إسرائيل تدفن «الدولة الفلسطينية» فــي صـنـاديــق اقتراعـهـــا

إسرائيل تدفن «الدولة الفلسطينية» فــي صـنـاديــق اقتراعـهـــا

المغرب اليوم -

إسرائيل تدفن «الدولة الفلسطينية» فــي صـنـاديــق اقتراعـهـــا

عريب الرنتاوي


لم تخرج انتخابات الكنيست الإسرائيلية العشرون، عن السياق العام لتطور اتجاهات الرأي العام الإسرائيلي خلال العقدين الفائتين، وانزياحه المتواصل نحو اليمين القومي والديني ... صحيح أن استطلاعات الرأي العام التي سبقت الانتخابات، خلقت انطباعاً بأن إسرائيل على وشك أن تشهد “انقلاباً” سياسياً كبيراً، إلا أن النتائج الفعلية، أظهرت خلاف هذه التقديرات.
وتشير النتائج شبه النهائية التي أعلنت فجر أمس الأربعاء، إلى أن معسكر اليمين القومي والديني قد عزز مواقعه بأربعة مقاعد على الأقل، قياساً بما كان عليه الحال في الكنيست 19، فما خسره “البيت اليهودي” و”شاس” و”إسرائيل بيتنا” من أصوات ومقاعد، لم يذهب لليسار أو الوسط، بل أعطي لليكود و”كولانو”، فيما حافظت يهوديتها توراة على وزنها التمثيلي السابق، لتكون النتيجة، 67 مقعداً لمعسكر اليمين صعوداً من 63 مقعداً في الكنيست السابق، مقابل 39 مقعداً لأحزاب اليسار والوسط هبوطاً من 46 مقعداً، وهنا نفتح قوساً لنقول إننا سنعتبر ليفني ولبيد وهيرتسوغ من اليسار والوسط مجازاً أو مجاراة للتصنيفات الدارجة في إسرائيل لا أكثر ولا أقل.
وسيكون بمقدور نتنياهو أن يتوج نفسه “ملكاً لإسرائيل”، على رأس حكومته الرابعة، ولأول مرة في تاريخ الانتخابات والحكومات الإسرائيلية، وسيكون قادراً على جمع حكومة من اليمين الديني والقومي في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع كما قال هو نفسه مزهواً بنشوة النصر، مع أن المهلة الممنوحة له لتشكيل الحكومة تصل إلى أربعة أسابيع، قابلة للتمديد أسبوعين إضافيين، وهو على أية حال شرع في اتصالاته من أجل تشكيل الحكومة.
ما يهمنا أن سنوات أربع عجاف (إن قُدر للانتخابات القادمة أن تجري في موعدها من دون تبكير)، تنتظر الفلسطينيين في الضفة والقدس والقطاع وخلف “الخط الأخضر” ... فالرجل كشف في معركته الانتخابية عن جوهر برنامجه ومعتقداته، والتي سبق له وأن عرضها في كتابه الرديء “مكان تحت الشمس”، فلا مطرح في قاموسه السياسي لدولة فلسطينية، والقدس هي العاصمة الأبدية الموحدة، ولا قيود على الاستيطان، ومن باب أولى لا مجال للتفكير في حق العودة للاجئين الفلسطينيين.
الذي راهنوا على “تغيير” في إسرائيل بنتيجة الانتخابات وأزمة العلاقات مع واشنطن، طاشت سهامهم ورهاناتهم، بل وأحسب أن أصيبوا بصفعة مدوية، بعد أن رفعت استطلاعات الرأي العام السابقة للانتخابات، من “معنوياتهم” المهزوزة تماماً ... عليهم الآن أن يحضروا أنفسهم لسنوات صعبة في مواجهة جبهة عاتية من الغلاة والمتطرفين ... عليهم الآن، التفكير قبل فوات الأوان، بما يتعين عليهم فعله، لمواجهة اشتداد هبوب رياح العدوان والاستيطان والعنصرية ... ها هي إسرائيل على حقيقتها، تنتخب أكثر اتجاهاتها تطرفاً وغلواً في عدائها للعرب والفلسطينيين، وها هي صناديق الاقتراع تتحول إلى توابيت محمّلة بجثث السلام العادل وحل الدولتين وخيار المفاوضات.
نقول ذلك، وليست تساورنا أية أوهام حول حقيقة مواقف ونوايا وقدرات جبهة “المعسكر الصهيوني” بزعامة اسحق هيرتسوغ وتسيبي ليفني، فهؤلاء خبرناهم في الحكم مرات عديدة، أقله منذ أوسلو حتى اليوم، وكان أداؤهم لا يقل عنصرية وتوسعية، عن أداء نظرائهم من معسكر اليمين، مع فارق واحد، أن اليمين في إسرائيل أقدر من اليسار على البوح بالنوايا البشعة والحقيقية، والكشف عن الصورة الحقيقية لهذا المجتمع والكيان، وتلكم ربما تكون “ميزة” يمكن استخلاصها من هذا المستنقع الآسن بروائح العنصرية والتطرف والعدوان.
اليوم، من المفترض أن يلتئم شمل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، لتقييم نتائج الانتخابات الإسرائيلية ودراسة مصائر القرارات الأخيرة التي صدرت عن اجتماعات المجلس المركزي للمنظمة ... وأحسب أنه بات من الضروري الحسم مع مرحلة طويلة من التسويف والمماطلة والتردد، والشروع من دون إبطاء في ترجمة تلك القرارات، سواء ما اتصل منها بمستقبل الوحدة الوطنية والمقاومة الشعبية الفلسطينيتين، أو ما تعلق منها بإعادة صياغة العلاقات مع إسرائيل ووقف التنسيق الأمني، وصولاً إلى آخر مدى في السعي لـ “تدويل” القضية الفلسطينية واستكمال عضوية فلسطين في المنظمات الدولية، والاحتكام إلى القضاء الدولي لمحاكمة إسرائيل على جرائمها المقترفة بحق الشعب الفلسطيني.
أما نحن في الأردن، فعلينا أن نتحضّر لمرحلة صعبة في العلاقات الأردنية – الإسرائيلية، ستحتمل من دون شك، عمليات شد وجذب، صعود وهبوط، تأزمات ومواجهات، علينا أن نخشى ونتحضر لما قد نواجه في القدس تحديداً، سيما مع حكومة يلعب فيها المستوطنون والمتدينون والقوميون المتطرفون، دوراً يتعدى “بيضة القبان” ... وتأسيساً على ذلك، علينا أن نعيد قراءة مشاريع واتفاقات من شأنها زيادة “اعتماديتنا” على إسرائيل لتأمين بعض السلع الاستراتيجية كالطاقة والمياه، فموجة التطرف والغلو التي نشكو منها في مجتمعات المنطقة العربية، تضرب إسرائيل، وبالقدر ذاته من الشدّة، وما ينتظر علاقاتنا بها، لا يُمكننا من “ترف” الدخول في مجازفات غير محسوبة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسرائيل تدفن «الدولة الفلسطينية» فــي صـنـاديــق اقتراعـهـــا إسرائيل تدفن «الدولة الفلسطينية» فــي صـنـاديــق اقتراعـهـــا



GMT 15:53 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

خريطة سعدون حمادي

GMT 15:51 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

الدولة والحزب في أصعب الأيام

GMT 15:49 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

مُحيي إسماعيل والتكريم «البايخ»!

GMT 15:47 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

لبنان بين مأزق السلاح والتسوية مع سوريا

GMT 15:45 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

مشروع الرفاهية والاستقرار

GMT 15:43 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

لماذا يقبل الناس على الإعلام الموازى؟!

إستوحي إطلالتك الرسمية من أناقة النجمات بأجمل ألوان البدلات الكلاسيكية الراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 20:23 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

عمرو دياب يثير الجدل بما فعله في حفله
المغرب اليوم - عمرو دياب يثير الجدل بما فعله في حفله

GMT 09:34 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

الرجاء يخاطب منخرطيه قبل الجمع العام

GMT 05:15 2018 الأحد ,08 إبريل / نيسان

"قميص الدنيم" لإطلالة أنيقة ومريحة في آن واحد

GMT 07:07 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

ناصر بوريطة يناقش قضايا متعددة مع وزيرة خارجية السويد

GMT 15:36 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 20:46 2019 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

اعتقال رجل يقود سيارته برفقة زوجته "المتوفاة"

GMT 21:49 2019 الثلاثاء ,05 آذار/ مارس

وفاة والد خالد بوطيب مهاجم الزمالك

GMT 09:29 2018 الثلاثاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

وجهات مشمسة لقضاء عطلة صيفية في قلب الشتاء

GMT 17:46 2014 السبت ,14 حزيران / يونيو

"سابك" تنتج يوريا تزيد كفاءة محركات الديزل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib