لندن - المغرب اليوم
يُوصف المغنيسيوم بأنه "معدن العصر"، إذ يتناوله ملايين الأشخاص حول العالم على أمل تحسين نومهم وهضمهم وتهدئة أذهانهم المتوترة، لكن الجدل لا يزال قائماً حول مدى فعاليته الحقيقية. ومع ازدهار صناعة المكملات الغذائية التي بلغت قيمتها نحو 3.8 مليارات دولار أمريكي، يزداد الإقبال على منتجات المغنيسيوم بأنواعه المختلفة، من سيترات وغليسينات إلى ثيريونات وكلوريد، وسط دعاية واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي.
في أحد المصانع البريطانية تُنتج ملايين الأقراص من مركبات المغنيسيوم يومياً، ويقول المدير الإداري لشركة لونسديل هيلث، أندرو غورينغ، إن منتجاتهم تُصدر إلى بلدان عدة في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط، مشيراً إلى أن المؤثرين عبر الإنترنت ساهموا كثيراً في زيادة الطلب عليه.
لكن خبراء التغذية يؤكدون أن شهرة المغنيسيوم لا تعني بالضرورة أن الجميع بحاجة إلى مكملاته. وتوضح أخصائية التغذية كيرستن جاكسون أن المغنيسيوم عنصر أساسي يشارك في أكثر من 300 عملية داخل الجسم، منها تنظيم الإشارات العصبية وضغط الدم وسكر الدم، إلا أن فعالية المكملات تعتمد على وجود نقص فعلي في الجسم، وهو أمر يصعب تحديده بدقة لأن أغلب المغنيسيوم يُخزن في العظام والأنسجة وليس في الدم.
تقول الشابة كاتي كوران، التي عانت من الأرق لفترة طويلة، إنها لاحظت تحسناً في نومها بعد أسبوعين من تناول مكملات غليسينات المغنيسيوم، إلا أن الخبراء يشيرون إلى أن مثل هذه الحالات تبقى فردية ولا يمكن تعميمها علمياً، خاصة أن الدراسات حول تأثير المغنيسيوم على النوم متضاربة، فبعضها يثبت فائدة طفيفة، فيما لا يظهر البعض الآخر أي تأثير يُذكر.
وتحذر أخصائية التغذية كريستين ستافريديس من المبالغة في الاعتماد على المكملات الغذائية بوصفها حلولاً سحرية لكل المشكلات الصحية، موضحة أن جزءاً من الحملات الدعائية مبني على التسويق أكثر من العلم. وتشير إلى أن 10% من الرجال و20% من النساء لا يحصلون على الكمية الموصى بها يومياً، لكنها ترى أن الحل يكمن في تحسين النظام الغذائي، لا في الاعتماد على الأقراص.
وتوضح ستافريديس أن تناول جرعات زائدة من المغنيسيوم قد يسبب الإسهال والغثيان والقيء، بينما يشكل خطراً أكبر على مرضى الكلى الذين قد يعانون من فرط مغنيسيوم الدم، وهي حالة قد تؤدي إلى الشلل أو الغيبوبة. لذلك تنصح بالالتزام بنصف الجرعة الموصى بها ومراقبة التغيرات الجسدية بعناية.
ويرى الخبراء أن الاعتماد على الأطعمة الغنية بالمغنيسيوم، مثل المكسرات والبذور والخضروات الورقية والفواكه والحبوب الكاملة، هو الخيار الأفضل، إذ يوفر للجسم هذا المعدن المهم إلى جانب عناصر غذائية أخرى ضرورية. ويجمع معظم المتخصصين على أن مكمل المغنيسيوم لا يمثل علاجاً سحرياً، بل جزءاً صغيراً من نمط حياة صحي ومتوازن يضمن نوماً أفضل وصحة عامة أقوى.
قد يهمك أيضا
هل المكملات الغذائية ضرورية لصحتنا أم مجرد إنفاق بلا عائد