الرئيسية » التحقيقات السياحية
غزَّة لديها ما يؤهلها لتكون قبلة سياحية يقصدها الناس من شتَّى البقاع

القدس المحتلة - ناصر الأسعد

عندما تتحدث مع باسل عليوة في مطعمه "ليفل أب"  (Level Up)الموجود في الطابق الحادي عشر، يصبح من السهل تصديق كلامه عندما يتوقع أن مدينته يمكن أن تصبح واحدة من المراكز السياحية الكبرى في الشرق الأوسط.


ومع النظر لمناظر خلابة من خلال شرفة المطعم، والبحر إلى الغرب، والمدينة من الشمال والشرق؛ يمكن حينها أن نفهم لماذا أصبح المطعم مفضلًا للطبقة الوسطى هنا - سواء أكانوا نساء شابات (العديد منهن يرتدين أغطية الرأس، وبعضهن أكثر جرأة لم يرتدينه) أو رجالا يحتسون الشاي ويدخنون أنابيب مياه مليئة بنكهات تبغ مختلفة، أو أسرا من أجل تناول السلطة أو شرائح اللحم بالفلفل. يمكن أن يكون هذا المطعم مكانًا مشهورًا في دبي أو شرم الشيخ.


ولكن تمهل هذه هي غزة في الليل، خصوصا عندما يلف الظلام المدينة بسبب انقطاع الكهرباء يوميا لمدة 8 ساعات أو أكثر، يمكنك أن ترى مجموعة من القوارب قبالة الساحل يصطادون على جانب واحد، وميض الأضواء في إسرائيل من جهة أخرى، وميض لا يصل للغالبية العظمى في المدينة البالغ عدد سكانها 700،000. في مثل هذه اللحظات تضىء الأنوار الصادرة عن طريق مولد الجزء العلوي من برج ظافر وكأن مطعم "ليفل أب" بمثابة منارة التطور في المدينة التي كانت تحت الحصار وتعرضت لثلاثة هجمات عسكرية إسرائيلية مدمرة منذ أن سيطرت "حماس" على المدينة.


لكن عليوة لا يزال متفائلا فهو مالك سلسة من الفنادق العصرية والمطاعم وسط سوق انهار جراء الحرب والحصار الاقتصادي، فماذا يمكنه أن يكون؟ صاحب مطعم "ليفل أب" من أسرة عريقة تتكون من تجار للقمح الذين كانوا يمتكلون أيضًا بيارات برتقال في بيت حانون شمال قطاع غزة، حياته المهنية في ما يسميه "الضيافة والسياحة" بدأ عام 1991 كهواية عندما كان يعمل مدير الموارد البشرية وخبير تنمية لصالح وكالة المساعدات الدولية.

افتتح عليوة مطعما صغيرا على الشاطىء في وقت كان يمكنه فقط البقاء مفتوحًا لبضع ساعات بسبب حظر التجول الذي تفرضه إسرائيل. "إن أول انتفاضة كانت لا تزال مستمرة"، كما يقول. مضيفًا "الناس بحاجة للتنفس لكي يكونوا قادرين على أن يعيشوا حياتهم." وافتتح عليوة مطعم "ليفل أب" في عام 2014 قبل ثالث وأكثر حرب دموية على غزة. يقول منشئ المبنى، محمد أبو مذكور إنه تلقى اتصالًا هاتفيا من ضابط مخابرات إسرائيلي لكي يطالبه بإنزال هوائي الاتصالات الذي تم تثبيته على سطح المبنى من قبل "حماس". قال مذكور إنه لا يمكن فعل ذلك دون الحصول على إذن من وزارة الداخلية التابعة لـ"حماس".

بعدها بيوم ضربت قذائف دبابة إسرائيلية الطوابق العليا من البرج؛ مما تسبب في أضرار جسيمة في أول هجومين لكن ليست خطيرة للغاية بأن تتسبب في عدم إمكانية إصلاح المطعم وإعادة فتحه إلا بعد انتهاء الحرب. وعندما وظف عليوة أول 20 عاملا في المطعم كان لديه أكثر من 400 طالب عمل حتى دون نشره إعلان حاجته لعمال؛ لذلك يضع البنك الدولي معدل البطالة في قطاع غزة بنحوا 40٪  من بين أعلى المعدلات في العالم، وتبدأ الرواتب الشهرية في مطعم "ليفل أب" من 1600 شيكل (تقريبا 280 جنيها إسترلينيا) لعمال النظافة المعينين حديثًا، بجانب المزايا الإضافية، والآن عليوة لديه 32 موظفًا بدوام كامل، ويخطط لبناء فندق جديد على الشاطئ هنا، فندق عليوة الأول حرق في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2000 عندما هاجمه متطرفون بسبب سماحه للنزلاء بشرب الكحول.

لماذا يريد عليوة بناء فندق آخر - بالطبع خالي من المشروبات الكحولية – ومعدلات الأشغال في المدينة تصل إلى20٪ فقط؟ يقول "لأنه عملي، إن كنت تريد التفوق وتمييز نفسك على أساس خدمة أفضل وجودة أفضل، سيكون لديك حصة من السوق." لكن كان لعليوة رد آخر أكثر عاطفية قائلًا "غزة بلدي، أنا أنتمي إلى هذا المكان، في يوم من الأيام ستكون لغزة فرصة في هذا النوع من الأعمال، أنا أؤكد لكم أنها ستنافس في المنطقة لأن لدينا العوامل الأساسية لهذه الصناعة: الطقس الرائع، والشاطئ الرائع، بالاضافة إلى أن معظم الناس في غزة يتمتعون بكرم الضيافة".

لكن حتى مع افتراض انتهاء الظروف السياسية ألن يستغرق مدة طويلة لاستعادة البنية التحتية للمدينة، وتنظيف مياهها الساحلية التي تلوثت بمياه الصرف الصحي، إضافة إلى إعمار سوق غزة الذي يمكن أن يكون وجهة للعطلات؟ ألم يصبح قدر المدينة أن تستعد لمستقبل لن يأتي أبدا؟ "يجيب عليوة "الشعب الفلسطيني ضحى بالكثير طوال العقود الستة الماضية ومن الممكن أن نحصل على قيادة من شأنها إضاءة شمعة في نهاية النفق بالنسبة لنا، مع الأخذ في الاعتبار أن إسرائيل تعد عاملا رئيسا في بؤسنا، فإن عدم وجود قيادة فعالة تركت الفصيلين الفلسطينيين الرئيسيين منقسمين، هذه هي المشكلة الأساسية للشعب الفلسطيني".

من خلال شرفة مطعم "ليفل أب" فإنه من السهل على المرء أن ينسى الحقائق القاسية للحياة في قطاع غزة: 80٪ من الأسر تعتمد على المعونات، والإصلاحات المنجزة 2٪ فقط من أكثر من 9000 وحدة سكنية دُمرت في حرب 2014 التي أسفرت عن مقتل أكثر من 2100 فلسطيني، بجانب ما يقدر بـ 53٪ من الشباب من المرجح معانتهم من الاكتئاب، لكن رغم كل آلامهم يصر عليوة على أن الناس في غزة يتمتعون بالثقافة الساحلية قائلًا "كل يوم جمعة اذهب الى الشاطئ وسترى أفقر الناس هناك ينتاولون الشطائر الصغيرة مع كوب من الشاي، نحن نحب أن نعيش حياتنا". جملة عليوة الأخيرة مقتبسة من محمود درويش الشاعر الفلسطيني الأشهر الذي قال "ونحن نحب الحياة، إذا ما استطعنا إليها سبيلًا".
 

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

تصاريح الإقامة للمغاربة في فرنسا تسجل ارتفاعا بنسبة 70…
تأشيرة شنغن تكلف المغاربة مليار درهم سنويا رغم الخسائر…
السعودية تتيح التقديم المباشر على تأشيرة العمرة من الخارج…
الاتحاد الأوروبي يصدر أكثر من 606 آلاف تأشيرة للمغاربة…
جزيرة بياضة السعودية جنة بحرية هادئة على سواحل جدة

اخر الاخبار

وزير الخارجية المغربي يقوم بزيارة رسمية إلى جمهورية الصين
مسؤولون يعتبرون استعادة قاعدة باغرام بداية لغزو جديد لأفغانستان
استئناف مناورات بحر الصداقة بين تركيا ومصر بعد انقطاع…
حماس لاسرائيل اسراكم موزعون داخل غزة ولن نحرص على…

فن وموسيقى

ريهام عبد الغفور تخرج عن صمتها عقب تعرضها للتنمر…
تامر حسني يخفي إصابته بكسر في قدمه ويواصل نشاطه…
شيرين عبد الوهاب تعود بقوة بألبوم ضخم ستطرحه خلال…
نيللي كريم سعيدة بترشيح فيلمها "هابي بيرث داي" لتمثيل…

أخبار النجوم

أحمد مالك وهدى المفتي يتعاقدان علي «سوا سوا»في رمضان…
أنغام تعلن عن مفاجأة لجمهورها قبل حفلها في "ألبرت…
وفاء وآيتن عامر تُصدمان قبل عرض مسرحيتهما الخليجية بساعات
دينا الشربيني تكشف كواليس طريفة في فيلم "درويش" وعمرو…

رياضة

اسحاق ناظر يتوج بذهبية سباق 1500 متر
النصر السعودي يضع براهيم دياز في دائرة اهتمامه لتعزيز…
سفيان البقالي فضية طوكيو انتصار للتضحية والروح الرياضية
كريستيانو رونالدو يقود النصر في مغامرة قارية جديدة بدوري…

صحة وتغذية

وزير الصحة المغربي يتفقد الوضع الصحي بمكناس ويطلع على…
الذكاء الاصطناعي يتجاوز الاطباء في توقع مضاعفات العمليات الجراحية
منظمة الصحة العالمية تدرس دعم أدوية إنقاص الوزن لعلاج…
ابتكار غراء عظمي يثبت الكسور في ثلاث دقائق ويذوب…

الأخبار الأكثر قراءة

جامع الشيخ زايد الكبير الثامن عالميًّا والأول في الشرق…
وزارة السياحة ترد على دعوات المقاطعة وتؤكد إستمرار جاذبية…
إطلاق طيران مباشر بين الأردن والمغرب
وزارة الخارجية الأميركية تلزم بعض المسافرين بدفع كفالة مالية…
إيرادات السياحة في المغرب تسجل 54 مليار درهم بالنصف…