قليل من التناغم

قليل من التناغم

المغرب اليوم -

قليل من التناغم

أمينة خيري
بقلم : أمينة خيري

تقول لهم: ما دخل الدين ورجال الدين فى القانون وتطبيقه، وفى التعليم وأنظمته، وفى الصحة وعلاجاتها، وفى المواصلات العامة وخطوطها، وفى سوق العمل ومؤهلاته، وفى السفر ورحلاته؟!.. فتظهر علامات الفزع على وجوههم والاحتقان فى أوصالهم، ويصرخون: الدين ورجاله فى كل نَفَس نتنفسه، وفى كل تفصيلة نعيشها، وفى كل قرار نتخذه، وفى كل قانون نسنه.

تسألهم: تمام، أليست القيادة عكس الاتجاه أو الجنونية التى تعرض صاحبها ومن حوله لمخاطر بالغة حرام وترشح صاحبها لدخول النار؟!.. تظهر علامات الاستهجان، وأمارات الاستنكار، ويهزون أكتافهم ويطلقون ضحكاتهم الصفراء الباهتة وهم يقولون باستخفاف واستهزاء: وما دخل الدين فى المرور وعكس الاتجاه وفى الاتجاه؟!

أو ربما تسألهم عن قتل الكلاب والقطط وتسميمهم وتعذيبهم، أو من يضرب حماره أو حصانه أو جاموسته أو معزته، وألا يكون مشرحًا بقوة لمكانة بارزة فى نار جهنم التى يهددوننا بها إن لم نلتزم بالمقاييس التى قرروا بناء على ما ورثوه عن أمرائهم وكبارهم، أو ممن يسمون أنفسهم علماء ورجال دين والدين، أى دين، منهم برىء؟ تعاود عروقهم الانتفاخ وتتسارع كلمات الاستهجان والاستنكار ويخبرونك بكل تأكيد أن الجنة والنار ومآل الناس ومن يستحق ماذا هى أمور لا يتدخل فيها البشر، وأن تسميم الحيوانات والتخلص منها أمور عادية ومقبولة، وأن الأولوية للإنسان الذى ميزه الله عن باقى الكائنات، ولولا الكسوف، وخوفًا من اتهامهم بالنفاق والرياء والكذب والادعاء، لحكموا عليك بالكفر والفسق، ولأخبروك بأنك لو بقيت على طريق الضلال الذى تسير فيه، ستحترق عظامك فى نار جهنم التى أكدوا فى الجملة نفسها أنها والجنة قرارات ربانية لا علاقة للبشر بها.

على مدار عقود من متابعة المد الرجعى المتزمت المتطرف المتشدد الغارق فى السطحية الممعن فى المظهرية والذى حول شوارعنا وبيوتنا ومدارسنا وأعمالنا إلى «من بره هالله هالله ومن جوه يفتح الله»، يتأكد لى كل يوم أن شدة المد رهيبة، وأن مقاومة التطهير عنيفة، وأن الإصرار على ما نحن فيه تصحبها عزيمة حديدية وإرادة من صلب.

ولا يسعنى سوى تكرار الأسئلة، كيف لهذا الكم من مظاهر «الالتزام» الشديد والتدين الرهيب أن يتزامن ويتزامل ويتعايش ويتواءم مع هذا الكم من الفصام فى المبادئ، والانفصال عن متطلبات الحياة، والإغراق فى إحصاء عدد الخطوات التى نخطوها فى الطريق إلى بيوت الله التى تضمن لنا حسابًا متخمًا فى بنوك السماء، أو صراع بناء المزيد منها بدلًا من المدارس والمستشفيات والمراكز الثقافية والرياضية، وإن طالبنا بالترشيد أو تحدثنا عن أولويات مختلفة، تنتفض الأوصال وتنتفخ الشرايين، وهى الأوصال والشرايين نفسها التى لا تهتز لها شعرة لسير عكسى أو جنونى يقتل الأبرياء، أو تلال قمامة على مرمى حجر من المسجد الذى تكلف بناؤه ملايين، أو تعذيب حيوانات وقتلهم على يد من كنا نعتقد أنهم المسؤولون عن رعايتها وحمايتها. كل المطلوب قليل من التناغم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قليل من التناغم قليل من التناغم



GMT 19:37 2025 الأحد ,10 آب / أغسطس

شرق «الكابينت» وجديده

GMT 19:22 2025 الأحد ,10 آب / أغسطس

عراقي في الخَليَّة

GMT 19:18 2025 الأحد ,10 آب / أغسطس

نتنياهو ــ غزة... «الخيار جدعون» لا يفيد

GMT 19:13 2025 الأحد ,10 آب / أغسطس

(الست) وحديث السيجارة!!

GMT 19:11 2025 الأحد ,10 آب / أغسطس

المفاجأة القادمة في الشرق الأوسط

نانسي عجرم تتألق بفستان فضي من توقيع إيلي صعب في إطلالة خاطفة للأنظار

دبي - المغرب اليوم

GMT 10:50 2025 السبت ,09 آب / أغسطس

درة تتألق بإطلالات صيفية ملهمة في 2025
المغرب اليوم - درة تتألق بإطلالات صيفية ملهمة في 2025

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 03:13 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

بوروسيا دورتموند يعلن تعاقده مع جوبي بيلينجهام

GMT 21:49 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 17:05 2025 الأحد ,20 تموز / يوليو

ليفربول يقترب من التعاقد مع مهاجم جديد

GMT 03:10 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

رد حاسم من ممثلي تير شتيجن حول مستقبله مع برشلونة

GMT 09:15 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

تشيلسي يحتكر القائمة وويليامز في الصدارة

GMT 03:07 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

قائمة أتلتيكو مدريد في كأس العالم للأندية 2025

GMT 12:22 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

رحلة إلى العصور الوسطى في بروغ البلجيكية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib