واشنطن -المغرب اليوم
كشفت دراسة علمية موسعة حديثة أن الذكاء الاصطناعي قادر على التنبؤ بمضاعفات خطيرة قد تصيب المرضى بعد العمليات الجراحية بدقة تفوق الأطباء.
ووفقاً لتقرير نشرته منصة EurekAlert العلمية، فقد طوّر باحثون من جامعة "جونز هوبكنز" الأميركية نموذجاً يعتمد على تحليل تخطيط القلب الكهربائي (ECG) الروتيني للكشف عن مؤشرات خفية ترتبط بخطر الإصابة بأزمات قلبية أو سكتات دماغية أو حتى الوفاة خلال 30 يوماً من إجراء الجراحة.
وقال الدكتور روبرت ستيفنز، كبير الباحثين ورئيس قسم المعلوماتية الطبية والابتكار في "جونز هوبكنز": "لقد أثبتنا أن تخطيط القلب التقليدي يحتوي على معلومات تنبؤية مهمة لا يمكن ملاحظتها بالعين المجردة، لكن يمكن استخراجها باستخدام تقنيات التعلم الآلي". وأضاف أن هذا التحليل الجديد يحوّل اختباراً طبياً رخيصاً وسريعاً إلى أداة تشخيصية قد تنقذ الأرواح.
ويعتمد تخطيط القلب عادة على تسجيل النشاط الكهربائي للقلب بهدف الكشف عن اضطراباته، لكن الفريق البحثي أثبت أنه يحمل أيضاً إشارات دقيقة ترتبط بوظائف حيوية أخرى، مثل التهابات الجسم، والنظام الهرموني، والتمثيل الغذائي، وحالة السوائل والأملاح... وكل هذه العوامل تؤثر بشكل غير مباشر على شكل الموجات الكهربائية، وهو ما تمكن الذكاء الاصطناعي من التقاطه.
واعتمدت الدراسة، التي نُشرت نتائجها في مجلة British Journal of Anaesthesia المحكمة، على بيانات أكثر من 37 ألف مريض أجروا عمليات كبرى في بوسطن. وقام الفريق بتدريب نموذجين من الذكاء الاصطناعي، الأول استند فقط إلى إشارات تخطيط القلب، بينما دمج الثاني – ويُعرف بـ"النموذج المدمج" – بيانات التخطيط مع السجلات الطبية الأخرى مثل العمر والجنس والتاريخ الصحي.
كما أظهرت النتائج أن النموذج الأول تفوق على أنظمة التقييم التقليدية التي يستخدمها الأطباء، بينما حقق النموذج المدمج دقة وصلت إلى 85% في التنبؤ بالمضاعفات الخطيرة، وهو مستوى يفوق بكثير الأدوات الحالية المعتمدة في غرف العمليات.
وأوضح كارل هاريس، الباحث المشارك وطالب الدكتوراه في الهندسة الطبية الحيوية، أن "المفاجأة كانت في قدرة الذكاء الاصطناعي على استخدام مجرد 10 ثوانٍ من بيانات التخطيط للتنبؤ بمصير المريض بعد العملية". وأكد أن هذه النتائج تمثل "قفزة نوعية في تقييم المخاطر الجراحية".
كما طوّر الفريق آلية لشرح السمات التي يلتقطها الذكاء الاصطناعي من التخطيط، مثل حركات معينة في شكل الموجة الكهربائية أو نمطها، والتي ترتبط بوضوح بزيادة احتمالية الإصابة بأزمات قلبية أو سكتات بعد الجراحة.
ورغم النتائج الواعدة، يشدد الباحثون على ضرورة اختبار النموذج على مجموعات أكبر من المرضى ومن ثقافات مختلفة للتأكد من دقته على نطاق عالمي. كما يأملون في دمج هذه التقنية مستقبلاً ضمن منصات الصحة الرقمية أو أنظمة المستشفيات، بحيث يصبح تقييم المخاطر الجراحية عملية أوتوماتيكية تسبق أي قرار طبي كبير.
وخلص الدكتور ستيفنز إلى القول: "يمكننا أن نتخيل مستقبلاً تُحلل فيه كل تخطيطات القلب تلقائياً عبر الذكاء الاصطناعي لتوليد تقرير فوري عن مخاطر المريض، ما يسمح باتخاذ قرارات أكثر أماناً وإنقاذ أرواح كثيرة".
قد يهمك أيضــــــــــــــا
أدمغة مصغرة بذكاء اصطناعي عندما تبدأ الخلايا في التفكير والنوم
تطوير الذكاء الاصطناعي الذي يكشف فقدان الدم الخفي لدى المرضى أثناء العمليات الجراحية