أربعة أسباب موجبة للحذر من عصابة أبو شباب

أربعة أسباب موجبة للحذر من "عصابة أبو شباب"

المغرب اليوم -

أربعة أسباب موجبة للحذر من عصابة أبو شباب

عريب الرنتاوي
بقلم : عريب الرنتاوي

سيطرت أخبار "عصابة أبو شباب" على المشهد السياسي الغزّي طيلة الأسبوعين الفائتين، وامتد الاهتمام بهذه الظاهرة، إلى الداخلين، الفلسطيني والإسرائيلي، سيما بعد أن تكشفت رسمياً، فصول العلاقة بين الحكومة والمنظومة الأمنية الإسرائيلية من جهة، وهذه "العصابة الإجرامية" من جهة ثانية، قبل أن تتكشف بعض خيوط علاقة تربطها برام الله، ومقربين من الرئاسة الفلسطينية، وصولاً إلى "دولة عربية" تتولى بعض مهام الرعاية من تدريب وتمويل.

لكأن الحجاب قد كُشِفَ عن تصورٍ إسرائيلي، ظلّ مُلتبساً، لأسئلة ما يُسمي بـ"اليوم التالي"، إذ يبدو من وجهة نظر حكومة اليمين الأكثر تطرفاً، التي نجحت في سدّ الأبواب أمام أية حلول ومبادرات سياسية لإنهاء هذه الحرب، أنها تريد لقطاع غزة، أن يُدار بعصابات مافيوية وإجرامية، ينعقد الرهان على "تدعيمها" عشائرياً من جهة، و"تعويمها" بالاستثمار في "المعاناة القصوى" لأهل القطاع من جهة ثانية، سيما بعد أن فشلت محاولات سابقة بذلتها حكومة نتنياهو لتخليق قيادة محلية بديلة، من رموز عشائرية ورجال أعمال، وبقايا أجهزة أمنية فلسطينية، تحت غطاء حماية المساعدات الإنسانية ومواكبتها وضمان توزيعها.

والحقيقة أن الانشغال الإسرائيلي الكثيف بعصابة أبو شباب، يَشفُّ عن مستوى عميق من الإفلاس السياسي لحكومة نتنياهو وأجهزتها الأمنية، حتى وهي في ذروة تبجحها بالإنجازات الميدانية والعسكرية "الاستراتيجية"، التي حققتها على أرض القطاع وفي ساحات "الاسناد"...فإن كان "أبو شباب" هو عنوان "اليوم التالي" ورمزه، فتلكم "إمارة" دالّة على حجم التخبط وانعدام الرؤية الأبعد، للمستوى السياسي في إسرائيل، الذي يخوض الحرب منذ عامين، ويضبط إيقاعها صعوداً وهبوطاً، على وقع الحسابات الأكثر ضيقاً، لنتنياهو وائتلافه الفاشي، وهذا ما يكاد يرد نصاً في تعليقات صحف وكتاب وسياسيين إسرائيليين، أخذتهم "الدهشة" بعد أن كشف أفيغدور ليبرمان عن الأمر لأول مرة.

الأرجح، أن نتنياهو الذي انبرى مدافعاً عن قراره اعتماد "أبو شباب" وكيلاً أمنياً له في القطاع، ومدّه بالمال والسلاح، إنما فعل ذلك لواحدٍ من سببين أو كلاهما: الأول؛ يأسه من فرص النجاح في "تخليق" قيادة محلية "وازنة" تتساوق مع مشروعه لغزة، ولا ترتبط بحماس أو بالسلطة بعد إخفاق متكرر لمحاولات سابقة، إذ لم يبق لديه سوى تجريب حظه مع عصابات التهريب والمخدرات، من ذوي الارتباطات السابقة بداعش وأخواتها ...والثاني؛ رهانه على أن هذه المحاولة إن أخفقت في "توليد" البديل، فقد تنجح في إغراق حماس وأجهزتها السلطوية، في صراعات مسلحة، مع عصابات ومافيات، تخصصت في السطو على المساعدات ونهبها...في كلتا الحالتين، يعتقد نتنياهو أنه سيخرج رابحاً بالمحصلة النهائية.

بخلاف كثرة من حلفائه، يبدو نتنياهو شخصياً، الأكثر حماسة لخوض غمار هذه التجربة، سموتريتش تنصل من "القرار" ونفى علمه المسبق به، وأعرب عن معارضته له، وإن كان تعهد بعدم تحويل الخلاف إلى أزمة داخل الحكومة والائتلاف من منطلق تغليب حسابات الحرب وضروراتها كما قال بنفسه، ويبدو كذلك، أن رئيس الحكومة هو الأقل "قلقاً" و"خشية" من مغبّة ارتداد السلاح إلى صدور الإسرائيليين أو ظهورهم – لا فرق - سيما بعد أن تكون "العصابة" قد أوغلت في لعبة التآمر والخيانة، تماماً مثلما فعلت كيانات عملية سابقة، في جنوب لبنان، ظلت وفيّة لمشغليها برغم تخليهم عنها وخذلانهم لها...وأحسب أنه في النقطة الأخيرة، يبدو محقَاً تماماً، فمن استسهل السطو على المساعدات في زمن الحرب، ومن ارتضى إشهار السلاح في وجه المقاومة في ذروة المعارك، ومن نشأ في كنف "جيوب" الاحتلال في القطاع، بحمايته وتحت رعايته، وبتوجيه وإدارة منه، لا يمكن أن يكون في يوم من الأيام، في موقع الصدام مع مُشغليه، سيما وهو يدرك أن "الحبل السري" الذي يربطه بالاحتلال، هو مصدره الوحيد للغذاء والأوكسجين.

أربعة أسباب للحذر
لا يعني ذلك كله، أنه يتعين على أهل عزة ومقاومتها، التقليل من خطورة هذه الظاهرة (وأحسب أنهم لا يفعلون)، فثمة ظروف ومعطيات محيطة بتشكلها، تسمح بالاعتقاد بأنها قد تتحول إلى "تحدٍ" مثير للقلق، الآن وفي اليوم التالي للحرب...وثمة أسباب أربعة، تقودنا إلى إطلاق هذا التحذير:
الأول؛ إن معاناة المواطنين في غزة، بلغت حداّ تنوء به الجبال، وفي تجارب عديدة سابقة، في أزمنة مختلفة وأماكن متعددة، تعلّقت شرائح من الناس، بحبال الأمل والرجاء، مهما كانت واهية، وحتى إن كان على الطرف الآخر منها، أعداء وجهات لا يمكن الوثوق بها أو احترامها، هنا قد تنتصر "غريزة البقاء" على كثيرٍ من الحسابات والاعتبارات، أقله لبعض الوقت.

والثاني؛ أن ثمة في رام الله، على ما يبدو، من هو على أتم الاستعداد لمدً يد العون لهذه العصابة، وثمة من يتحدث عن دور مباشر في تشكيلها وتمويلها، بل وطلبٍ من بقايا وفلول أجهزة أمنية سلطوية، للالتحاق بها...صحيح أن السلطة تنصلت رسمياً من أي علاقة لها بالعصابة، ولكن مع ذلك، ثمة قنوات وخطوط خلفية، تديرها جهات أمنية ومسؤولين من ذوي خلفيات إسلامية (ارتدوا عليها)، لا يمكن التقليل من شأنها، وفي كل الأحوال، فإن زعيم العصابة ذاتها، كشف بنفسه عن تنسيق وتعاون مع أجهزة أمنية فلسطينية...ولست أستبعد أبداً، أن يكون في رام الله من هو على استعداد لإعلان هذه "العصابة" جهازاً أمنياً جديداً، أو فرع لجهاز قديم، أو إدارة جديدة من إدارتها، إذا ما قُدّر لها أن "تبقى وتتمدد"، فتكون بذلك، حصان طروادة الجديد، بعد أن أخفقت رهانات سابقة على قدرة الأجهزة المخابراتية على اختراق غزة، تحت جنح المساعدات وعلى متن شاحناتها، وبتنسيق وتعاون تامين مع الشاباك، إن كان الحال كذلك، وإن كانت هذه المخاوف في محلها، فإن خطر هذه العصابة، سيزداد تعاظماً.

الثالث؛ محاولة إسرائيل اللعب على وتر "الهويات الثانية" في القطاع، وتصوير العصابة، كما لو كانت ممثلة لعشائر وعائلات بعينها...ولست أستبعد أن يجري تجنيد "امتدادات" و"مرجعيات" هذه العشائر والحمائل داخل الخط الأخضر، لتحريضها عل الانقلاب على المقاومة وأجهزتها الحكومية، ولإسرائيل تجربة متراكمة في فعل ذلك، مع كيانات درزية في لبنان وسوريا، فلماذا لا تجرب حظها في قطاع غزة، وإن باللجوء إلى "مكونات" أخرى هذه المرة، ينخرط بعض أبنائها في الجيش والأجهزة و"المستعربين"، وليس ثمة ما يمنعها من محاولة إعادة انتاج التجربة من جديد.
الرابع؛ يبدو أن نتنياهو في مسعاه خلق بديل إجرامي لحماس والسلطة في غزة، يجد دعماً من أطراف عربية ودولية...الحديث عن "دولة عربية" ضالعة في الأمر مثير للقلق، والتصريحات الأمريكية الداعمة لهذه الخطوة، وإن من مدخل "حماية المساعدات والعمل على توزيعها"، تثير بدورها، قدراً من الحذر والتحسب. تفسر هذه العوامل، نشأة هذه الظاهرة، وسرعة انتشارها، أو محاولة تعميمها، فلا تبقى محصورة في شرق رفح، كما أن الدعوات التي أطلقتها خلال الأيام القليلة الفائتة، لاستدعاء متطوعين في مختلف مجالات اختصاص "الحكم والإدارة"، تشي بأن المسألة "أبعد من أبو شباب"، وأن العبث الإسرائيلي خطير ومدجج بأبشع النوايا، وربما يكون مدعوماً بأطراف فلسطينية وعربية ودولية، وأن ما بدأته العصابة و"أبو شباب"، قد يتطور متجاوزاً تركيبتها الهزيلة الراهنة.

يوجب ذلك، من ضمن ما يوجب، التصرف بحزم وشدة مع هذه العصابة، بهدف استئصالها قبل أن يشتد عودها، وهذا ما أوضحته فصائل المقاومة على أية حال، وهذا ما تقوم به بصورة جزئية الآن، بالنظر إلى الظروف الصعبة التي تحيط بها وبنشطائها، وهو أمر يتعين أن يكون مهمة الجميع، لا مهمة فصيل واحد. والتصدي لهذه الظاهرة، لا يكون "أمنياً" فحسب، مع أن هذا جزء أساس من المعالجة، إذ يتعين الحرص على استنهاض حالة شعبية في مواجهتها، وضمان ألا تحظى بأي تأييد شعبي مهما كان متواضعاً في البداية، وفضح مراميها وأهدافها وشخوصها وارتباطاتها المشبوهة...المعالجة الشاملة، متعددة المسارات والأدوات، هي المدخل لإسقاط مرامي وأهداف مشروع نتنياهو لـ"اليوم التالي"، وهي جزء لا يتجزأ من المعركة على راهن غزة ومستقبلها، بل وعلى المشروع الوطني الفلسطيني برمته.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أربعة أسباب موجبة للحذر من عصابة أبو شباب أربعة أسباب موجبة للحذر من عصابة أبو شباب



GMT 15:53 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

خريطة سعدون حمادي

GMT 15:51 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

الدولة والحزب في أصعب الأيام

GMT 15:49 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

مُحيي إسماعيل والتكريم «البايخ»!

GMT 15:47 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

لبنان بين مأزق السلاح والتسوية مع سوريا

GMT 15:45 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

مشروع الرفاهية والاستقرار

GMT 15:43 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

لماذا يقبل الناس على الإعلام الموازى؟!

إستوحي إطلالتك الرسمية من أناقة النجمات بأجمل ألوان البدلات الكلاسيكية الراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 20:23 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

عمرو دياب يثير الجدل بما فعله في حفله
المغرب اليوم - عمرو دياب يثير الجدل بما فعله في حفله

GMT 09:34 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

الرجاء يخاطب منخرطيه قبل الجمع العام

GMT 05:15 2018 الأحد ,08 إبريل / نيسان

"قميص الدنيم" لإطلالة أنيقة ومريحة في آن واحد

GMT 07:07 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

ناصر بوريطة يناقش قضايا متعددة مع وزيرة خارجية السويد

GMT 15:36 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 20:46 2019 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

اعتقال رجل يقود سيارته برفقة زوجته "المتوفاة"

GMT 21:49 2019 الثلاثاء ,05 آذار/ مارس

وفاة والد خالد بوطيب مهاجم الزمالك

GMT 09:29 2018 الثلاثاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

وجهات مشمسة لقضاء عطلة صيفية في قلب الشتاء

GMT 17:46 2014 السبت ,14 حزيران / يونيو

"سابك" تنتج يوريا تزيد كفاءة محركات الديزل

GMT 11:48 2017 السبت ,18 شباط / فبراير

لن أستحيي أن أضرب مثلا في حبكم .. عجزي ….

GMT 20:50 2017 الأحد ,08 تشرين الأول / أكتوبر

ماركة "LIODADO" التركية تصدر ملابس سبور رائعة

GMT 17:50 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الاختلاف والتميز عنوان ديكور منزل الممثل جون هام

GMT 10:39 2016 الخميس ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مهبطا المهرجان في الصحراء والمائي من أغرب مطارات العالم

GMT 19:35 2022 السبت ,24 كانون الأول / ديسمبر

سعر نفط برنت يتخطى 84 دولارا للبرميل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib