الرئيسية » مراجعة كتب
الروائية المصرية رشا عدلي

بقلم : أمير العايدي

 استطاعت الروائية المصرية رشا عدلي أن تأخذنا في رحلة جمالية عبر عدة أزمنة ،في روايتها الأخيرة الصادرة عن الدار العربية للعلوم ناشرون ببيروت 2022 ، وطبعة مصرية عن دار الشروق بالقاهرة  ( أنت  تشرق..أنت تضيء)  في 500 صفحة, و لتطلعناعلى أسرار وحكايا مخفية في سراديب التاريخ ، وهذا ليس بالتأكيد بالجديد على الكاتبة التى أعتادت  على أعادة كتابة تاريخ مهمش لتنسج أحداث التاريخ بالخيال ،  فأهم ما يميز أعمالها  الابحار دائما في فترات زمنية متغيرة،  فمن الحملة الفرنسية على مصر وحكم المماليك في عملها شغف ، لرواية  آخر أيام الباشا عن فترة حكم محمد على باشا وقصة الزرافة التىاهداها لملك فرنسا بعدها أخذتنا في جولة عبر عدة أزمنة مختلفة  في روايتها قطار الليل إلي تل أبيب لنتعرف عن وثائق الجنيزا اليهودية  و نشأة الحركة  الصهيونية ونتعرف على المفكر والطبيب  اليهودي موسى بن ميمون ، وفي عملها الجديد تعود بنا  لزمن ما قبل التاريخ وتحديداً في حقبة  الاحتلال  الروماني لمصر.

ومن خلال هذه الحقبة نتعرف على  أهم وأعظم الأعمال التاريخية ( وجوه الفيوم ) التى تعتبر أول تصوير ذاتي متكامل العناصر الفنية  في تاريخ الفن ، من خلال رؤى  جديدة و وجهات نظر مختلفة التي  تقدم الكاتبة دائما  فيها  أعمالها. فقد صرحت في اكثر من حوار ( أنا ضدعملية أعادة تدوير التاريخ بوضعه في سياق أدبي لنطلق عليه رواية تاريخية ، بالنسبة لي  كتابة الرواية التاريخية الناجحة يتوقف على تقديمما هو جديد للقارئ ، ما هو ممتع وشيق) و كاللوحة  مؤطرة بين أربعة أضلاع  جاء عملها الأخير مؤطر بين  ( الأدب-التاريخ-الفن-المعرفة).

غلاف كتاب للروائية المصرية رشا عدلي

 

بدء من العنوان ( أنت تشرق .. أنت تضيء) وهو مقطع  من صلاة الآله  أمون -رع  والذي جاء محملاً  برؤية فنية ،تاريخية ، لها أبعاد كثيرة منثورة عبر فصول العمل ، كانت تقنية المفارقة الدرامية أثر  كبير في دعم بناء الرواية من حيث الحبكة  والعقدة . و منح الاعتماد على اسلوب التقرير السردي  النص السيرورة وتلاحق في الأحداث ،واخيرا كانت اللغة العذبة  ذات الطابع الدرامي في أغلب الأوقات من اهم مقومات نجاح العمل .  ومن خلال هذه السمات العامة  تدور الأحداث بين عدة أمكنة فلورنسا وروما وبورميدا الإيطالية والإسكندرية والفيوم والقاهرة المصرية، خلالالعقد الأخير من القرن العشرين، والعقدين الأوّلين من القرن الحادي والعشرين، وتلعب رنيم مصطفى عبد المولى، أمينة متحف أوفيزيالإيطالي بطلة العمل دوراً محورياًّ فيه، وهناك شخوص  لكل منهم دوره المكمّل للدور المحوري. بينما في الزمن القديم فأحداثه تدور  فيالإسكندرية والفيوم، في القرن الأول الميلادي، والبطلة فيه هي  سيرينا  الشابة المصرية الأغريقية و زوجة نائب الملك ، وهناك عدة شخوصأخرى  كالأب  والزوج والمعلم والصديق والثوار، الذين تترابط  أدوارهم  بشكل أو بآخر.

تعمل رنيم   في مشروع كبير لكشف  الغموض الذي يكتنف المومياوات التى لصق عليها صور  مرسومة تخص الشخص و تبدأ في  البحث للحصول على تفسير علمي للعيوب البصرية في بعض اللوحات ، تضع كل خبرتها وجهدها في البحث وراء ذلك ، وتقرر السفر إلي مصرلتقوم بزيارة  الموقع الذي عثر فيه على  المومياوات  . وتقودها المصادفة للتعرف أثناء بحثها  على الرجل الذي كان السبب فيما حدث لأسرتها ، أمبراطور الفساد وتاجر الآثار الذي يعرض لوحة فنية لإحدى «مومياوات الفيوم» فتقرر الأنتقام. الخيط الذي يربط بين  أحداث الزمنين هو  العيوب البصرية التى وجدت في عيون عدد من الأشخاص ،  وهذا العيب الذي تكتشفه رنيم يعودبنا لفترة ما قبل التاريخ حيث سيرينا ومجموعة الثوار ، وحكاية وقعت في القرن الأول الميلادي ،ومن خلال أحداث  هذا الزمن نتعرف على ذلك العصر بعاداته وتقاليده ، وبطقوسه وبوحشية وقسوة الحكم الروماني.

الرواية  مبنية على فنيات النص الروائي المتعددة وقد  حملت  بين طياتها وعيا ثنائي الوجهة ، فمن جهة كان زخم المعلومات المعرفية  يصاحبه عنصر التشويق ،  فبين مشهد واخر ، كانت أحداث الرواية  تتصاعد ، وذلك بتصاعد الأسرار التى تحاول البطلة حلها ، سر اللوحة المقسومة نصفين ، العيوب البصرية في عيون بعض الأشخاص،التحقيق حول القتل بمادة معينة.أعتمدت الكاتبة على تكنيك المشهد السينمائي الذي  يبعث على الديناميكية  ويساعد على الأنخراط  مع أحداث وله ايضا تأثير  وجداني فيدعو في اوقات كثيرة  للتعاطف و الحزن.أنت تشرق  .. أنت تضيء  منجز أدبي ،  تاريخي ، فني  ، استطاع أن يضيء مناطق مظلمة في التاريخ و نستطيع أن نعتبره ضمن افضل الروايات العربية  الصادرة هذا العام  ولأعوام قادمة. 

قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :

رشا عدلي تتحدث عن أدوات الكتابة الممنهجة ومعوقات الابداع الفني في العمل الروائي

صدور رواية "شواطئ الرحيل" لرشا عدلي عن "نهضة مصر"

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

إصدار جديد يقارب حصيلة الدراسات الأمازيغية في المغرب
مؤلف يرصد البرلمان المغربي في ظل ثلاثة ملوك
رواية "وجوه يانوس" تقود أول امرأة إلى رئاسة الحكومة…
ديوان شعري أمازيغي يدعم مرضى السرطان الفقراء
أول عدد من "مجلة تكامل للدراسات" يرى النور

اخر الاخبار

زيلينسكي يرفض الهدنة الروسية القصيرة ويؤكد استعداده لوقف كامل…
نزار بركة يؤكد أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية…
عزيز أخنوش يُشيد بانسجام الأغلبية الحكومية ويهاجم مروجي الأخبار…
وزير العدل المغربي يسّتعرض إجراءات وزارته من أجل مواكبة…

فن وموسيقى

دنيا بطمة تؤكد أنها لم أنَل حقها في المغرب…
إليسا تشعل 2025 بمفاجآت فنية وألبوم جديد بعد تألقها…
هند صبري تتألق في بيروت وتتوج بجائزة الإنجاز الفني…
شيرين عبدالوهاب تعود للساحة الفنية وتشيد بدراما رمضان وتبدي…

أخبار النجوم

سعد لمجرد يلتزم بقرار منعه من الظهور في مشاهد…
إياد نصار يكشف عن أعماله السينمائية خلال الفترة المقبلة
حسن الرداد يستعد لأحدث أعماله السينمائية فيلم "طه الغريب"
غادة عبد الرازق تهاجم مخرجين يتجاهلون مصلحة الممثل وتصفهم…

رياضة

محمد النني يتوج بجائزة جديدة في الدوري الإماراتي
نيمار يضع حجر الأساس لمشروع رياضي ضخم في البرازيل
محمد صلاح ضمن قائمة أفضل 7 لاعبين على مدار…
الركراكي يؤكد التزام المغرب بمقاربة صادقة تجاه اللاعبين مزدوجي…

صحة وتغذية

إجراء أول عملية استئصال للبروستات باستخدام الروبوت الجراحي عن…
القهوة تحارب الضعف الجسدي لدى كبار السن وتحسن القوة…
علاج فقدان السمع في مراحله المبكرة قد يساهم في…
دراسة صادمة تؤكد أنّ دمى الأطفال أكثر تلوثا من…

الأخبار الأكثر قراءة