الخرطوم - المغرب اليوم
أعلنت قوات «الدعم السريع»، الأحد، سيطرتها على مقر «الفرقة السادسة مشاة» في الفاشر، المعقل الأخير للجيش السوداني في شمال إقليم دارفور، غرب البلاد، وأسر مئات المقاتلين في المدينة.
ويُعد هذا التطور الميداني أبرز انتصار عسكري حققته «قوات الدعم السريع»، بعدما فشلت أشهراً طويلة في اقتحام المدينة التي صمدت أمام عشرات من الهجمات العنيفة، منذ اندلاع الحرب في أبريل (نيسان) 2023، بينما لم يصدر أي تعليق رسمي فوري من الجيش بشأن ما يجرى في المدينة.
وجاءت هذه التطورات الميدانية بينما تجري في العاصمة الأميركية واشنطن اجتماعات لـ«الرباعية الدولية» بشأن الوضع السوداني. وأعلن كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، السبت، أن اجتماعاً استضافته واشنطن وشاركت فيه السعودية والإمارات ومصر، ناقش سبلَ دفع عجلة الانتقال إلى حكم مدني في السودان، ووقف التدخل الخارجي في الصراع المسلح.
وشهدت الأحياء الشرقية والشمالية من مدينة الفاشر، صباح الأحد، معارك عنيفة بين الجيش و«الدعم السريع»، قبل أن تنشر الأخيرة مقاطع مصورة، تؤكد إحكام سيطرتها على مقر قيادة الفرقة العسكرية، وانهيار دفاعات الجيش.
«محطة مفصلية»
وقال المتحدث الرسمي باسم «الدعم السريع»، الفاتح قرشي: «إن قواتنا ألحقت بالجيش خسائر فادحة في الأرواح، وتدمير آليات عسكرية ضخمة، والاستيلاء الكامل على العتاد العسكري». وأضاف أن تحرير «الفرقة السادسة مشاة»، يمثل «محطة مفصلية في مسار المعارك التي تخوضها ملامح الدولة الجديدة»، مؤكداً أن «قوات الدعم» ستعمل على توفير الحماية الكاملة للمدنيين، وتسهيل عودة النازحين إلى منازلهم، وتوفير احتياجاتهم الضرورية.
وفي بيان لاحق، أعلنت «الدعم السريع» بسط سيطرتها الكاملة على المدينة، بعد معارك وصفتها بـ«البطولية» تخللتها عمليات نوعية وحصار أنهك قوات الجيش، و«حطَّم خطوط دفاعه، وأوصلته للانهيار التام».
وكانت قيادة «الفرقة السادسة» قد أكدت -في بيان السبت- أن «الجيش والقوات المشتركة تصدوا لهجوم واسع شنته (قوات الدعم) من 3 محاور، ودمروا عربات قتالية، وقتلوا أعداداً كبيرة من المهاجمين».
يأتي هذا التطور بعد أكثر من عامين ونصف من المعارك الضارية والحصار المدمر الذي فرضته «الدعم السريع» على المدينة، وقالت في بيان على منصة «تلغرام»، إن قواتها «تمكنت من تحرير الحامية العسكرية الاستراتيجية، ودك آخر حصون الجيش والحركات المسلحة المتحالفة معه في الفاشر».
بدورها، قالت «تنسيقية لجان مقاومة الفاشر» (مجموعة حقوقية محلية) في بيان على موقع «فيسبوك»، إن «كل قيادات الجيش والقوة المشتركة بأمان، وتدير المعارك من داخل الفاشر»، بعد أن راجت معلومات حول أسر قائد «الفرقة السادسة مشاة» آخر وحدات الجيش في دارفور.
«القتال لا يزال مستمراً»
وأفادت مصادر محلية في الفاشر لـ«الشرق الأوسط» بأن «القتال لا يزال مستمراً». وقالت المصادر إن «قوات الدعم السريع» نفَّذت انتشاراً واسعاً في الأحياء السكنية بالقرب من مقر الفرقة، وتحاول التقدم، وسط مقاومة كبيرة من قوات الجيش المنتشرة في نطاق المنطقة.
وبثَّت «قوات الدعم السريع» السودانية مقاطع فيديو مصورة على منصات التواصل الاجتماعي، قالت إنها تمكنت من أسر أعداد كبيرة من قوات الجيش والحركات المسلحة التي تقاتل إلى جانبه. وسارع «تحالف السودان التأسيسي» (تأسيس)، المرجعية السياسية للحكومة الموازية في البلاد، بقيادة «قوات الدعم السريع»، إلى إعلان السيطرة الكاملة على المدينة. وقال في بيان: «إن تحرير الفاشر تتويج لمسيرة الكفاح العادل والتضحية من أجل الحرية».
من جهتها، قالت «المقاومة الشعبية» التي تقاتل في صفوف الجيش السوداني في الفاشر: «إن المعركة مستمرة والمدينة لم تسقط». وأضافت -في بيان- أن الفاشر تتعرض إلى حملة إعلامية تستهدف النيل من الروح المعنوية العالية للقوات في ميدان المعركة، وأن الاستيلاء على رئاسة الفرقة العسكرية لا يعني سقوط المدينة.
وفي حين لم يتأكد بعد سقوط الفاشر بالكامل التي يقطنها نحو 260 ألف مدني، أُجبرت قوات الجيش السوداني على الخروج من المواقع العسكرية الرئيسية، وسط أنباء متداولة عن مواجهات محتدمة بين الطرفين في أطراف المدينة.
كما لم يصدر أي تعليق من حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، الذي تُشكِّل قواته العمود الفقري للقوات المتحالفة مع الجيش في الدفاع عن المدينة.
وتُعد معركة الفاشر الأطول بين الجيش السوداني والقوات المساندة له من جهة، و«قوات الدعم السريع» من جهة أخرى، في الحرب الحالية، ووصفت بأنها الأعنف بالنظر لما ألحقته من خسائر فادحة في صفوف الطرفين.
وفي الأشهر الأخيرة، تقدمت «قوات الدعم السريع» تدريجياً في تطويق المدينة الاستراتيجية من محاور عدة، وقطع كل خطوط الإمداد عن قوات الجيش المحاصرة فيها، كما منعت إيصال المساعدات الإنسانية إلى آلاف من المدنيين المحاصرين هناك.
ومنذ أسابيع، تواصل «قوات الدعم السريع» تقدمها في محاور بالمدينة، وتُكثف من القصف المدفعي على الأحياء السكنية، واستخدام المُسيَّرات، ما أدَّى إلى سقوط أعداد كبيرة من القتلى والمصابين وسط المدنيين والمقاتلين من الطرفين المتقاتلين.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
أكثر من مليون نازح يعودون إلى الخرطوم رغم الدمار وتفشي الأمراض