الاستعداد الدولي للحرب في ليبيا

الاستعداد الدولي للحرب في ليبيا

المغرب اليوم -

الاستعداد الدولي للحرب في ليبيا

عبد الرحمن الراشد

كالعادة، التراخي في مواجهة الجماعات المتطرفة يجعل المهمة أصعب لاحقًا، وبكلفةٍ أغلى. هذا وضع ليبيا اليوم. فمنذ بداية الاقتتال كانت المؤشرات والمحطات كثيرة على تنامي ثم انتشار الجماعات المتطرفة المحسوبة على «القاعدة». 
جماعة «أنصار الشريعة» هدّدت بذبح سفير بورما، في منتصف عام 2012، ولم يلتفت إليها أحد، حتى هاجمت القنصلية الأميركية وقتلت السفير وثلاثة آخرين، فقط بعد شهر من تهديداتها للدبلوماسيين! ردة الفعل كانت عملية كوماندوز أميركية محدودة عندما اعتقلت أحد منسوبي «القاعدة» من بيته في طرابلس. ومرَّت أربعة أشهر قبل أن تضع الحكومة الأميركية «أنصار الشريعة» على قائمة المنظمات الإرهابية، أما الأوروبيون فلم يفعلوا شيئًا على الأرض.
ازدادت نشاطات الجماعات المتطرفة فاختطفت رئيس الوزراء حينها، ثم قامت جماعة أخرى فخطفت موظفين في السفارة المصرية مطلع العام الماضي. ورغم تزايد نشاط الإرهاب في هذه الدولة البحر متوسطية والنفطية، لم يرغب أحد في بناء قوة لمواجهة الإرهاب، ربما على أمل أن يتبخَّروا! والأسوأ أن الأوروبيين، وهم المعنيون بالدرجة الأولى بما يحدث لخطورته على مناطقهم، لم يدعموا القوة الوحيدة التي تجرَّأت على الإعلان عن استعدادها لوقف الفوضى. الجيش الليبي، من خلال اللواء خليفة حفتر، أعرب عن استعداده لتولي المهمة. ربما كانت فرصة لتطوير وإدارة قوة عسكرية ليبية ما، تقوم بمهمة توحيد البلاد، والقضاء على الميليشيات، ثم فرض الحل السياسي، الموجود أصلاً، لكن من دون قوة تحميه، لأن المشروع لم يُدعم، كبرت الأزمة، وانتشر سرطان الجماعات المتطرفة.
أخيرًا، يهدد الأوروبيون، على لسان وزير الخارجية الإيطالي، بأنهم بعد بضعة أسابيع سيضطرون للتدخل العسكري إن لم يتَّفق الليبيون على حل يوحِّد بينهم سياسيًا! الوزير قال إنهم ينظرون في توسيع دائرة التحالف الدولي الذي يقاتل «داعش» في سوريا، ليشمل ليبيا. والسؤال، لماذا لم يفعلوا ذلك مبكرًا عندما كانت المهمة أهون؟
فوضى الشرق الأوسط تتطلب وضع قواعد للاشتباك تكون دولية. هناك دول قد يصعب على المجتمع الدولي فرض نفسه عليها، مهما كانت ضعيفة، ما لم تطلب أو تقبل حكوماتها بالتدخل مثل اليمن سابقًا، والعراق حاليًا. الأميركيون، قبل سنوات، وضعوا حكومة الرئيس صالح حينها، قبل عزله، أمام خيارين: أن يحارب «القاعدة» أو أن يتدخّلوا لمحاربتها لأن خطرها صار يهددهم، خوفًا من المسؤولية وافق على نشر طائرات «الدرون» الأميركية في سماء اليمن ومقاتلة «القاعدة». وكذلك العراق الذي كان يرفض، لكن بعد استيلاء «داعش» على مدينة الموصل، ثم الرمادي، قبل بالتدخّل العسكري الدولي. أما سوريا، لأنه لا توجد فيها حكومة مركزية، جرى التدخل دون الالتفات إلى اعتراضات حكومة الأسد. المشكلة أن التدخل العسكري لمقاتلة التنظيمات الإرهابية كان يأتي دائمًا متأخرًا.
ليبيا بلد حيوي للمصالح والأمن الأوروبي، وجار قريب، وكان بإمكان الاتحاد الأوروبي أن يؤسس لنفسه موقفًا واضحًا بأنه مستعد للتدخل في مناطق النزاع التي تدور في محيطه وتؤثر على أمنه، عندما لا يكون هناك نظام قوي. لا أحد يحبِّذ العودة إلى زمن التدخلات الأجنبية، لكن قد يصبح هو الحل الوحيد، في ظروف خطيرة، عندما تسقط الأنظمة أو تضعف، وبعد الحصول على موافقة من مجلس الأمن.
في ظني أن الأوروبيين كانوا يرون صورة واضحة لدولة تتفكك وتنهار أمامهم، فالأحداث تكبر من خطف، وقتل، والآن مذابح جماعية! وليبيا في طريقها لتكون صومالاً آخر، كما وصفها الوزير الإيطالي، ومع هذا لم يبادروا إلى ترتيب عسكري، كما فعل الأميركيون في سوريا. والأسوأ أن بعض الدول الأوروبية أرادت نموذجًا سياسيًا معدَّلاً يقوم على المحاصصة، بفرض الجماعات الإسلامية بدلاً من الاحتكام الكامل للانتخابات، رغم نتائجهم الهزيلة في الانتخابات. يعتقدون أن ذلك سيساعد على ترتيب الوضع السياسي والأمني معًا. هذا الرضوخ للمتطرفين، ومموليهم الماليين، هو الذي أطال أمد الفوضى، وتسبّب أخيرًا في انتشار سرطان «داعش».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاستعداد الدولي للحرب في ليبيا الاستعداد الدولي للحرب في ليبيا



GMT 19:25 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

السلاح الذي دمّر غزّة… ويهدد لبنان!

GMT 19:24 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

شاهد عيان على الاستطلاع

GMT 19:23 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

يوم الفرار الرهيب

GMT 19:21 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

الفرق بين ترمب ونتنياهو

GMT 19:20 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

اعتدال «طالبان» ولمْع السراب

GMT 19:19 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

هل السلام مستحيل حقّاً؟

GMT 19:18 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

الأخطر من تسجيل عبد الناصر

GMT 19:17 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

«الكونكلاف» والبابوية... نظرة تاريخية

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 12:24 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحمل السبت26-9-2020

GMT 07:07 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

شائعة تبعد "مقالب رامز" عن بركان في الفلبين

GMT 19:46 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

البرلمان المغربي يصادق على مشروع قانون المالية لسنة 2020

GMT 12:54 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواصفات برج القوس ووضعه في حركة الكواكب

GMT 11:02 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

غاريدو يحمل فتحي جمال مسؤولية مغادرته للرجاء

GMT 00:38 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

سيدة ميتة دماغيًا منذ أربعة أشهر تنجب طفلة سليمة

GMT 00:01 2019 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

فان دايك يتوج بجائزة أفضل لاعب في إنجلترا

GMT 00:16 2019 الأحد ,07 إبريل / نيسان

أمل الفتح يتوج بطلا ويحقق الصعود

GMT 01:30 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

بيع أوّل نسخة في العالم من "تويوتا سوبرا GR"

GMT 01:30 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

تعرفي على أفكار لحديقة الزهور ولمسة من الجمال
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib