ميدان شار - أ.ف.ب
في ولاية ورداك المضطربة ينهمك مستشفى ميدان شار في معالجة ضحايا النزاع الافغاني رغم تعرضه مطلع ايلول/سبتمبر لهجوم مدمر في مؤشر الى الاخطار الكامنة عند ابواب كابول.
في الثامن من ايلول/سبتمبر، ظهرت مجموعة صغيرة من المتمردين المسلحين فجأة عند مدخل قاعدة للاستخبارات الافغانية في ميدان شار عاصمة ولاية ورداك. وتحولت سيارتان محشوتان بالمتفجرات الى كتلتين من نار فيما راح المهاجمون يطلقون النار من اسلحة اوتوماتيكية في كل الاتجاهات.
المستشفى العام الوحيد في المدينة يقع قبالة قاعدة الاستخبارات هذه على بعد مئة متر في الجهة المقابلة لطريق ترابي رديء. ولا يزال مدير المستشفى الطبيب عبد الصمد حكيمي يتذكر تفاصيل ذلك اليوم الرهيب.
ويروي هذا الرجل القصير القامة والممتلئ الجسم "كنت مع شخصين اخرين في مكتبي نتناول طعام الغذاء. سمعنا دويا كبيرا ومن ثم اخر ناجما عن تحطم الزجاج".
وقد اغرقت قوة الانفجار المبنى في سحابة من الرمل والغبار وادت الى تحطم كل نوافذه تقريبا كما اقتلعت بعض الابواب من بينها باب مكتب المدير.
ويتابع هذا الاخير قائلا "خرجنا الى الرواق كانت شظايا الزجاج منتشرة في كل مكان".
وكان صراخ المرضى الذي اصيبوا بشظايا الزجاج يختلط بازيز رصاص الاسلحة الرشاشة الاوتوماتيكية التي يتردد صداها داخل المستشفى.
وبعد 45 دقيقة تقريبا "توقف اطلاق النار وبدأ الجرحى ينقلون الى المستشفى" على ما يذكر الممرض عتيق الله امرخيل (50 عاما) الذي اصيب في معصمه بالزجاج.
وقد اعلنت حركة طالبان بعد ذلك مسؤوليتها عن الهجوم. وقد طردت الحركة من الحكم في نهاية العام 2001 وهي تشن منذ ذلك الحين تمردا عنيفا ضد الحكومة الافغانية وحلفائها الغربيين بقيادة الولايات المتحدة.
وقد قتل جميع المهاجمين الا انهم تسببوا قبل ذلك بمقتل اربعة افراد من الاستخبارات الافغانية.
وقد الحق الهجوم اضرارا جسيمة في المستشفى. فالى الجانب الابواب المقتلعة والنوافذ المحطمة تضررت سبع اليات فيه من بينها ثلاث سيارات اسعاف فيما بقيت غرف العمليات لجراحية غير قابلة للاستخدام لفترة طويلة.
رغم ذلك لم يتوقف العمل ابدا مع ان المؤسسة التي تضم 65 سريرا لا تزال تحمل اثار الهجوم والمواجهات اللاحقة الا ان جزءا كبيرا من الاضرار قد اصلح.
ويؤكد الطبيب يوسف فايز "حتى في يوم الهجوم استمرينا في معالجة المرضى. فريقنا عمل ليل نهار استعنا ايضا بمتطوعين لتنظيف كل الركام".
ويضيف "نحن دائما على اهبة الاستعداد وندرك ان كل شيء يمكن ان يحدث" مشيرا الى قائمة معدة مسبقا بالمهام التي ينبغي ان تعطى الاولوية في حال وقوع ازمة.
وهذا الهجوم ليس بالعمل المعزول فقد عادت حركة طالبان في العام 2005 الى هذه الولاية الريفية الفقيرة البالغ عدد سكانها نصف مليون نسمة غالبيتهم من البشتون الاتنية التي ينتمي اليها افراد حركة طالبان في الاساس.
ويقول مسؤول كبير في البرلمان المحلي محمد هزرات جنان بأسف "الوضع العام سيئ جدا هنا (..) نشهد يوميا على اعتداءات وتفجير قنابل يدوية الصنع".
ويعتبر ان اكثر من نصف الاقاليم الثمانية في ولاية ورداك "يسيطر" عليها متمردون يعجز الجنود الافغان "الذين يفتقرون الى التجهيزات المناسبة والكافية والتدريب الجيد" عن طردهم.
غياب الامن فيها ليس اسوأ من بعض الولايات في جنوب البلاد وشرقها التي تشكل اقل للمتمردين.
الان ان 40 دقيقة في السيارة تفصل ميدان شار عن العاصمة كابول مركز السلطة الافغانية الهش
ويقول عبد الوحيد طاقات الجنرال الافغاني السابق الذي اصبح محللا سياسيا "تراجع الوضع الامني في ورداك يعني مزيدا من غياب الامن في كابول".
ويؤكد محمد حنيف حنيفي حاكم نيرخ وهو اقليم غادرته القوات اميركية في اذار/مارس الماضي "قبل ثلاث سنوات كانت ولاية ورداك امنة نسبيا".
ويتابع قائلا "كان بوسعي ان اتنقل بمفردي. لكن الان لا يمكنني ان اتحرك من دون حراسي".
هذه مؤشرات مقلقة مع اقتراب نهاية العام 2014 وموعد مغادرة غالبية جنود قوة حلف شمال الاطلسي البالغ عديدها 87 الف عسكري يدعمون قوى الامن الحكومية.
الا ان مستشفى ميدان شار يقاوم ورغم الاشغال الجارية فيه يستمر المرضى باللجوء الى هذا المجمع المؤلف من ابنية عدة محاطة بتلال صخرية عالية.
ورغم الهجمات وعدم الاستقرار المستمر لا تفكر اللجنة السويدية من اجل افغانستان الانسانية التي تدير المستشفى مع الحكومة بالانسحاب بتاتا.
ويؤكد انديرس روسين الناطق باسم المنظمة "كلا ابدا. كنا هنا خلال الاحتلال السوفياتي وخلال الحرب الاهلية وخلال حكم طالبان....وسنبقى".


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر