الحسابات الحزبية

الحسابات الحزبية

المغرب اليوم -

الحسابات الحزبية

محمد الأشهب

تنحو الانتخابات التشريعية السنة الجارية في المغرب على نحو مغاير لما انطبعت به استحقاقات البلديات. أقربه أن بوادر تحالفات جديدة بدأت تلوح في الأفق. وبعدما خاض كل من حزبا الاستقلال والاتحاد الاشتراكي رهان البلديات ونظام الجهات على مسافة أبعد حيال «العدالة والتنمية» الذي يقود زعيمه عبد الإله بن كيران الائتلاف الحكومي الحالي، بات واضحاً أن انقلاباً بحجم نصف الدائرة في طريقه لأن يتبلور.
تماماً كما أغرى الاتحاد الاشتراكي حليفه الاستقلال في فترة سابقة بفك الارتباط مع الحكومة والعودة إلى صف المعارضة، أثرت فكرة المساندة النقدية التي اقترحها الاستقلال في مواقف الاشتراكيين، وقد تدفعهم إلى تغيير نظرتهم إلى «العدالة والتنمية» الذي ثبت أنه ركن محوري في أي معادلة مرتقبة، وأن الحزبين أقرب إليه من أي طرف ثالث، عدا «التقدم والاشتراكية» الذي أبرم معه تحالفاً خارج التوقعات.
وزير الاتصال (الإعلام) مصطفى الخلفي القيادي في «الحزب الإسلامي» اختار ندوة حزبية شارك فيها إلى جانب قادة «الاستقلال» حميد شباط و «الاتحاد الاشتراكي» إدريس لشكر و «التقدم والاشتراكية» نبيل بن عبدالله استخراج ورقة إشهاد على موقف «الاستقلال» الذي كان عارض حل حزبه، على خلفية الهجمات الانتحارية التي كانت الدار البيضاء مسرحاً لها في أيار (مايو) 2003. واعتبرت الإشارة بمثابة اعتراف يمهد الطريق لنوع من المصالحة بين الحزبين، بخاصة أنه لم يسبق التلويح بها سابقاً. ولعله بذلك كان يرد التحية بأفضل منها، عندما رغب «الاستقلال» في تشكيل غالبية نيابية تمكنه من رئاسة الوزراء، وأبدى انفتاحاً أكبر وقتذاك على «العدالة والتنمية» في مرحلة دقيقة وجهت فيها سهام كثيرة إلى صدر الحزب الإسلامي الذي سيطلق المفاجأة بعد أقل من عشر سنوات على الحادث.
اللافت في اللقاء السياسي الأخير أنه جمع للمرة الأولى حلفاء الأمس في «الكتلة الديموقراطية» إلى جانب «العدالة والتنمية» على رغم انفراط عقدها لدى التحاق «التقدم والاشتراكية» بحكومة عبد الإله بن كيران التي كان يعارضها «الاتحاد الاشتراكي»، ثم «الاستقلال» في وقت لاحق، ولم يكن لهذه الصيغة التي تقتفي لغة الإشارات لتفسير أي تأويل. لولا أنها ركزت انتقاداتها المتشددة ضد ما يوصف بظاهرة «التحكم» التي دخلت مصطلح المنافسات السياسية بارتباط وظهور «الأصالة والمعاصرة» الذي انفرد بآلية انتخابية في استحقاقات البلديات، بدت أكبر من حجمه الطبيعي كحزب لم يكمل عقده الأول بعد. فقد جرب إقامة تحالف مع أحزاب اليمين والوسط في انتخابات العام 2011، من دون أن يحقق مبتغاه في الاستئثار بحضور سياسي وازن، ثم خطا في اتجاه بناء تحالف آخر مع المعارضة في انتخابات البلديات. ولا يمكن الجزم بأي التحالفات سيخرجها من قبعته في الاستحقاقات الاشتراعية المقبلة.
إلى ما قبل الاصطفاف الجديد، كان حزبا الاستقلال والاتحاد الاشتراكي ينسقان خطوات المواجهة ضد الحكومة في إطار تحالف ضم «الأصالة والمعاصرة» أيضاً. إلا أن نتائج استحقاقات البلديات عصفت بآخر قلاع ذلك التحالف المرحلي، ومع أن الحزبين الرئيسيين في المعارضة، على بعد مسافة قليلة من نسج تحالف جديد، يرجح أن يلعب ضمنه «التقدم والاشتراكية» أكبر من دور الوسيط المقبول، كونه يشارك في حكومة عبد الإله بن كيران ولم يقطع صلاته بشريكيه السابقين في «الكتلة الديموقراطية».
لكن حسابات الحزب (الشيوعي سابقاً) قد تلتقي هذه المرة والمسار الذي تتجه نحوه التحالفات. وقد كان لزعيمه وزير الإسكان نبيل بن عبد الله سبق المبادرة في اقتناص جوانب الاختلالات التي شابت اقتراع البلديات والجهات، بما يترتب عليها من بوادر تموقعات جديدة، لا بد من أن يكون لها نفوذها في الاشتراعيات المقبلة التي أصبحت الطريق نحوها محفوفة بأنواع من التوترات الاجتماعية ومفاصل الحسابات الحزبية. 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحسابات الحزبية الحسابات الحزبية



GMT 15:35 2025 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

الاعتراف بفلسطينَ اعتراف بإسرائيل

GMT 15:32 2025 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

دراميات صانعي السلام

GMT 15:27 2025 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

تحقيقٌ صحافي عن عبد العزيز ومن عبد العزيز

GMT 15:18 2025 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

من يسار الصحوة الأميركية إلى يمين الترمبية

GMT 15:15 2025 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

حكاية الطبيب والأميرة ديانا!

GMT 10:37 2025 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

الرضا مرة أخرى

GMT 10:35 2025 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

محمد سعد يبحث عن العصافير!

GMT 10:31 2025 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

وزارتان لوزير البترول

وفاء الكيلاني وتيم حسن يخطفان الأنظار في "الموريكس دور" وأناقة لافتة للثنائيات

بيروت - المغرب اليوم

GMT 21:14 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تجنب اتخاذ القرارات المصيرية أو الحاسمة

GMT 16:40 2014 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تراجع قياسي جديد للروبل إزاء الدولار واليورو الجمعة

GMT 20:01 2017 الثلاثاء ,20 حزيران / يونيو

الإسباني خوان كارلوس غاريدو مدربا لنادي الرجاء

GMT 14:05 2016 السبت ,17 كانون الأول / ديسمبر

أهم و أبرز اهتمامات الصحف العراقية الصادرة السبت

GMT 04:31 2016 الأحد ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إنجذاب الشباب إلى موضة تامر حسني البسيطة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib