عن وجوه الشبه بين إسرائيل و«داعش»

عن وجوه الشبه بين إسرائيل و«داعش»...

المغرب اليوم -

عن وجوه الشبه بين إسرائيل و«داعش»

طلال سلمان


... وكما كانت المعركة المفروضة على الأمة العربية بعنوان فلسطين في مواجهة العصابات الصهيونية التي مهدت لقيام دولة العدو الإسرائيلي، ها هي المعركة الجديدة تفرض ذاتها على الأمة بعنوان مواجهة الإرهاب باسم تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» الشهير بـ «داعش».
الفارق ان العصابات الصهيونية جاءت تنفذ على الأرض العربية مشروعاً استعمارياً ترعاه الدول العظمى آنذاك، بدءاً من «معاهدة سايكس ـ بيكو» بين بريطانيا وفرنسا إلى «وعد بلفور» وزير خارجية بريطانيا للحركة الصهيونية، وكلاهما من نتاج الحرب العالمية الأولى وصولاً إلى «مؤتمر باريس» للدول المنتصرة في الحرب، ومن ضمنه بعض التواطؤ العربي... في حين ان عصابات «داعش» كونية، وان اتخذت لقيادتها «خليفة» بنسب «عربي»، ينخرط في صفوفها إرهابيون محترفون متعددو الجنسية وتحظى برعاية ضمنية من بعض «الدول» المستفيدة من إنجازاتها سواء تجلت في نهب بعض الثروة النفطية في العراق والشام أم في محاولتها تهديم هاتين الدولتين العربيتين. وبالطبع فإن تركيا تحتل المرتبة الأولى في الانتفاع ـ حتى الساعة ـ من هذا التنظيم الإرهابي... ولعل بعض الدول العربية التي كانت تخادع ذاتها قد استفاقت إلى ان «داعش» لا يمكن ان يكون «حليفا»، لأسباب مذهبية، في الطليعة منها السعودية، وقد تواكبها أقطار الخليج، ولا بد ان تنضم إليها مصر في النهاية، لان المعركة حتمية مع هذا العدو الوافد من الجاهلية.
في استعادة سريعة لممارسات العصابات الصهيونية، وأخطرها «شتيرن» و «الهاغاناه»، في فلسطين عشية إقامة الكيان الإسرائيلي، يتجلى التشابه إلى حد التماثل في الممارسات التي يلجأ إليها تنظيم «داعش» في كل من العراق وسوريا، تحديداً، مع امتداداته في انحاء أخرى من الوطن العربي بينها ليبيا وسيناء المصرية وبعض انحاء افريقيا.
يكفي تأكيد التشابه، مراجعة سريعة لوقائع الزحف الصهيوني على فلسطين، بالمذابح المنظمة وعمليات النسف والتدمير لتهجير أهل البلاد من مدنهم وقراهم، تمهيداً لوضع اليد عليها والمباشرة بإحلال المستوطنين المستقدمين من الخارج مكانهم، مع «العفو» عن أقلية عاجزة ومستكينة وعزلاء ستفيدهم في تقديم الخدمات: من إعادة إعمار البيوت لغيرهم إلى المساهمة ـ بقوة الجوع ـ في بناء المستوطنات لأعدائهم، إلى القيام بما لا يرغب الصهاينة في إنجازه بأيديهم.
من الشواهد الدالة على التماثل في الأداء تلك المشاهد التي يعممها تنظيم «داعش» لبث الرعب في قلوب العراقيين والسوريين (وسائر العرب وبالذات في الجزيرة والخليج إضافة إلى لبنان.. أما الأردن فضمانته إسرائيلية.. ملكية!)، وهي تشابه تلك التي كان يعممها الصهاينة عن ممارساتهم مع أهل البلاد: المجازر الجماعية التي لا تستثني النساء ولا ترحم الأطفال، ثم إجبار من تبقى من المواطنين على القيام بالخدمات الضرورية التي يأنف رجال العصابات الصهيونية من أدائها.
على ان التقدم المذهل في وسائل التواصل الاجتماعي، والاعلام أولها، يقدم لـ «داعش» خدمة هائلة التأثير على نفوس الرعايا المتروكين للريح في مناطق واسعة من العراق، بعد مناطق محدودة ولكنها استخدمت كقواعد خلفية لهذا التنظيم المتوحش في سوريا الذي وسع مدى هيمنته على نصف مساحة بلاد الشام تقريبا! ثم انه حقق نصرا كونيا مذهلاً بعد الموصل، باستيلاء على درة التاريخ في بلادنا: تدمر. ومن المنطقي الافتراض ان كل من استمعوا إلى خطاب الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، في الذكرى الخامسة عشرة للنصر بتحرير المناطق التي كان يحتلها العدو الإسرائيلي من أرض لبنان، قد انتبهوا إلى التشابه في الممارسة بين هذا العدو ـ الوطني ـ القومي ـ الإنساني وبين «داعش» بعد اجتياحه انحاء واسعة في العراق والشام، وبينها تنفيذ الإعدام أمام الكاميرات، وبالألوان، بفقراء العمال والموظفين عرباً وأجانب، مسلمين ومسيحيين (كما الحال مع إعدام العمال الاقباط المصريين في ليبيا، أو أبناء الأقليات من كلدان واشوريين واكراد وايزيديين في شمالي العراق...).
فداعش ليس عدواً لطائفة بالذات، أو حتى لدين أو قومية بالذات، انه يسعى لتحقيق مشروعه السياسي (الخلافة!!)، بعمليات الاقتحام المبرمج لمناطق استكشف نقاط ضعف الدولة فيها، أو أفاد من نقمتها على النظام القائم، لأسباب طائفية أو مذهبية، أو سياسية، أو نتيجة لإهمالها الرسمي، على ان يبث الرعب من إرهابه في أنحاء أخرى فيتقدم نحوها ويأخذها من دون قتال تقريباً، أو عبر مواجهات بطولية ولكن بقدرات محدودة.
وأبسط شروط النجاح في مواجهة هذا الخطر الذي يماثل في النوع الخطر الاسرائيلي، بغض النظر عن شعاره الإسلامي المستعار للتمويه، ان يجتمع على مواجهته الضحايا المفترضون لا ان تأخذهم الأغراض والخصومات الآنية او النعرة الطائفية او المذهبية، إلى فتح الطريق امامه ثم الغرق في الندم بعد... ضياع البصرة او غيرها من الحواضر العربية!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن وجوه الشبه بين إسرائيل و«داعش» عن وجوه الشبه بين إسرائيل و«داعش»



GMT 19:27 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

الفرح ليس حدثاً

GMT 19:13 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

من نيويورك إلى غزّة

GMT 19:10 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تلك الصورة في البيت الأبيض

GMT 19:07 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

زغلول النجّار.. ودراما الإعجاز العلمي

GMT 19:04 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان: المفاوضات وأزمة السيادة المنقوصة

GMT 19:02 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

طيور المحبة بين الرياض والقاهرة

GMT 18:58 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

الخوف على السينما فى مؤتمر النقد!

GMT 18:55 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

السيمفونية الأخيرة

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 17:49 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا
المغرب اليوم - المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا

GMT 19:51 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي
المغرب اليوم - لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي

GMT 04:27 2012 الإثنين ,17 أيلول / سبتمبر

زيت نخالة الأرز قادر على خفض الكولسترول

GMT 06:18 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

موجبات التوظيف المباشر في أسلاك الشرطة

GMT 20:34 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

موعد انطلاق بطولة مجلس التعاون الخليجي للغولف في مسقط

GMT 03:33 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

"الموناليزا"النيجيرية تعود إلى موطنها إثر العثور عليها

GMT 18:27 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

سويسرا تطرد فرنسياً تونسياً بشبهة الإرهاب

GMT 10:45 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على ديكور الحفلات في الهواء الطلق في الخريف

GMT 03:59 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

ريهانا عارية الصدر في ثوب حريري فضفاض

GMT 07:41 2016 الإثنين ,05 أيلول / سبتمبر

تفاصيل جريمة قتل بشعة في أحد أحياء الدار البيضاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib