مشروع القوة العربية ضد من

مشروع القوة العربية ضد من؟

المغرب اليوم -

مشروع القوة العربية ضد من

عبد الرحمن الراشد

بناء مؤسسات عربية مشتركة ظلت دائما تمنيات، سوق اقتصادية مشتركة، عملة موحدة، جواز سفر موحد، ولم يتحقق منها شيء أبدا، وهذا ما جعل العرب في قنوط من الجامعة العربية.
وقد أعاد وزير الخارجية المصري فكرة بناء قوة عربية مشتركة إلى طاولة النقاش، في وقت ازدادت فرص وظائفها، فهناك ملايين العرب يتوسلون النجدة الخارجية في سوريا واليمن والعراق وليبيا والصومال. وهناك سوريون من اليأس يلجأون إلى إسرائيل بحثا عن ملاذ أو علاج بسبب ما يحدث لهم! ماذا لو كانت هناك قوة قادرة على فرض قرارات الجامعة العربية بالقوة، إن لزم الأمر؟ ماذا لو كان من بين مميزات عضوية الجامعة العربية الالتزام بحماية الدول الأعضاء عند وقوع خطر عليها، من خلال قوتها العسكرية، وليس فقط اتفاقية دفاع مشترك بلا أسنان؟ ماذا لو كان من مهامها أيضا، مواجهة الإرهاب والفوضى وغيرهما مما يهدد استقرار الدول الأعضاء العشرين؟
الدول العربية سعت منذ الأربعينات إلى التعاون العسكري، في مواجهة إسرائيل، لكنهم لم يفلحوا في منع الكارثة، حاولوا لكن كانت إمكانياتهم فقيرة، والتنسيق السياسي بينهم ضعيفا. وأسست الجامعة مرة واحدة قوة ردع تشكلت من عدد من القوات العربية، معظمها سورية، للتدخل في لبنان ووقف المواجهات، إلا أن النظام السوري استخدم علم الجامعة، وصلاحيات القوة ليحتل لبنان باسم حمايته، ولم يخرج إلا بعد أن زاده تفككا ووطّن مفهوم الميليشيات فيه. الفكرة بذاتها بناءة ومهمة، تعطي قيمة لمفهوم الجامعة وتعطي أهمية دولية لها أيضا، ومطلوبة في منطقة تعيث فيها الفوضى، وفي وقت كرهت الحكومات الأجنبية والمنظمات الدولية التدخل العسكري فيها، بعد أن صارت كلفته البشرية والمادية والسياسية عالية.
هذه منطقتنا، ومحكوم عليها باستمرار النزاعات والفوضى التي عطلت التنمية وأشاعت خوف العالم وليس العرب وحدهم. ومن الطبيعي أن توجد الرغبة في وضع الغطاء على مارد الفتن المندلعة. طبعا التدخل والحروب وظائف صعبة ومقامرة خطيرة في كل مرة، لكنها من ضرورات البقاء ومن مهام المؤسسات الأولية مثل الجامعة العربية. وهناك الكثير من الصعوبات أمام تأسيس قوة عسكرية ترفع علم الجامعة العربية، من حيث آلية القرار، وحدوده، حتى لا تتحول القوة العربية إلى جماعة مسلحة تستخدم في تصفية الحسابات السياسية، أو خدمة أنظمة ضد شعوبها، مثل نظام سوريا والسودان. وتشكيل القوة من الدول، وتمويلها، وقيادتها مسائل معقدة ستتطلب تفكيرا يحسب كل الاحتمالات المستقبلية، وبناء على الأوضاع القائمة. الحالة الأولى (التدخل العربي في اليمن)، لها شرعية وأغلبية تؤيد التدخل العسكري، من الحكومات العربية. التدخل في اليمن يمكن أن نقول إنه حالة نادرة، بأن تحصل على شبه إجماع لعملية عسكرية كبيرة لحماية الشرعية التي اعترفت بها الجامعة العربية والأمم المتحدة معا.
الحالة الثانية ليبيا. فيها شرعية؛ برلمان وجيش، لكن بسبب كثرة التنظيمات المعارضة، وخطورة تسليحها، واستيلائها على مناطق واسعة من البلاد صارت الشرعية محاصرة. ومن أجل فرض الاستقرار لن يتم إلا بمحاربة الجماعات المسلحة، المتمردة والمتطرفة، والتي تتطلب تدخلا عسكريا عربيا ضخما. المشكلة أنه لا توجد دولة مستعدة لأن تقوم بما قامت به السعودية في اليمن، مستعدة لشن حملة عسكرية كبيرة ومباشرة.
الحالة الثالثة العراق. فيه حكومة شرعية أقوى ومسيطرة لكنها شبه مغلوبة على أمرها بسبب تسلط الأحزاب المسلحة عليها، وفوق هذا تتعرض لتدخل أجنبي من حكومة إيران. هنا، ليس للقوة العربية مكان فيها، نتيجة التمايز الطائفي وعجز الحكومة عن الوفاء بوعودها، إلى درجة أنها رفضت إشراك قوات عربية جوية في القتال ضد «داعش»، وسمحت لإيران والتحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة، فقط!
الحالة الرابعة سوريا. ففيها حكومة لم تعد لها شرعية، وقد أقصيت من الجامعة العربية. هل التدخل يجوز لصالح نظام محاصر ارتكب جرائم مهولة ضد شعبه أم التدخل لصالح الشعب السوري ضد حكومته، بعد أن تفاقمت مأساته، حيث يعاني أكثر من 10 ملايين إنسان من التشريد، وهناك ربع مليون قتيل؟ لا يعقل - لو كان بحوزة الجامعة العربية قوة عسكرية - أن تتدخل لصالح النظام، ولا يعقل أيضا أن تبقى متفرجة على المأساة، وهنا توجد مشاكل قانونية ولوجيستية ضخمة.
على أية حال فكرة القوة العربية المشتركة ستواجه صعوبات جمة، لكن قوة عربية تمثل معسكرا واحدا بعينه ربما تنجح، مع الحصول على رخصة من الجامعة العربية عند الحاجة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشروع القوة العربية ضد من مشروع القوة العربية ضد من



GMT 19:25 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

السلاح الذي دمّر غزّة… ويهدد لبنان!

GMT 19:24 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

شاهد عيان على الاستطلاع

GMT 19:23 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

يوم الفرار الرهيب

GMT 19:21 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

الفرق بين ترمب ونتنياهو

GMT 19:20 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

اعتدال «طالبان» ولمْع السراب

GMT 19:19 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

هل السلام مستحيل حقّاً؟

GMT 19:18 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

الأخطر من تسجيل عبد الناصر

GMT 19:17 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

«الكونكلاف» والبابوية... نظرة تاريخية

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 02:28 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

ملامح ميزانية السودان 2020 تتضمن فرص عمل "هائلة"

GMT 03:28 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

معلومات جديدة عن حياة ديما بياعة في عيد ميلادها الـ43

GMT 21:03 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

شنطة الفرو أكّدت عليها شانيل وفندي إطلالة خريف 2019

GMT 04:59 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على مواصفات أسطول مطار خليج نيوم الأمني

GMT 02:04 2019 الإثنين ,18 شباط / فبراير

شبيهة هيفاء وهبي تثير ضجة على مواقع التواصل

GMT 06:37 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

كيف تعالج مشكلة قضم الأظافر عند الأطفال؟

GMT 03:42 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

تشوبرا تبدو رومانسية خلال استقبال مومباي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib