القاهرة _ المغرب اليوم
شهد العالم مساء اليوم لحظة تاريخية استثنائية مع افتتاح المتحف المصري الكبير في القاهرة، والذي شهد أول عرض مكتمل لكنوز الملك الصبي توت عنخ آمون منذ اكتشافها على يد عالم المصريات البريطاني هوارد كارتر. يأتي هذا الحدث تتويجًا لمسيرة مصر الطويلة في الحفاظ على تراثها الفرعوني وعرضه بأرقى المعايير العالمية، ليصبح المتحف وجهة رئيسية لعشاق التاريخ والحضارة المصرية، ومكانًا للتعرف على أعظم مكونات الهوية الثقافية لمصر.
افتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مساء اليوم المتحف المصري الكبير بحضور عقيلته انتصار السيسي، و79 وفداً رسمياً من مختلف أنحاء العالم، بينهم 39 وفداً برئاسة ملوك وأمراء ورؤساء دول وحكومات. واعتبر الرئيس السيسي المتحف "أكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة، حضارة مصر التي لا ينقضي بهاؤها"، مؤكداً أنه ليس مجرد مكان لحفظ الآثار، بل "شهادة حيّة على عبقرية الإنسان المصري".
وأشار السيسي إلى أن المتحف جاء نتيجة تعاون دولي واسع مع عدد من الشركات والمؤسسات العالمية، مع تقديره للدعم الكبير الذي قدمته اليابان، وللجهود التي بذلها المصريون من مسؤولين ومهندسين وباحثين وأثريين وفنيين وعمال على مدار أكثر من عشرين عاماً لإنجاز هذا الصرح الحضاري. ودعا الرئيس الحاضرين إلى جعل المتحف "منبراً للحوار، ومقصداً للمعرفة، وملتقى للإنسانية، ومنارة لكل من يحب الحياة ويؤمن بقيمة الإنسان".
واستغرق بناء المتحف أكثر من 20 عاماً، ويغطي مساحة تقارب نصف مليون متر مربع، بتكلفة تجاوزت مليار دولار، ويقع على منحدر يطل مباشرة على أهرامات الجيزة، على بعد كيلومترين فقط، في رمزية واضحة للترابط بين الماضي والحاضر. وتم تجهيز واجهته المهيبة بإضاءة خاصة خلال الليالي الماضية، ما أضفى على الحدث رونقًا استثنائيًا.
ويأتي أول ظهور لكنوز الملك توت عنخ آمون ليكون من أبرز معروضات المتحف، حيث تشمل المجموعة الماسكات الذهبية، المجوهرات الملكية، القطع الجنائزية، التماثيل، والعرش والعربات الحربية، والتي تم ترميمها بعناية فائقة للحفاظ على أصالتها وجماليتها التاريخية. ويُعرض المتحف أيضًا مركب الملك خوفو وعدد من الكنوز الفرعونية النادرة الأخرى التي تسلط الضوء على براعة الفن المصري القديم ودقة الحرفية الفرعونية.
وشهد حفل الافتتاح عروضًا فنية ووثائقية لمدة ساعة ونصف، تبرز عظمة الحضارة المصرية القديمة وتاريخ إنشاء المتحف. بعد ذلك، قامت كبار الشخصيات بجولة داخل قاعات العرض الرئيسية، وسط تغطية إعلامية واسعة، حيث توافد أكثر من 450 مراسلاً يمثلون نحو 180 وسيلة إعلامية، كما أُعلن عن بث مباشر مجاني عبر منصة تيك توك لضمان وصول الحدث لأكبر عدد من المشاهدين حول العالم.
ويرى خبراء الآثار أن مشروع المتحف المصري الكبير يتجاوز نطاق علم المصريات وحفظ الآثار، إذ يمثل "صرحاً حضارياً شاملاً" يعكس قدرة مصر الحديثة على بناء مشروع ثقافي عالمي، ويعيد صياغة علاقة المصريين بتاريخهم وحضارتهم. وقد وصفت جايكا المتحف بأنه "الكنز الكبير للبشرية"، فيما اعتبرت اليونسكو افتتاحه علامة فارقة في مسيرة مصر للحفاظ على تراثها الثقافي الغني.
ويعد المتحف المصري الكبير صرحًا ثقافيًا ضخمًا يوفر بيئة تعليمية وبحثية وترفيهية، ويستوعب العدد المتزايد من الآثار المصرية القديمة بعد أن أصبح المتحف المصري بميدان التحرير محدودًا، ليكون منارة للحوار والمعرفة وملتقى للإنسانية، ويجسد الريادة الحضارية لمصر على مستوى العالم.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
المتحف المصري الكبير يجمع التاريخ والحضارة في صرح يطل على الأهرامات
ظهور الملك توت عنخ آمون في سماء الجيزة عبر عرض ثلاثي الأبعاد


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر