لماذا من حقّ الإيرانيين الاحتِفال بهزيمة أمريكا ورفع الحظر الأُممي العسكري عنهم

لماذا من حقّ الإيرانيين الاحتِفال بهزيمة أمريكا ورفع الحظر الأُممي العسكري عنهم؟

المغرب اليوم -

لماذا من حقّ الإيرانيين الاحتِفال بهزيمة أمريكا ورفع الحظر الأُممي العسكري عنهم

عبد الباري عطوان
عبد الباري عطوان

انهيار الحظر الأُممي المفروض على شراء إيران وبيعها أسلحة تقليديّة متطوّرة اعتبارًا من مساء أمس الأحد جاء بسبب فشل الولايات المتحدة في تمديده مرّتين في مجلس الأمن أوّلًا، وتخلّى الأوروبيين ومُعظم أعضاء مجلس الأمن عنها، وصُمود الشّعب الإيراني ومُقاومة وقِيادته لهذا الحظر عسكريًّا ودبلوماسيًّا ثانيًا، في إطارِ خطط استراتيجيّة مُحكَمة الإعداد والتّنفيذ.
وبينما يحتفل المسؤولون الإيرانيّون بهذا الإنجاز الذي تحقّق بعد 13 عامًا من الصّبر والنّفس الطّويل، تُخيّم سُحب الحُزن والقلق في أوساط الإسرائيليين وداعميهم الأمريكيين، لأنّ رفع هذا الحظر تلقائيًّا، يعني إطلاق يد إيران في اتّجاهين: الأوّل شراء طائرات حربيّة متطوّرة مِثل “سوخوي 30” و”سوخوي 35″، ومروحيّات روسيّة هُجوميّة، علاوةً على طائرات حربيّة صينيّة “G10” والدبّابات المتطوّرة، خاصّةً “دبّابات T90” الروسيّة أمّا الثّاني فهو السّماح لإيران ببيع أحدث ما أنتجته ترسانتها من الصّواريخ المتطوّرة، والزّوارق السّريعة، ممّا يُوفّر دخلًا ماليًّا تحتاجه البِلاد لمُواجهة العُقوبات الأمريكيّة الاقتصاديّة الخانقة، وتراجع العوائد النفطيّة بسببها.

مايك بومبيو وزير الخارجيّة الأمريكي هدّد بفرض عُقوبات على أيّ طرف يُساهم بتزويد إيران بالأسلحة، أو يتعاون معها في المجال العسكريّ في المرحلة المُقبلة، أمّا بيني غانتس وزير الحرب الإسرائيلي فأطلق تصريحًا “عنتريًّا” قال فيه “كوزير دفاع سأُواصل اتّخاذ أيّ إجراء ضروري، وبالتّعاون مع شُركائنا القُدامى والجُدد، للحُؤول دون توسّع إيران وتسليحها، وعلى الدّول أن تنضم إلى هذا الجُهد المُهم”.

***
هذه التّهديدات فارغةٌ من أيّ مضمون، وآثارها قد تكون محدودةٌ جدًّا على أرض الواقع، سواءً كانت أمريكيّةً أو إسرائيليّة، فإيران لن تذهب لشِراء الطّائرات والتّكنولوجيا العسكريّة، من دُولٍ مِثل مالي وسريلانكا، وإنّما من قوّتين عُظميين صاعدتين بقوّةٍ اقتصاديًّا وعسكريًّا، والمقصود هُنا الصين وروسيا، والإدارة الأمريكيّة فرضت عُقوبات عليهما، ولم تُعطِ إلا أقلّ القليل من ثِمارها، وجرى الرّد عليها بالمِثل، ولا جديد في هذا الصّدد، أمّا دولة الاحتِلال الإسرائيلي فإنّها تُهدّد مُنذ أكثر من عشرين عامًا بضرب إيران، وتدمير مُفاعلاتها النوويّة وبُناها التحتيّة، ولم تجرؤ على الإقدام على هذه الخطوة لأنّ الرّد عليها قد يكون تدميرًا وجوديًّا لها من أكثر من جبهةٍ.

هذا الحظر الأُممي المَفروض على إيران مُنذ عام 2007 أفادها بطريقةٍ غير مُتوقّعةٍ، لأنّه دفع قِيادتها إلى الاعتماد على الذّات، وتطوير صناعة عسكريّة مُتقدّمة، ابتداءً من طائرات درون مُسيّرة (بُدون طيّار) تُعتبر واحدةً من الأكثر تطوّرًا في العالم، ومُرورًا بإنتاج ترسانة صواريخ بمُختلف الأبعاد والأحجام وعلى درجةٍ عاليةٍ من الدقّة، نجح إحداها في وضع قمر صناعي في الفضاء، والثّاني في إسقاط طائرة مُسيّرة أمريكيّة على ارتفاع 20 كيلومترًا اخترقت الأجواء الإيرانيّة فوق مضيق هرمز، وانتهاءً بدبّابات وغوّاصات وزوارق حربيّة سريعة لا ترصدها الرّادارات.

الروس الذين تحدّوا قرار الحظر الدولي وباعوا إيران منظومة صواريخ “إس 300” قبل خمس أعوام تقريبًا، لن يتردّدوا في تزويدها بمنظومة “إس 400” وربّما “إس 500” الأكثر تطوّرًا، خاصّةً أنّه لا يُوجد أيّ عائق قانوني دولي يمنع ذلك، أمّا الصين فتسعى حاليًّا لتوقيع اتّفاق شامل مع حليفها الإيراني القويّ جوهره استِثمار 400 مِليار دولار في مشاريع البُنى التحتيّة الإيرانيّة، والشّق العسكريّ منها على وجه التّحديد.

النّقطة اللّافتة التي وردت في تصريحات وزير الحرب الإسرائيلي غانتس تتمثّل في قوله “سنتّخذ أيّ إجراء ضروري، وبالتّعاون مع شُركائنا القُدامى والجُدد، للحؤول دون توسّع إيران عسكريًّا”، نعرف القُدامى، أيّ الولايات المتحدة، ونعتقد أنّ الأصدقاء الجُدد ربّما يَقصِد بهم دولتيّ الإمارات والبحرين اللّتين وقّعتا اتّفاق سلام مع “إسرائيل”، وربّما المملكة العربيّة السعوديّة لاحقًا.

وهذا قد يُفسّر ضُغوط الرئيس ترامب على هذه الدول لتوقيع الاتّفاقات المذكورة في أسرعِ وقتٍ مُمكنٍ، حيث ستتحوّل إلى قاعدةٍ لانطلاق أيّ تحرّك عسكريّ ضدّ إيران.
تسريبات كثيرة في الصّحف الغربيّة تحدّثت عن “مُفاجأة أكتوبر” التي قد يُقدِم عليها الرئيس ترامب، لترجيح كفّته في الفوز بالانتخابات الرئاسيّة التي يَبعُدنا عنها ثلاثة أسابيع فقط.. فهل تتمثّل هذه المُفاجأة بعُدوانٍ إسرائيليٍّ أمريكيٍّ على إيران لخلط الأوراق؟

***
لا نملك بلّورة سحريّة، ولا نَضرِب في الرّمل، ولكنّ رفع هذا الحظر العسكريّ عن إيران يُشكّل هزيمةً كُبرى لإدارة ترامب، ومصدر قلق ورُعب لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وسيكون من الصّعب استِبعاد أيّ خِيار “مجنون” يُقدِم عليه هذا التّحالف المأزوم داخليًّا وخارجيًّا.

من حقّ الإيرانيين، قيادةً وشعبًا، أن يحتفلوا بهذا الانتصار الذي جاء بعد صُمودٍ طويل، وجُهود دبلوماسيّة مُكثّفة ومدروسة، ولا عزاء للعرب المُطبّعين الخانِعين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا من حقّ الإيرانيين الاحتِفال بهزيمة أمريكا ورفع الحظر الأُممي العسكري عنهم لماذا من حقّ الإيرانيين الاحتِفال بهزيمة أمريكا ورفع الحظر الأُممي العسكري عنهم



GMT 19:25 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

السلاح الذي دمّر غزّة… ويهدد لبنان!

GMT 19:17 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

«الكونكلاف» والبابوية... نظرة تاريخية

GMT 15:22 2025 الجمعة ,02 أيار / مايو

سوريا الجديدة ومسارات التكيّف والتطويع

GMT 15:16 2025 الجمعة ,02 أيار / مايو

سوريا و«حِفظ الإخوان»

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 21:08 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

الأحداث المشجعة تدفعك?إلى?الأمام?وتنسيك?الماضي

GMT 03:15 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نجاة ممثل كوميدي شهير من محاولة اغتيال وسط بغداد العراقية

GMT 08:02 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

آرسين فينغر الأقرب لتدريب ميلان خلفًا لغاتوزو

GMT 04:11 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

صابرين سعيدة بـ"الجماعة" وتكريمها بجائزة دير جيست

GMT 14:57 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

عمرو الليثي يستضيف مدحت صالح في "بوضوح" الأربعاء

GMT 14:14 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

المدن المغربية تسجّل أعلى نسبة أمطار متساقطة خلال 24 ساعة

GMT 03:21 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

ظروف مشحونة ترافق الميزان ويشهد فترات متقلبة وضاغطة

GMT 06:15 2017 الجمعة ,24 آذار/ مارس

ورم الكتابة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib