اللُقمة الأمريكية والمَعِدة الإسرائيلية

"اللُقمة" الأمريكية و"المَعِدة" الإسرائيلية

المغرب اليوم -

اللُقمة الأمريكية والمَعِدة الإسرائيلية

بقلم : عريب الرنتاوي

أن تتخذ الإدارات الأمريكية المتعاقبة مواقف شديدة الانحياز لإسرائيل، فهذا أمر اعتاده الفلسطينيون، ودفعوا أثمانه الباهظة طوال سنوات وعقود على أية حال... وأن يتحول هذا الانحياز من انحياز للدولة/ الكيان، إلى انحياز ليمينها المتطرف في ظل هذه الإدارة، إدارة ترامب، فهذا أمرٌ يجهد الفلسطينيون في هضمه وابتلاعه، والتكيف مع تداعياته شديدة الخطورة والمساس بحقوقهم الأساسية .... وأن يحرص الكونغرس الأمريكي، على أن يكون صهيونياً أكثر من الكنيست الإسرائيلي، فهذا موقف تكيف معه الفلسطينيون الذين تابعوا عن كثب، كيف تجري عمليات الضغط والابتزاز للمرشحين لعضوية هذا المجلس من قبل جماعات الضغط واللوبي اليهودي هناك.

موسم «الهدايا والمنح» الذي افتتحته إدارة ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إليها، لا يتوقف على ما يبدو ... الحرب الأمريكية على الفلسطينية مستمرة، قضية الأونروا واللاجئين واحدة من فصولها وساحتها ...

وقف المساعدات عن السلطة الفلسطينية، فصلٌ آخر جديد يضاف إلى مسلسل لا تنتهي حلقاته من المواقف الاستفزازية والمعادية لطموحات وآمال الشعب الفلسطيني.

الجديد هذه المرة، أن «اللقمة» التي تقدمها واشنطن مجاناً لقادة اليمين واليمين المتطرف في إسرائيل، تبدو عصية على الهضم والابتلاع ... وما ورد في تقرير لصحيفة هآرتس، ذيّله عاموس هرئيل بتوقيعه يعكس جانباً من هذه الحقيقة ... فالصحفي الإسرائيل المشهور بسعة اطلاعه، لاحظ أن بنيامين نتنياهو لم يبدِ حماسة ظاهرة هذه المرة لقرار إدارة ترامب مطاردة الأونروا ووقف تمويلها وقطع المساعدات عن السلطة، وهو – نتنياهو – الذي أقام الدنيا ولم يقعدها عندما تناهت إلى مسامعه أنباء القرار الأمريكي الخاص بالقدس والسفارة، ولم يتوقف عن التبجح بأنه صاحب اليد العليا في إقناع ترامب وإدارته بأهمية اتخاذ موقف كهذا.

هرئيل يكشف عن قلق المستوى الأمني الإسرائيل من قرارات ترامب المتسارعة بخصوص اللاجئين والسلطة والأونروا، خشية التسبب باندلاع «ثورات جياع» في مخيمات الضفة وفي القطاع على نحو خاص، وتحدث عن تحذيرات متكررة سبق للأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن قدمتها للمستوى السياسي في إسرائيل، من مغبة الإفراط في إفقار الفلسطينيين وتجويعهم وسد الآفاق والسبل في وجوههم.

لا شك أن «التقديرات الأمنية» لعواقب قرارات ترامب وسياساته الرعناء الجديدة، بلغت المستوى السياسي الأمريكي، إن لم يكن مباشرة، فعبر قنوات التنسيق الأمني المفتوحة بين الحليفتين الاستراتيجيتين ... لكن ترامب يبدو في سباق مع الزمن، لاستكمال تنفيذ أجندة «صفقة القرن»، وقد قلنا في مقالة سابقة، أنه سعى في ترجمتها حتى قبل أن يكشف عنها ...

ونقول اليوم أنه كلما اشتدت اطواق العزلة حول الرئيس وكلما اقترب «حبل المشنقة» من الالتفاف حول عنق رئاسته،  غذّ الخطى لإعطاء إسرائيل، سلفاً ومقدماً، كامل حصتها من «صفقة القرن»، ومن دون أن تكون مضطرة لدفع أي ثمن من أي نوع في المقابل.

بهذا المعنى يمكن أن نفهم تصريحات نتنياهو في ليتوانيا، والتي استمهل فيها الكشف عن صفقة القرن، ونصح بعد الاستعجال في إخراجها إلى دائرة الضوء، فكل ما تريده إسرائيل من الصفقة، حصلت عليه، بل وحصلت عليه بسرعة قد تفوق طاقتها على البلع والازدراد، وهذا في ظني، مغزى التحذيرات الصادرة عن دوائر أمنية إسرائيلية، وفقاً لهآرتس.

وبهذا المعنى أيضاً، لا يبقى أي معنى لحديث الرئيس الأمريكي قبل عدة أيام، عن حاجة إسرائيل لتقديم «ثمن باهظ» مقابل «الهدية الثمينة» التي تلقتها من إدارته، ويقصد قراره بشأن القدس وحديثه عن إخراجها من جدول أعمال المفاوضات المقبلة ... إذ على الرغم من أن التحذير كان موجهاً لإسرائيل، إلا أن الإجراءات المتخذة صبيحة اليوم، كانت تستهدف السلطة والشعب الفلسطينيين، وتم بالفعل إيقاف مبلغ 223 مليون دولار من التزامات واشنطن بدعم السلطة والمقررة تأسيساً على مسار أوسلو وفي سياق عملية السلام.
 المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
المصدر: الدستور

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اللُقمة الأمريكية والمَعِدة الإسرائيلية اللُقمة الأمريكية والمَعِدة الإسرائيلية



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

أمينة خليل تتألق في الأبيض بإطلالات عصرية ولمسات أنثوية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:26 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

منزل ريفي في بريطانيا من وحي تصميمات روبرت ويلش

GMT 11:35 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

زيّن حديقة منزلك مع هذه الفكرة الرائعة بأقل تكلفة

GMT 17:00 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ديوكوفيتش يسعى للفوز بذهبية أولمبياد باريس

GMT 06:20 2023 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

230 ألف شخص يشيعون بيليه إلى مثواه الأخير

GMT 15:10 2022 الأربعاء ,23 آذار/ مارس

شركة "توتال" الفرنسية توقف شراء النفط من روسيا

GMT 20:10 2022 الجمعة ,07 كانون الثاني / يناير

مشروع قانون لتنظيم أسعار المحروقات في المملكة المغربية

GMT 14:16 2021 السبت ,31 تموز / يوليو

فساتين سواريه للنحيفات المحجبات

GMT 23:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تعرف على قائمة الأسعار الجديدة للسجائر في المغرب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib