الميليشيات والسذاجة السياسية

الميليشيات والسذاجة السياسية

المغرب اليوم -

الميليشيات والسذاجة السياسية

طارق الحميد
بقلم - طارق الحميد

كالعادة، وكلما كانت إسرائيل في موضع إدانة دولية تتشكَّل ضد الانتهاكات التي تقوم بها بحق الفلسطينيين، أو الأماكن المقدسة، تهب الميليشيات في منطقتنا للتدخل بسذاجة سياسية تقلب المشهد تماماً، وتمنح إسرائيل تعاطفا دوليا غير مستحق.
ولا أتحدث هنا فقط عما حدث مؤخرا من إطلاق صواريخ تنك من جنوب لبنان، على إسرائيل، وإنما عن تاريخ مستمر من السذاجة السياسية التي لم تحقق شيئا يذكر للفلسطينيين، أو القضية الفلسطينية.
وبالنسبة لما حدث يوم الخميس الماضي من إطلاق صواريخ تنك من جنوب لبنان؛ حيث اتهمت إسرائيل «حماس» بالوقوف خلفها مع نفي «حزب الله» أي دور له بذلك، فإنه يؤكد مجددا أننا أمام سذاجة سياسية متكررة رغم الحروب التي شنت على غزة، دون مبرر حقيقي.
ومعلوم أن إطلاق صواريخ على إسرائيل من جنوب لبنان، سواء من قبل حماس، أو غيرها من الفصائل الفلسطينية، بل قل الميليشيات، لا يمكن أن يتم من دون موافقة «حزب الله»، وبالطبع إيران.
وكالعادة، ردت إسرائيل بقصف غزة وجنوب لبنان. ومنذ تلك الأربع والعشرين ساعة من القصف الإسرائيلي لم يتحقق شيء يذكر للفلسطينيين، ولم يرد «حزب الله». وحققت إسرائيل انتصارا من خلال تشتيت الرأي العام الدولي. حيث تحولت قرارات الإدانة باقتحام الأقصى إلى تأييد لإسرائيل بسبب حق الدفاع عن النفس، ولم يعد هناك حديث عن الانقسامات في الداخل الإسرائيلي، بل ترقب لما سيفعله نتنياهو! فهل هناك سذاجة سياسية أكثر من ذلك؟
الحقيقة أن «حماس» و«حزب الله»، وغيرهما من الميليشيات، مجرد سذج سياسيا لا علاقة لهم بالدولة، أو مفاهيمها. وليس لديهم علاقة بالسياسة، علما أو ممارسة، ولا يفهمون إلا لغة الاغتيال، وافتعال الأزمات، وتدمير مفهوم الدولة، لكونهم لا يؤمنون أساسا بالدولة العربية.
«حزب الله» مجرد ميليشيا تخدم المشروع الإيراني، وهذا معلن من قبل قياداتهم ومثبت، ولا مجال لإنكاره. وبالنسبة لحركة حماس فهي نتاج حركة الإخوان المسلمين الأم التي لا تؤمن بالدولة، وإنما بالأمة، وتلك قصة أخرى، وما أكثر عللها.
والسؤال الذي يجب أن يطرح دائما، وبصوت عال، هو: ما الذي تحقق منذ حرب 2006 بين «حزب الله» وإسرائيل؟ أو الحروب الخمس التي شنت على غزة؟ الحقيقة أن هذه الميليشيات، «حماس» و«حزب الله»، وغيرهما، لا أنقذوا المسجد الأقصى، ولا حسنوا أوضاع الفلسطينيين.
ولم يحسنوا كذلك أوضاع اللبنانيين، ولا حققوا خطوة تجاه السلام، بل بجرة قلم ودون صاروخ تنك، مرر «حزب الله» الاعتراف اللبناني بإسرائيل في الاتفاق البحري، وبات الحزب هو الضامن لأمن إسرائيل بحريا.
وبعيدا عن نظريات المؤامرة السائدة في منطقتنا، فإن كل ما تحقق من السذاجة السياسية لدى هذه الميليشيات هو تعميق كراهية العرب لهم، وقبلها كراهية الفلسطينيين واللبنانيين لهم أيضا، والأمر نفسه ينطبق على العراقيين والسوريين.
كما أن سذاجة هذه الميليشيات سياسيا ساهمت في ترسيخ نظرية أنهم يخدمون الأهداف الإسرائيلية، وليست الإيرانية فحسب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الميليشيات والسذاجة السياسية الميليشيات والسذاجة السياسية



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 00:02 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

قائد قسد يؤكد الالتزام بتسريع دمج القوات في الدولة السورية
المغرب اليوم - قائد قسد يؤكد الالتزام بتسريع دمج القوات في الدولة السورية

GMT 02:03 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

منى أحمد تكشف أن لكل برج ما يناسبه من الأحجار الكريمة

GMT 14:24 2016 الإثنين ,06 حزيران / يونيو

"السياسة العقارية في المغرب " ندوة وطنية في طنجة

GMT 07:52 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

موسكو تستضیف منتدي اقتصادی إیراني -روسي مشترك

GMT 05:10 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

هيئة السوق المالية السعودية تقر لائحة الاندماج المحدثة

GMT 07:31 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

طرح علاج جديد للوقاية من سرطان الثدي للنساء فوق الـ50 عامًا

GMT 23:39 2012 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر: تزويد المدارس بالإنترنت فائق السرعة العام المقبل

GMT 08:26 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا قدمتم لتصبحوا صحفيين وناشطين؟

GMT 00:26 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة المنشط الإذاعي نور الدين كرم إثر أزمة قلبية

GMT 02:33 2014 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

"رينود" يتسبب في تشنج الأوعية الدموية لأصابع اليدين

GMT 00:25 2017 الأربعاء ,07 حزيران / يونيو

مي عمر تؤكّد أهمية تجربة عملها مع عادل إمام

GMT 09:51 2016 السبت ,10 كانون الأول / ديسمبر

بشرى شاكر تشارك في مشروع طاقي في ابن جرير
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib