل الحكومة.. إنه نقطة نظام مفصلية تعرف أغلبية العثماني بكونها أغلبية مفروضة بالقوة القاهرة، وأن رئيس الحكومة يجب أن يضع الطريقة التي دخل بها لشكر إلى الحكومة «حلقة في أذنه» طيلة عمر حكومته، وأن يطوي صفحة بنكيران الذي أعلن، منذ الأسبوع الأول لتعيينه رئيسا للحكومة، أنه يرفض الابتزاز السياسي، ويرفض تخييب آمال الناس الذين صوتوا لحزبه… هذا هو المعنى الحقيقي لدخول الاتحاد، ولا علاقة لذلك بحجمه أكان كبيرا أم صغيرا. العبرة في من يقرر دخول هذا وخروج ذاك، أما حكاية دخول عبد الوافي لفتيت إلى الحكومة وزيرا للداخلية فلم يأتِ سعد الدين على ذكرها، وأزاحها من الطاولة رغم أنها أثارت وتثير الكثير من المشاكل وسط الحزب وخارجه، وتعطي فكرة عن نوع التوجه الذي ستلعبه هذه الوزارة في المرحلة المقبلة… هذا هو سعد الدين، دائما يهرب إلى الأمام، ويترك القضايا معلقة، ويحاول أن يصغر من حجمها لأنها تحرجه، أو لأنها ستؤدي به إلى مواجهة لا يريدها، ويعتقد أن هناك مشاكل تحل نفسها بنفسها.

بخصوص تبرير الخلل الذي ظهر في توزيع الحقائب الوزارية، حيث حظي أخنوش بوزارات مهمة وبميزانية ضخمة، وهو الذي لم يحصل سوى على 37 مقعدا في البرلمان، قال العثماني: «إن الأحرار جاؤوا يتفاوضون بكتلة برلمانية تضم حوالي ستين مقعدا (56 في الحقيقة)، ومن ثم طالبوا بمقاعد أكبر من تلك التي كانت في حوزتهم سنة 2013، باعتبار أن رئاسة البرلمان كانت في حوزتهم آنذاك ولم تعد الآن، وعددهم من مقاعد البرلمان (بعد ضم مقاعد حزب الحصان) صار أكبر». ماذا فعل الدكتور العثماني مع هذه الحيلة التي استعملها أخنوش الذي يعرف جيدا شطارة التجار وطرق البيع والشراء؟ استسلم للأمر، وأعطى الأحرار سبعة مقاعد مهمة بحساب أن عندهم «ستين مقعدا»، ثم لما انتهت الوزيعة، فوجئ رئيس الحكومة بأن الحمامة والحصان انفصلا فجأة، وأصبح مطلوبا من رئيس الحكومة أن يعطي مناصب أخرى لمحمد ساجد لوحده باعتبار أن له 19 مقعدا، وهكذا أدى العثماني فاتورة واحدة مرتين، وعوض أن يصارح حزبه بأنه سقط في فخ، اعتبر أن الأمر ضرورة تفاوض، والمهم أن رئاسة الحكومة بقيت عند العدالة والتنمية، وأن وزارة التجهيز والنقل بقيت في حوزة المصباح، وكأن 125 مقعدا في مجلس النواب لا تعطي إلا وزارة التجهيز والنقل، في حين أن 37 مقعدا تعطي وزارة المالية والاقتصاد، وهي أهم من التجهيز والنقل، وتعطي الفلاحة والصيد البحري والعالم القروي والمياه والغابات، وهي أهم من كل الوزارات الأخرى التي احتفظ بها العثماني، مثل العلاقة مع البرلمان، والشؤون العامة، وحقوق الإنسان، والشغل في بلاد لا شغل فيها. هذا ناهيك عن وزارات أخرى مهمة حصل عليها أخنوش، مثل التجارة والصناعة والاقتصاد الرقمي ووزارة الشباب والرياضة ووزارة العدل، فيما بقيت وزارات السيادة في مكانها لم يقترب منها أحد.

ولكي يغطي الدكتور على كل هذه التنازلات، وعلى كل الزلزال السياسي الذي أحدثته حكومته في الحزب ولدى الرأي العام، قال: «إن الرميد إلى جانبي بوزارة دولة، واطمئنوا إلى أنني سأتشبث بصلاحياتي الدستورية كما هي». هنا تأثر وزير الدولة، وارتمى على رأس العثماني وقبله وقال له: «أنت فران وقاد بحومة». العثماني، إذن، يعرف أن الناس لا يثقون في صلابة موقفه، ولا في قدرته على الصمود أمام الضغوط، ولهذا جاء بأخيه الرميد ليشد أزره، ويعينه على الوقوف في وجه الآلة الكبيرة للسلطة، لكن، يا سيد العثماني، الحكومة مثل الجيش، تحتاج إلى قائد يملأ مكانه، ويقنع الناس بقدرته على النصر بما يشكله من قوة رمزية وسياسية وأخلاقية، ولا يمكن للقائد أن يجيء بشخص آخر ليضمنه عند الناس وليطمئنهم إلى أنه لن يتنازل.

الخلاصة، أو السؤال الجوهري الذي لم يقترب منه السيد العثماني، هو: هل البلاد ستتقدم خطوة، ولو صغيرة، على درب التحول الديمقراطي مع حكومة «ممالك الطوائف» هذه، أم ستعبد الطريق لرجوع السلطوية إلى معاقلها التقليدية، وستدفع الناس، مرة أخرى، إلى هجر صناديق الاقتراع واليأس من السياسة؟ وهذا سؤال لا يحتمل الحيل السياسية ولا الفقهية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العثماني والحيل الفقهية العثماني والحيل الفقهية



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 17:49 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا
المغرب اليوم - المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا

GMT 19:51 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي
المغرب اليوم - لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي

GMT 01:52 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

قائد الجيش الباكستاني يحصل على صلاحيات واسعة وسط معارضة
المغرب اليوم - قائد الجيش الباكستاني يحصل على صلاحيات واسعة وسط معارضة

GMT 01:06 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

بسمة وهبة تدعم زوجة كريم محمود عبد العزيز وتشير لنهايتهم
المغرب اليوم - بسمة وهبة تدعم زوجة كريم محمود عبد العزيز وتشير لنهايتهم

GMT 02:49 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أبل تطلق خطة جديدة ماك بوك رخيص بمعالج آيفون
المغرب اليوم - أبل تطلق خطة جديدة ماك بوك رخيص بمعالج آيفون

GMT 04:27 2012 الإثنين ,17 أيلول / سبتمبر

زيت نخالة الأرز قادر على خفض الكولسترول

GMT 06:18 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

موجبات التوظيف المباشر في أسلاك الشرطة

GMT 20:34 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

موعد انطلاق بطولة مجلس التعاون الخليجي للغولف في مسقط

GMT 03:33 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

"الموناليزا"النيجيرية تعود إلى موطنها إثر العثور عليها

GMT 18:27 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

سويسرا تطرد فرنسياً تونسياً بشبهة الإرهاب

GMT 10:45 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على ديكور الحفلات في الهواء الطلق في الخريف

GMT 03:59 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

ريهانا عارية الصدر في ثوب حريري فضفاض

GMT 07:41 2016 الإثنين ,05 أيلول / سبتمبر

تفاصيل جريمة قتل بشعة في أحد أحياء الدار البيضاء

GMT 16:12 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

وزير الخارجية الأردني يلتقي نظيره الهنغاري

GMT 01:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

بيتكوين تقترب من 100 ألف دولار مدفوعة بفوز ترامب

GMT 05:10 2022 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

كريم بنزيما أفضل لاعب في العام جلوب سوكر 2022
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib