الهروب من السؤال مع سبق الإصرار
الصحة في غزة تعلن تعذر انتشال الضحايا من تحت الركام وارتفاع حصيلة العدوان منذ السابع من أكتوبر إلى أكثر من 58 ألف شهيد و140 ألف إصابة المرصد السوري يعلن إرتفاع حصيلة قتلى اشتباكات السويداء إلى 940 في تصعيد غير مسبوق جنوب البلاد وفاة الأمير النائم الوليد بن خالد بن طلال بعد عشرين عاماً من الغيبوبة توديع قصة هزت مشاعر العالم العربي دولة الإمارات تدين نقل سلطة إدارة الحرم الإبراهيمي الشريف إلى المجلس الديني اليهودي وفاة طفلة عمرها عام ونصف بسبب سوء التغذية في قطاع غزة هزة أرضية بقوة 4.6 درجة تضرب مدينة شاهرود في محافظة سمنان شرق العاصمة الإيرانية طهران الشبكة السورية لحقوق الإنسان تكشف عن مقتل 321 شخصاً على الأقل في أعمال العنف بالسويداء دونالد ترامب يُطالب بكشف شهادات إبستين السرية وسط تصاعد الضغوط والانقسامات السياسية رئيس الفيفا ينعي بأسى وفاة أسطورة الكرة المغربية الراحل أحمد فرس وفاة الوزير والسفير السابق عبد الله أزماني عن عمر يناهز 79 عاماً بمدينة أكادير
أخر الأخبار

الهروب من السؤال مع سبق الإصرار

المغرب اليوم -

الهروب من السؤال مع سبق الإصرار

عبد الرحمن شلقم
بقلم : عبد الرحمن شلقم

الأسئلة نسماتٌ تسري إلى حلقة الرأس، فهي النفس الذي يُزرع فيه بذورُ التفكير، والماء الذي يرويها. الأسئلة خطوات تتحرك في العقول من دون توقف. وإن كانت هي الشهيق، فالإجابات هي الزفير المجيب. ذلك هو ديالكتيك الحياة الذي يبدع، ويصنع استمرار الحياة وتجددها في حركة الزمن الذي لا يتوقف. العقل نخلة تثمر في كل الفصول، بل في جميع الأوقات، وعندما يهزّها التفكير تساقط رطباً جنياً. لكن زعازع الرياح لا تتوقف، وقد تتلوى وتتحرك من مختلف الاتجاهات، فيكون الساقط من النخلة قبل نضجه، حشيفاً يابساً لا نفع فيه. الرياح الزعازع التي تخنق العراجين، فتجهض التمر قبل موعد نضجه، لها عشرات بل مئات المحركات أحياناً. الخوف والتردد وعدم القدرة على مواجهة ما يشعله السؤال من حرارة في الرؤوس. لكل زمن بحوره وأنهاره وترابه، والناس فيه بين سابح في برزخ، وعابر في سبيل طويل. هناك مجتمعات كسرت حلقات القيود عن فاعلية عقلها، وعاشت في بساتين تزينها زهور السؤال، ومنحت حياتها شهيق التفكير، فأبدعت زفير النهوض والتقدم الدائم. أمم أخرى استمرأت الخوف من حرارة السؤال، فذاب في كيانها الجهل والجمود، وصارت الإعاقة العقلية لذةً للجاهلين، يبدعون منها ولها. صارت الرؤوس جحوراً لا شيء فيها، سوى تراب يزفُّ الغبار الخانق، والحواس صماء بكماء عمياء.

السؤال قبضة عقل تطرق الرأس، فيرنُّ ناقوس اليقظة، وتتحرك صحوة التفكير. يرسم الإنسان خريطة لها عيون، وفيها أضواء تخلق تكوينات ومفاهيم، يتحرك بهمّةٍ لإبداع إجابات تتوالد بلا توقف. من آلاف النواقيس التي تحرك العقول، تعم اليقظة وتنطلق النهضة في دنيا الحياة. كل اكتشاف أو اختراع حققه الإنسان، كان إجابة عن - لماذا؟ - هذه الكلمة الصغيرة كانت المصنع الإنساني الأسطوري، الذي رفع البشر من الحالة الحيوانية، إلى الدرجة الإنسانية التي قهرت الزمان والمكان. الخوف من ظلامية المجتمع، وقمع السلطة والخرافة والموروث الميت الرميم، هي الأقفال المزمنة التي تغلق أفواه الأسئلة وأبوابها، وتهشّم نواقيس اليقظة، وتحيل الصمت سباتاً مزمناً، يتلذذ بمتعة الجهل في غيبوبة الهروب من متعة السؤال.

الحالة البدائية تمنح الجاهلين الذين يعيشونها، إحساساً بالأمن في دنيا يفسرون كل ما فيها من الظواهر، بالخرافات والأساطير، ويكفون أنفسهم مشقة الدخول في معامع الأسئلة وما تفرضه من إجابات.

مسيرة الإنسانية الطويلة من الجهل نحو العلم، ومن التخلف نحو النهوض والتقدم، كلفت روادها الكثير. علماء أيقظتهم الأسئلة، وأعطوها أعمارهم من أجل الإجابة عنها، بل منهم من قدم حياته، وقُتل شنقاً أو حرقاً. الجواب مغامرة قاتلة، لكنه هو مفتاح كل أبواب الأزمنة الجديدة بإنسانها الجديد المتحضر.

هناك أهداف يتحرك الإنسان نحوها، مثل تسهيل حركة البشر بين الأمكنة، من وعثاء السفر على الأقدام، وعلى ظهور الحيوانات، إلى اختراع السيارة والقطار والطائرة. كل ذلك كان ومضات عقول تعلمت فتحررت وأبدعت. انتقلت البشرية في قفزة أسطورية، من الخضوع للظواهر الطبيعية العنيفة، وتفسيرها بخرافات غيبية، والاستسلام للأمراض كالطاعون والجدري والسل وغيرها، إلى الاعتكاف في المعامل والسهر في مراكز البحث، لتخليق الدواء. كل ما تعيشه البشرية اليوم من حضارة وازدهار، هو بفضل جبال الإجابات العلمية، عن أسئلة غمرت حقول العقول. الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية محلية كانت أو عالمية، هي أعراض لأمراض تعشعش في الكيانات البشرية المختلفة. الحروب بكل أنواعها والعنف والتطرف، والكساد الاقتصادي والانحرافات والجرائم، كلها أعراض لأمراض، في أجساد الكيانات الإنسانية. ولكل داء طبيبه ودواؤه. في سنة 1968 انطلقت في فرنسا ثورة شبابية، وتحركت إلى مدن أوروبية عدة. منذ بداية انطلاقها أيَّدها الفيلسوف الفرنسي جان بول ساتر بقوة، وكان موقفه المؤيد لثورة الشباب دافعاً لزيادة تأججها. اقترح قادة الأمن الفرنسي على الرئيس شارل ديغول، اعتقال سارتر لمنعه من التواصل مع الشباب الثائرين. ردَّ عليهم ديغول: تطلبون مني اعتقال فولتير زماننا؟ اذهبوا له واسألوه عن أسباب ما حدث وماذا يرى. اجتمع عشرات من السياسيين وعلماء الاجتماع وعلماء النفس وخبراء الاقتصاد، وناقشوا في اجتماعات طويلة أسباب وخلفيات ما حدث، وقدموا برامج تعليمية وإعلامية ورياضية، تجيب عن ما يعتمل في نفوس شباب جيل جديد، له أسئلته التي ما طافت في رؤوس آبائه وأجداده. الشباب يريد أن يعيش دنيا من إبداعه.

عندما شهدت سبعينات القرن الماضي، موجة عنف يسارية دموية في أوروبا. في فرنسا مجموعة العمل المباشر، وفي إيطاليا مجموعة الألوية الحمراء التي اغتالت السياسي الإيطالي الكبير الدو مورو، وفي ألمانيا مجموعة البادرماينهوف، اهتزت أوروبا. عُقدت اجتماعات موسعة في كل أنحاء أوروبا الغربية، من أجل البحث عن لماذا حدث ما حدث؟

في منطقتنا العليلة ساد العنف والتطرف، وهيمنت الفوضى والحروب الأهلية وغير الأهلية وتجذر الفساد، وصار الجهل عقيدةً تتفشى. الغائب الوحيد هو، لماذا؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهروب من السؤال مع سبق الإصرار الهروب من السؤال مع سبق الإصرار



GMT 20:44 2025 السبت ,19 تموز / يوليو

الطعن على الوجود

GMT 20:40 2025 السبت ,19 تموز / يوليو

خيار فؤاد شهاب… ونجاة لبنان

GMT 20:38 2025 السبت ,19 تموز / يوليو

‎نتنياهو يبدأ تغيير الخريطة من سوريا

GMT 20:37 2025 السبت ,19 تموز / يوليو

القبة الحرارية وفوضى الأرض المناخية

GMT 20:36 2025 السبت ,19 تموز / يوليو

ترمب ــ بوتين... فسحة الأمل الخمسينية

GMT 20:35 2025 السبت ,19 تموز / يوليو

لعنة الحروب في السودان

GMT 20:33 2025 السبت ,19 تموز / يوليو

الوفد فى القرآن!

هيفاء وهبي تمزج الأناقة بالرياضة وتحوّل الإطلالات الكاجوال إلى لوحات فنية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 19:45 2025 السبت ,19 تموز / يوليو

حسام حبيب يصل إلى حفله بجدة على كرسي متحرك
المغرب اليوم - حسام حبيب يصل إلى حفله بجدة على كرسي متحرك

GMT 05:01 2021 الخميس ,16 كانون الأول / ديسمبر

النفط يتراجع بفعل توقعات تجاوز المعروض الطلب

GMT 13:15 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

الفيزازي يُبارك زواج المغني مسلم و الفنانة أمل صقر

GMT 10:39 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

مجموعة أزياء محتشمة وعصرية لإطلالاتك في رمضان

GMT 01:13 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

دلال عبدالعزيز تُؤكِّد أنّ "كازابلانكا" مكتوبٌ بحرفية شديدة

GMT 03:36 2018 الأحد ,30 أيلول / سبتمبر

تعرف على أحدث عطور "لويس فويتون" الجديدة

GMT 17:31 2016 الجمعة ,15 إبريل / نيسان

تعرفي على أفضل حليب لتسمين الرضع

GMT 03:51 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

تجارب تكشف تأثير فطر "البسيلوسيبين" في علاج مرضى الاكتئاب

GMT 05:53 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

جورج حبيقة يكشف عن مجموعته الجديدة لموسم ما قبل خريف 2018

GMT 04:41 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

بحث طبي يكشف عن دواء جديد لداء "السكري" يُعالج الزهايمر

GMT 21:07 2014 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

الكريستالُ يحول قطع الديّكور إلى حالةِ فريّدة

GMT 04:52 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المصممة إيمي بوني تُجدد منزلها الفيكتوري على الطراز العصري

GMT 15:54 2016 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السلوفاكي مارك هامسيك سيعتزل كرة القدم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib