بقلم : محمد أمين
البداية كانت أم كلثوم تغنى بجوارى «هل رأى الحب سكارى بيننا».. كتبها الشاعر الطبيب إبراهيم ناجى، ولحنها السنباطى.. لحن ولا أروع، رحت أبحث فى سيرة السنباطى.. والسنباطى، أشهر من لحن القصيدة العربية وهو موسيقار وملحن كبير، أحد أبرز الموسيقيين العرب، بلغ عدد مؤلفاته الغنائية ٥٣٩ عملًا فى الأوبرا العربية والأوبريت والاسكتش والديالوج والمونولوج والأغنية السينمائية والدينية والقصيدة والطقطوقة والمواليا. وبلغ عدد مؤلفاته الموسيقية ٣٨ قطعة، وبلغ عدد شعراء الأغنية الذين لحن لهم ١٢٠ شاعرًا!.
تعلقت به وبألحانه وحاولت أن أعرف شيئاً عن سيرته، وعلاقته بكوكب الشرق.. أبرز من غنوا من تلحينه أم كلثوم، ومنيرة المهدية، وفتحية أحمد، وصالح عبد الحى، ومحمد عبد المطلب، وعبد الغنى السيد، وأسمهان، وهدى سلطان، وفايزة أحمد، وسعاد محمد، ووردة، وميادة الحناوى ونجاة، وسميرة سعيد، وابتسام لطفى وطلال مداح، وعزيزة جلال التى قدم لها مجموعة من الأغانى العاطفية ولحن لها آخر عمل فنى له: قصيدة الزمزمية وقصيدة «من أنا؟» وقصيدة أشواق لميادة الحناوى لتكون بذلك عزيزة جلال آخر فنانة تقدم أعمال رياض السنباطى!.
ولد رياض السنباطى فى ٣٠ نوفمبر ١٩٠٦ فى مدينة فارسكور التابعة لمحافظة دمياط.. وكان والده مقرئاً تعوّد الغناء فى الموالد والأفراح والأعياد الدينية فى القرى والبلدات الريفية المجاورة، أصيب وهو فى التاسعة من عمره بمرض فى عينه، حال بينه وبين الاستمرار فى الدراسة، وهو ما دفع والده إلى التركيز على تعليمه قواعد الموسيقى وإيقاعاتها. وقد أظهر رياض استجابة سريعة وبراعة ملحوظة، فاستطاع أن يؤدى بنفسه وصلات غنائية كاملة، وأصبح هو نجم الفرقة ومطربها الأول وعرف باسم «بلبل المنصورة».
وفى عام ١٩٢٨، كان قرار الشيخ السنباطى الأب بالانتقال إلى القاهرة مع ابنه، الذى كان يرى أنه يستحق أن يثبت ذاته فى الحياة الفنية، مثله مثل أم كلثوم، التى كان والدها صديقا له قبل نزوحه إلى القاهرة. فى ذلك العام، بدأ السنباطى مرحلة جديدة من حياته لا يمكن وصفها بالسهولة. وإزاء تلك الصعوبات كانت رغبته فى إثبات ذاته، وسط مناخ المنافسة الشديد، ولهذا وفى تواضع جم وإنكار لذاته ولقدراته وامتثالًا لواقع الأمور، تقدم بطلب لمعهد الموسيقى العربية، ليدرس به، فاختبرته لجنة من جهابذة الموسيقى العربية فى ذلك الوقت، إلا أن أعضاءها أصيبوا بنوع من الذهول!.
كانت قدراته أكبر من أن يكون طالبًا، فأصدروا قرارهم بتعيينه فى المعهد أستاذا لآلة العود والأداء. ومن هنا بدأت شهرته واسمه فى البروز فى ندوات وحفلات المعهد كعازف بارع. ولم تستمر مدة عمله بالمعهد إلا ثلاث سنوات، قدم استقالته بعدها، حيث كان قد اتخذ قراره بدخول عالم التلحين.. مع تطور أسلوب السنباطى وسطوع نجم أم كلثوم فى منتصف الثلاثينيات، سهل لهما التلاقى.. دعته أم كلثوم للقاء وقالت له: «خلينا نبقى نشوفك يا أستاذ رياض.. ما دمت هنا فى مصر وأنا هنا» لأنهما بلديات وسابق معرفة!.