بقلم : محمد أمين
أشاهد، من وقت لآخر، فيديوهات الدكتور مصطفى الفقى مع إحدى القنوات العربية، يحكى شهادته كصندوق أسود، يمتاز بالمعلومات الغزيرة وخفة الدم وحسن التخلص، وأحب أن أستمع إلى ردوده حين تحتاج الأسئلة إلى رأى حاسم، فأراه يتخلص من الأسئلة بطرفة أو بابتسامة.. وحكى قصة جرت بين الكاتب الساخر الكبير محمود السعدنى ومبارك فقال:
سأله السعدنى قائلا: إنك تجلس على كرسى سيف الدين قطز ومحمد على وعبدالناصر، فقال مبارك: إن كان عاجبك الكرسى خده وانت مروح!. وعلق الفقى على رده فقال كان لا يحب الفذلكة ولا الفلسفة فى الكلام.. وكان لا يحب الجمل الطويلة والكلمات المجعلصة فى خطاباته.. وكان عدو ما يجهل.. وأظنه لم يعرف قطز ولم يسأل عنه، وهذه فرصة للإشارة إليه فى هذه السطور: هو الملك المظفر سيف الدين قُطُز محمود بن ممدود بن خوارزمشاه، وهو سلطان مملوكى تولى الملك سنة ٦٥٧ هـ الموافق ١٢٥٩. يُعدّ قُطُز بطل معركة عين جالوت وقاهر التتار المغول!.
أطلق عليه التتار لقب قطز.. حيث قاومهم بشراسة خلال اختطافهم له، وبيعهم إياه وهو صغير، ومعنى قطز باللغة المغولية والتركية «الكلب المسعور» (بالتركية العثمانية: قدوز) (بالتركية: kuduz)، نسب قطز يعود إلى الأمير ممدود الخوارزمى ابن عم السلطان جلال الدين خوارزمشاه سلطان الدولة الخوارزمية وزوج أخته. نشأ قطز نشأة الأمراء وتدرب على فنون القتال على يد خاله، وبعد سقوط الدولة الخوارزمية بِيع مملوكًا فى الشام، ثم انتقل لمصر وبِيع مملوكًا للملك الصالح نجم الدين أيوب آخر ملوك الدولة الأيوبية، فتعلم فنون القتال والخطط الحربية فى مدارس المماليك!.
وشارك جيش الملك الصالح فى صد الحملة الصليبية السابعة، وتحقيق الانتصار فى معركة المنصورة عام ٦٤٨ هـ الموافق ١٢٥٠. تدرّج قطز فى ترتيب السلطة حتى كان يوم السبت ٢٤ ذو القعدة ٦٥٧ هـ الموافق ١١ نوفمبر ١٢٥٩ عندما نُصّب ثالث سلاطين مماليك مصر!.
ولما عاد قطز منتصرًا من عين جالوت إلى مصر تآمر عليه بعض الأمراء المماليك بقيادة بيبرس، فقتلوه بين القرابى والصالحية ودفن بالقُصير، ثم نُقِل قبره بعد مدة من الزمن إلى القاهرة!.
نشأ قطز كأى مملوك تم شراؤه، مثل بقية المماليك الأرقّاء القادمين من بلاد ما وراء النهر من بلاد المغول والترك، فالترك من قبائل المغول التى سكنت شرق آسيا، ومنهم التتار الذين خرج منهم جنكيز خان وهولاكو.
المهم أن «مبارك» لم يسأل عن قطز ولم يطلب معلومات عنه من سكرتير الرئيس للمعلومات، ولكنه أراح نفسه وقال: خد الكرسى معاك وانت مروح.. ويبدو أنه كان لا يحب التاريخ ولا الجغرافيا، كما قال عن نفسه فى موضع آخر.. هكذا كان الفقى يحكى عن مبارك.. وكان مبارك يقول: الفقى عاوز يعيش!.