واشنطن وأنقرة ومعادلة «الأكــراد مقــابـل النصــرة»

واشنطن وأنقرة ومعادلة «الأكــراد مقــابـل النصــرة»

المغرب اليوم -

واشنطن وأنقرة ومعادلة «الأكــراد مقــابـل النصــرة»

بقلم - عريب الرنتاوي

حذر بيرت ماكغورك، الموفد الأمريكي الخاص للتحالف الدولي ضد الإرهاب في سوريا والعراق، من تحوّل محافظة إدلب إلى إمارة إسلامية، وملاذا آمنا لجبهة النصرة، ملمحاً إلى دورٍ لتركيا في ذلك، ومحذراً الفصائل المسلحة من العواقب الوخيمة لتحالفها مع الفرع السوري للقاعدة، والتي ستظل هدفاً لواشنطن، مهما تغيرت أسماؤها، وأن بلاده لن تكون في وضع يسمح لها بمنع موسكو وحلفائها من تنفيذ ضربات للمسلحين في هذه المنطقة، إن تكرس خضوعها لجبهة النصرة.
“الهجرة الجهادية” لإدلب ليست حديثة، عمرها يزيد عن عامين، إليها توجه ألوف المسلحين وعشرات ألوف المدنيين من عوائلهم، والاتفاقات التي تمت تحت شعار المصالحات، غالباً ما كانت تجري بوساطة إيرانية – قطرية، وبتسهيل وانخراط نشط من أنقرة ... وإدلب منذ بضعة أعوام، تحولت إلى ملاذ آمن للنصرة، ومنها كان “أبو محمد الجولاني” ينوي الإعلان عن قيام إمارته الإسلامية، قبل أن يتراجع عن مشروعه تحت تأثير عوامل كثيرة، من بينها محاولات أنقرة والدوحة تأهيل وإعادة تأهيل النصرة، توطئة لإدماجها في المعارضات المسلحة وإشراكها في مسار التسويات الكلية أو الجزئية الخاصة بسوريا، بوصفها القوة الضاربة الأكبر للمعارضات المسلحة.
هل كانت واشنطن غائبة عن كل هذا؟ ... هل كانت كالزوج المخدوع، آخر من يعلم؟ ... إن لم تكن الدولة الأعظم على علم بما يجري في إدلب وما يفعله حلفاؤها في المنطقة، فتلك مصيبة، وإن كانت تدري واختارت الصمت والتواطؤ، فالمصيبة أعظم ... وفي ظني، بل وأجزم بأن واشنطن كانت على معرفة بكل شاردة وواردة في هذا المضمار، وأنها كانت جزءاً من لعبة توظيف النصرة واستخدامها، إن لم تكن “المايسترو” لهذه اللعبة، وهذا ما تنبهت له موسكو وحذرت منه مبكراً.
النصرة لم تتغير، وكذا حلفاء واشنطن، من تغير هو السياسة الأمريكية في سوريا والمنطقة عموماً، وتحديداً مع تولي إدارة ترامب مقاليد الحكم في واشنطن ... لم تعد لواشنطن أجندة في سوريا خارج إطار محاربة الإرهاب وتصفية داعش ... لقد حسمت أمرها، وهي تكاد تعلن عن “تلزيم” الملف السوري لروسيا، سيما بعد النجاحات الميدانية التي حققتها دمشق وحلفاؤها على غير محور وجبهة.
التحذيرات الأمريكية من هيمنة النصرة على إدلب، وتواطؤ بعض الحلفاء في تسهيل مهمة التنظيم المصنف إرهابياً، يأتي في سياق جملة من التطورات الميدانية والسياسية أهمها: (1) تسليم أحرار الشام مواقعها من دون قتال لجبهة النصرة، الأمر الذي أشعل قلق واشنطن ودفعها لتوجيه أصابع الاتهام لحليفها الأطلسي ... (2) قيام أنقرة بحشد قوات كبيرة مقابل عفرين، وتلويحها بالاستعداد لتوسيع تدخلها العسكري في سوريا، لقطع الطريق على فرص قيام كيان كردي مستقل ... (3) اندلاع الأزمة الخليجية وما ترتب عليها من إضعاف للمعارضة المسلحة، وافتضاح ملف دعم الإرهاب من قبل أطراف الأزمة في ظل حملة الاتهامات المتبادلة بينها، وبداية تشقق الائتلاف السوري المعارض الذي أخذت رياح الأزمة الخليجية تعصف في صفوفه.
واشنطن تضع أنقرة في خانة صعبة، خانة الاتهام بدعم الإرهاب وتسهيل تمركزه في إدلب، وهذا ما أغضب تركيا ودفعها للرد بقوة على اتهامات ماكغورك، والهدف على ما أعتقد، هو الضغط على أنقرة أولاً للتخلي عن خططها العسكرية، وثانياً للضغط عليها من أجل المشاركة في المعركة على النصرة مع حلفائها من الفصائل المسلحة، لقطع الطريق على موسكو ودمشق وطهران، لملء فراغ “ما بعد النصرة” في هذه المحافظة.
لكن تركيا لن تستجيب للضغوط الأمريكية ولن تفتح النار على النصرة، ما لم تحصل على ثمن مناسب نظير هذه المهمة المكلفة، والثمن المطلوب هو “رأس الكيان الكردي” في شمال سوريا، الأمر الذي يصعب على واشنطن تقديمه لتركيا، أقله في المدى المنظور، ما يُبقي “إدلب” ملفاً عالقاً على جدول أعمال العلاقات الثنائية بين واشنطن وأنقرة، أقله إلى أن تصمت المدافع على جبهة الرقة ووادي الفرات الأسفل والبادية الشرقية وربما دير الزور والحسكة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واشنطن وأنقرة ومعادلة «الأكــراد مقــابـل النصــرة» واشنطن وأنقرة ومعادلة «الأكــراد مقــابـل النصــرة»



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

الملكة رانيا تتألق في الأصفر مجددًا بأناقة لافتة ورسائل وجدانية في كل ظهور

عمّان - المغرب اليوم

GMT 14:27 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الثور" في كانون الأول 2019

GMT 16:57 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

حذار النزاعات والمواجهات وانتبه للتفاصيل

GMT 20:48 2015 الثلاثاء ,12 أيار / مايو

"برشلونة" يصعد إلى نهائي دوري أبطال أوروبا

GMT 01:30 2023 السبت ,03 حزيران / يونيو

يوسفية برشيد يحفز لاعبيه من أجل الصعود

GMT 02:22 2018 الأربعاء ,04 تموز / يوليو

ربيع لخليع يكشف أهمية مشروع الربط السككي

GMT 09:38 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

تعرف على أفضل 10 جامعات في العالم

GMT 14:15 2023 الخميس ,20 تموز / يوليو

كلماتك الإيجابية أعظم أدواتك

GMT 06:55 2022 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تطوير اقتصاد الرعاية و 300 مليون فرصة عمل وحل لعطالة مغربيات

GMT 03:00 2022 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

هبوط المؤشر نيكي الياباني 0.09% في بداية التعاملات بطوكيو

GMT 22:48 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

قصات شعر رجالي لإطلالة رائعة

GMT 16:59 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 14:14 2019 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أولمبيك خريبكة ينهزم في مباراة إعدادية أمام الفتح
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib