السودان وطالبان وواشنطن بينهما

السودان وطالبان وواشنطن بينهما

المغرب اليوم -

السودان وطالبان وواشنطن بينهما

عريب الرنتاوي
بقلم: عريب الرنتاوي

قبل أيام، أبرم النظام السوداني الجديد اتفاقاً مع عائلات ضحايا المدمرة «يو إس إس كول»، يتضمن من ضمن ما يتضمن، دفع تعويضات لهذه العائلات، مع أن النظام ومن سبقه، تنصلوا من أية مسؤولية عن الهجوم الإرهابي التي تنسبه واشنطن لأسامة بن لادن، وتحمّل الخرطوم المسؤولية عنه جراء استضافتها لزعيم القاعدة ردحاً من الوقت. بعد أيام، ستوقع واشنطن مع حركة طالبان، اتفاقاً ينهي الحرب الأفغانية، ويمهد لسحب القوات الأمريكية من أفغانستان بعد عقدين من غزوها، جراء احتضانها لأسامة بن لادن وتنظيم القاعدة المسؤولان عن أكبر هجوم تتعرض له الولايات المتحدة منذ بيرل هاربر في الحرب العالمية الثانية ... لا أحد يطالب طالبان بتعويضات، لأسر أكثر من ثلاثة آلاف ضحية سقطت في برجي التجارة والبنتاغون والطائرة الرابعة التي لم يعد أحد يأتي على ذكرها. السودان الضعيف، يخضع على نحو كثيف، لواحدة من أكبر عمليات الابتزاز السياسي والمالي، مع أنه بلد فقير للغاية، لن تتوقف عند حدود تعويضات «يو إس إس كول» فحسب، بل ربما تشمل ضحايا هجومي نيروبي ودار السلام كذلك، وقبلها قمة عنتيبي والتطبيع المجاني مع إسرائيل، وبعدها تسليم البشير وصحبه لمحكمة لاهاي... ولا ندري ما الذي يخبأ للسودان، لكننا لم نكن أكثر قلقاً على مصير انتفاضته مما نحن عليه اليوم. طالبان «القوية»، المصنفة إرهابية، ليست مطالبة بأي شيء من هذا على الإطلاق ... لا تعويضات ولا تطبيع مع إسرائيل، كل ما ترجوه واشنطن هو «خفض التصعيد» ولمدة زمنية محدودة، وخروج مشرف ما أمكن للقوات الأمريكية من أفغانستان ... هنا لا يبدو أن ثمة مطرح لغطرسة القوة أو سياسة الإملاءات ... هنا طالبان هي الطرف الذي يفرض شروطه، بخلاف الحال مع جنرالات العهد السوداني الجديد. لم تُبدِ واشنطن اهتماماً بتمكين السودان من التقاط أنفاسه ولو لبعض الوقت، مسلسل الشروط وعجلة المطالب الأمريكية – الإسرائيلية لا تتوقف ... أما في أفغانستان، فإن واشنطن هي من تبحث عن مهلة لالتقاط الأنفاس، فحربها انتهت إلى الفشل، وحلفاؤها يواجهون انقساماً خطيراً على خلفية الصراع على الرئاسة والطعن في نتائج الانتخابات ... طالبان لا تستمهل الأمر، وليس لديها فسحاً طويلة من الوقت لتمنحها لزلماي خليل زاد، والتهدئة باتت تعد بالساعات والأيام، فيما البيت الأبيض يبشر ويحتفي بقرب التوصل إلى اتفاق سلام. سلام مع الإرهابيين في أفغانستان ممكن، طالما أنهم يقاتلون، فيَقتِلون ويُقتَلون، وضحاياهم من الأمريكيين والأفغان على حد سواء ... لا أحد في الدوحة حيث تلتئم المفاوضات، يبدو معنياً بقواعد الحرب على الإرهاب، ولا بالجدل حول تعريفه وتصنيفه ... لغة القوة هي التي تتحدث، وبلسان أفغاني مبين ... في حين، لا تتوقف إدارة الرئيس ترامب، عن إصدار فرمانات العقوبات ضد مئات وألوف الحكومات والمنظمات والشركات والأفراد، وغالباً بتهم تتصل بالإرهاب أو تقترب من ذلك ... من دون أن يجرؤ أحد على التساؤل عن ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين. ما الرسالة التي تبعث بها واشنطن للعالم وهي تفعل الأمر ونقيضه، في السودان وأفغانستان ... الرسالة ببساطة، «كن قوياً ولا تبالِ» ... ليس المهم أن تكون مُحقاً أو «محقوقاً»، ليس مهماً أنك نظام ناجم عن انتفاضة أو أنك ممثل لحركة إرهابية لم تتوقف عن قتل الأمريكيين والأفغان ... المهم أنك قوي أم ضعيف، وفي ضوء ذلك يتقرر كل شيء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السودان وطالبان وواشنطن بينهما السودان وطالبان وواشنطن بينهما



GMT 14:25 2025 الأربعاء ,27 آب / أغسطس

الصحيفة.. والوزير

GMT 19:42 2025 الأحد ,17 آب / أغسطس

إنذار جريمة طريق الواحات!

GMT 15:53 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

خريطة سعدون حمادي

GMT 15:34 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

مصر للطيران!

GMT 20:44 2025 السبت ,19 تموز / يوليو

الطعن على الوجود

الأناقة الكلاسيكية تجمع الملكة رانيا وميلانيا ترامب في لقاء يعكس ذوقًا راقيًا وأسلوبًا مميزًا

نيويورك - المغرب اليوم

GMT 10:00 2024 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

الفنان المغربي نعمان بلعياشي يُصدر جديده الفني “حياتي”

GMT 23:25 2020 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

مسلسل عالمي يجمع بين "سوبرمان" ونجوم عرب

GMT 16:47 2020 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أجمل عبايات بموديل المعطف موضة شتاء 2020

GMT 03:49 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

قائمة أسعار شيري chery من الوكيل بعد التخفيضات الأخيرة

GMT 18:31 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الوداد البيضاوي المغربي يسعى للتفاوض مع يحيى عطية الله

GMT 19:56 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

مالك ليفربول ينجو من حادث طائرة بعد العودة من سالزبورج

GMT 08:51 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على الصور التشويقية الأولى لـ"كيا أوبتيما 2021"

GMT 07:19 2019 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

سامسونج تحل مشكلة "بصمة الإصبع" في هواتف S10
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib