المجتمعات المعنفة
استقالة مدير عام بي بي سي ورئيسة الأخبار بعد جدل حول تغطية خطاب ترمب قصف إسرائيلي يستهدف سيارة جنوب لبنان وارتفاع حصيلة الشهداء في غارات متواصلة على النبطية والمناطق الحدودية حماس تندد بجولة رئيس الاحتلال الإسرائيلي في إفريقيا وتدعو الدول لرفض التطبيع وقطع العلاقات اسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتراخي وواشنطن تضغط لقطع تمويل ايران عن حزب الله سحب دفعات من حليب رضع في أميركا بعد تسجيل 13 حالة تسمم والتحقيقات مستمرة لمعرفة مصدر التلوث غزه تواصل النزيف حصيله الشهداء ترتفع الى 69 الفاً والاصابات تتجاوز 170 الف منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في 7 اكتوبر وزارة الداخلية السعودية تنفذ حكم القتل تعزيراً بحق مواطنين لانضمامهما إلى تنظيم إرهابي يستهدف أمن المملكة غرق قارب قبالة الحدود الماليزية التايلاندية ومفقودون يقاربون 290 شخص ستة قتلى ومئات المصابين بإعصار شديد في ولاية بارانا البرازيلية سوء الطقس في الكويت يجبر تسع طائرات على الهبوط الاضطراري في مطار البصرة الدولي
أخر الأخبار

المجتمعات المعنفة!

المغرب اليوم -

المجتمعات المعنفة

محمد الرميحي
بقلم - محمد الرميحي

 

ظاهرة اجتماعية سياسية في معظم فضائنا العربي، تتمثل في الانقلاب السريع من التأييد الكامل وولاء التزلف للأشخاص أو الأنظمة، إلى النقد اللاذع المحمل بكراهية مريرة، بمجرد أن يسقط النظام.

سعد بيومي في روايته «يوميات سعد عباس: 1952-1958»، أي الست سنوات بعد قيام الثورة المصرية، يسرد للقارئ كيف تحولت صحف وأشخاص وأحزاب، من اعتبار الملك فاروق وكأنه من سلالة القديسين، إلى رجل فاسد ومغامر وشرير، نفس الصحف ونفس الأشخاص، كما نذكر بيتاً لشاعر عراقي يخاطب فيه صدام حسين حيث يقول له: «لولاك ما ظهر القمر»!! غير مجموعة الألقاب والكرامات التي وصفت صدام بأوصاف كادت أن توصله إلى سلالة القديسين، ثم انقلب الجميع بعد ذلك، فبانت حفلات القتل والشر والجهل في شخصيته وأقربائه بعد سقوطه.

ويكاد المرء أن يجد نفس الظاهرة فيما بعد بشار الأسد، لقد انقلب مباشرة رجال قريبون جداً منه ونظامه وكانوا يدافعون عن نظامه بأحط الكلمات ضد الآخرين معارضين أو دولاً عربية، وما إن سقط حتى رفعت راية التجريح والسخط، على نظام كانوا فيه من عظام الرقبة.

كيف نفسر هذه الظاهرة؛ الولاء الأعمى والدفاع عن الشر، ثم الانقلاب عليه بعد ذلك انقلاباً وكأنه يرى تلك المساوئ لأول مرة؟

إنها ظاهرة «المجتمعات المعنفة» التي تقوم فيها السلطة بإخضاع الجميع إلى نمط من التفكير الشمولي، ينتشر في المجتمع، ومن يزايد يقترب من السلطة أكثر، التي ديدنها التعنيف، ولقد شهدنا وزراء وسفراء وفنانين يكيلون المديح لكل شاردة وواردة من تلك الأنظمة الاستبدادية، ثم ينقلبون عليها.

في الثمانينات من القرن الماضي، كان هناك اجتماع لوزراء الخارجية العرب في الكويت، وكان الخلاف على أشده حول بعض الملفات؛ حيث حمل الثوريون العرب، إن صح التعبير، كل جهلهم إلى المنصات العامة والمنابر السياسية، وحاول العقلاء تبصيرهم بالمخاطر، فإذا بالمرحوم وزير الخارجية السوري وقتها عبد الحليم خدام يستشيط غضباً في النقاش، فيوجه كلاماً خارجاً عن السياق؛ ليجد رداً مناسباً من سعود الفيصل رحمه الله. تلك هي الثرثرة الآيديولوجية التي يتبناها العاملون في الأنظمة الاستبدادية؛ حيث تخرج عن التفكير العقلاني.

ويمكن تسمية مثل هؤلاء بحملة المباخر، فقد أصبح خدام في وقت لاحق أكثر شراسة ضد النظام الذي خدمه.

في رواية «يوميات سعد عباس»، يقول قريبه الذي يعمل في البوليس السياسي، محذراً إياه من العمل بالسياسة، ورداً على سؤال كيف تخدم النظام الجديد وأنت كنت جزءاً من النظام القديم، قال لقد غيروا الرئاسات لا السياسات!

الخوف يظهر أبشع ما في الإنسان، معظم السجانين الصغار في سجن صيدنايا الرهيب في الغالب قاموا بعملهم خوفاً من العقاب، وكان تصورهم أنهم كلما قسوا على السجناء وأذلوهم، رضي عنهم الذين أوكلوا لهم تلك المهمة، وما ظهر من فظائع في سجون ومعتقلات الأسد الأخرى تنفر منه البشرية، ويسأل الإنسان نفسه، أي بشر يبرر لنفسه ما تم فعله من فظائع.

من بقي على قيد الحياة من الذين عملوا مع صدام حسين يرون أيضاً الهوائل من الأحداث، ومتوفر اليوم على الشبكة الدولية أو في المقابلات التي سجلت للبعض منهم ما يكفي أن يعرف الناس كم من احتقار للإنسان، قامت به تلك الأنظمة، وما زال بعضها في المنطقة تحت شعارات «تصدير الثورة» تقوم بنفس الممارسات، ويكذب متحدثوها «كذب الإبل» على مستمعيهم ومشاهديهم في التسويق لتلك الأنظمة، وهم أول من يعرف أن ما يقولونه دافعه الخوف، فهم يعيشون في مجتمع معنف لا صوت يعلو إلا المزايد.

المجتمعات المعنفة لا تستطيع أن تبني تنمية، ولا تستطيع أن تحارب وتنتصر، ولا تستطيع أن تُشيد أوطاناً، هي تأكل نفسها بنفسها، وأمامنا اليوم تجارب سودان البشير، وسوريا الأسد، وعراق صدام، وليبيا القذافي وما قبلهم ومن سوف يأتي بعدهم بنفس صراخ الشعارات وسيوف القمع.

لقد فشل «حزب الله» في الدفاع عن بعض بيئته في الجنوب اللبناني، كما فشل النظام السوري في البقاء، رغم استنجاده بقوى كبيرة، وانقسمت ليبيا على نفسها، وما زالت تجربة التعافي في العراق معوقة، تحمل الكثير من إرث الماضي، لقد تركت كل تلك الأنظمة مجتمعاً معنفاً، يحمل جرثومة عدم التعايش مع غيره، وحتى مع نفسه.

الخروج من ذلك المأزق صعب ومكلف، ويحتاج إلى رجال تُحسن قراءة الأحداث، وتقدم ترياقاً يرمم ما قد قام به العسكر أو شبه العسكر من تمزيق لنفسية الإنسان.

آخر الكلام: رغم كل ذلك العنت فإن رجلاً ونساء قد قاوموا الاستبداد، بعضهم بأرواحهم وآخرون بمستقبلهم، كما فعل، كمثال، قيصر، الذي هرّب الصور المرعبة لبشاعة النظام السوري.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المجتمعات المعنفة المجتمعات المعنفة



GMT 16:43 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دفاعاً عن النفس

GMT 16:40 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا... إرهاب وسياحة

GMT 16:37 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ممداني... و«سنونو» نيويورك!

GMT 16:34 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب وزهران... ما «أمداك» وما «أمداني»

GMT 16:31 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 16:26 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

مقعد آل كينيدي!

GMT 15:18 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

المكان والأرشيف في حياة السينما!!

GMT 15:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فاطمة لم تكن وحدها

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:14 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت
المغرب اليوم - نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت

GMT 23:21 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات مسيرة تستهدف قيادات القاعدة في شبوة اليمنية
المغرب اليوم - غارات مسيرة تستهدف قيادات القاعدة في شبوة اليمنية

GMT 20:01 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش السوداني يصد هجوماً للدعم السريع على بابنوسة
المغرب اليوم - الجيش السوداني يصد هجوماً للدعم السريع على بابنوسة

GMT 15:44 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

علماء يكتشفون مفتاح إطالة عمر الإنسان عبر الحمض النووي
المغرب اليوم - علماء يكتشفون مفتاح إطالة عمر الإنسان عبر الحمض النووي
المغرب اليوم - أنباء انفصال هنادي مهنا وأحمد خالد صالح تثير الجدل من جديد

GMT 15:53 2020 الإثنين ,20 إبريل / نيسان

فضيحة أخلاقية في زمن الحجر الصحي بنواحي أكادير

GMT 15:34 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

عملاق فرنسا يبدي رغبته في ضم حكيم زياش

GMT 07:22 2018 الخميس ,02 آب / أغسطس

"جاغوار" تطرح نسخة مبتدئة دافعة " two-wheel"

GMT 04:03 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

غاريدو يكشف أن الرجاء مستعد لمواجهة الوداد

GMT 16:51 2017 الإثنين ,24 إبريل / نيسان

طريقة عمل بروكلي بصوص الطماطم

GMT 05:00 2016 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل مشروب التوت بالحليب مع الشوكولاتة المبشورة

GMT 01:09 2015 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

طبيب ينجح في إزالة ورم حميد من رأس فتاة

GMT 04:40 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

موقع "أمازون" ينشئ سلة مهملات ذكية تدعى "جيني كان"

GMT 02:53 2015 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

المهاجم مراد باطنا يقترب من الانتقال إلى "انطاليا التركي"

GMT 04:17 2012 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

كوزوميل جزيرة الشعاب المرجانية ومتعة هواة الغطس

GMT 10:00 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

النجمة أمل صقر تكشف أن المجال الفني يعج بالمتحرشين

GMT 11:01 2024 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

أبرز عيوب مولودة برج العذراء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib