2025 سنة دونالد ترمب

2025 سنة دونالد ترمب!

المغرب اليوم -

2025 سنة دونالد ترمب

عبد الرحمن شلقم
بقلم : عبد الرحمن شلقم

المؤرخ البريطاني أليستير هورني، أصدر كتاباً، سمّاه سنة 1973 سنة هنري كيسنجر. ففي تلك السنة كان وزير خارجية أميركا ومستشار أمنها القومي، هو صانع السياسة العالمية بامتياز. الوفاق مع الاتحاد السوفياتي، والانفراج مع جمهورية الصين الشعبية، والاهتمام الخاص الذي أعطاه للشرق الأوسط بعد حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، وأدى إلى معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل. سنة غيرت مسارات سياسية عالمية، وطوت صفحات صراع، كتبتها مراحل طويلة من الحروب الساخنة والباردة. أبواب أغلقت وفتحت أخرى.

سنة 2025 يمكن أن نكتب لها عنواناً، على شاكلة ما ذهب إليه المؤرخ البريطاني أليستير هورني، ليكون 2025 سنة الرئيس الأميركي دونالد ترمب. السنوات تتحرك كأرقام على عداد الزمن، بشكل تلقائي، كما تتحرك الدقائق والساعات والأيام والشهور والسنوات والقرون. لكن ما يتكدس على كاهلها من أفعال، بكل ما فيها من تغييرات، لها آثار فاعلة في مسار الشعوب بنسب متفاوتة، وهي التي تضع علامات تلمسها العقول وتراها العيون، وتؤثر في المعادلات والعلاقات الإقليمية والدولية. الرئيس ترمب، وضع اسمه ختماً أحمر، على غلاف هذه السنة التي نحيا في خضمها. منذ اليوم الأول الذي أعلن فيه قراره؛ الدخول في المعركة الانتخابية الرئاسية، للمرة الثانية عن الحزب الجمهوري، تحركت أمامه وخلفه، عواصف عاتية من الاتهامات، ومثل أمام المحاكم، قابلها بقبضات الملاكم المدرع. منذ البداية، كان ترمب يكتب على وهج العواصف، كما تكتب هي على حركاته وقبضات غضبه. نازل غريمه المرشح الديمقراطي، الرئيس جو بايدن في مناظرة مباشرة، فكان الاهتزاز الأول، الذي بشَّر بابتسامة الأمل للمرشح دونالد ترمب. لقد أُغلق على المسن بايدن أمام ترمب، وأيقن الديمقراطيون أن لا مناص من تقديم مرشح رشيق لمواجهة المصارع الملياردير. كامالا هاريس نائبة الرئيس بايدن، هي الخيار الإجباري للاندفاع في مضمار السباق الرئاسي. استطلاعات الرأي العام رفعت مؤشر الأمل لها، وقد كان أداؤها في المناظرة الأولى مع بايدن علامة أمل مضافة. تحرك ترمب بين قاعات المحاكم، وبين الحشود المؤيدة له في حملته الانتخابية، في مختلف الولايات الأميركية. محاولة اغتيال مرعبة. كانت نجاته منها أعجوبة، واجهها بشجاعة وثبات أبهر الآلاف. في الانتخابات الشعبية والمجمع الانتخابي، حقق فوزاً مدوياً رافقه فوز حزبه في الكونغرس. فوزه بالرئاسة للمرة الثانية، سجل به ترمب اقتحاماً لحلبة التاريخ الأميركي، إذ لم يسبقه إلا رئيس أميركي واحد، هو غروفر كليفلاند، الذي تولى الرئاسة مرتين غير متتاليتين. كان شعار حملته الانتخابية، «لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى». وبمجرد دخوله إلى المكتب البيضاوي، اندفع ترمب في توقيع عشرات القرارات، تتعلق بشؤون داخلية وخارجية وعرضها على وسائل الإعلام مباشرة. تصريحات ملتهبة صدمت القريب والبعيد؛ منها ضمُ كندا إلى الولايات المتحدة الأميركية، وكذلك جزيرة غرين لاند، والسيطرة على قناة بنما، أما غزة فالحل الذي قدمه ترمب، هو تحويلها إلى ريفييرا سياحية عالمية. الحروب والاضطرابات التي تهزّ بعض مناطق العالم، وفي مقدمتها الحرب الروسية - الأوكرانية التي قال عنها إنه سيوقفها في أيام قليلة. أصدقاء أميركا طالبهم برفع مساهمتهم المالية في حلف «الناتو». أما ثالثة الأثافي بل رابعتها وخامستها، التي أشعلت نار الاقتصاد العالمي، فكانت إعلانه حرب رفع نسبة التعامل الجمركي على الواردات من دول العالم، وانسحابه من بعض المنظمات الدولية، وإيقاف المساعدات لدول العالم. قدم دعماً عسكرياً حاسماً لإسرائيل في غاراتها على المفاعلات النووية الإيرانية، في حين توصل إلى تفاهم مع الحوثيين الذراع المسلحة لإيران، أوقف غاراتهم على السفن الأميركية. تدخل بقوة في الصدام بين الهند وباكستان ونجح في وقف التصعيد العسكري بينهما. قفزات دونالد ترمب وصرخاته كانت مثل تمايل خيال مآتة في حقل قمح واسع. ترددت بعض الطيور تحسباً، وعاندت أخرى وحامت. عبَر دونالد ترمب طريقه الثاني إلى البيت الأبيض، وسط نيران ترتفع وتتسع، وطالت رأسه وهو يخطب أمام طوفان من مؤيديه. كان ذلك المشهد الذي اخترقت فيه رصاصة أذنه، وسال منها الدم، ورفع يده متحدياً، كلمة الدم التي رسمت ختم وجوده الأحمر على بساط الشوك الطويل. كل رئيس أميركي له تقاسيم وملامح شخصية وسياسية فارقة. فأميركا إمبراطورية تختلف عن كل ما سبقتها من إمبراطوريات عبر التاريخ. قوة اقتصادية وعسكرية وسياسية، لها حضور ناعم وعنيف في كل العالم. قاتلت وسالمت وتدخلت في قارات العالم، منذ الحرب العالمية الأولى. ورثت الإمبراطوريتين الفرنسية والبريطانية بعد الحرب العالمية الثانية. تفردت بقوتها العالمية بعد غروب شمس الاتحاد السوفياتي.

دونالد ترمب في النصف الأول من هذه السنة، حرَّك الدنيا بالوعد والوعيد، وهدد دولاً ومدَّ يد الأمل لشعوب، ولم يخفِ تطلعه لجائزة نوبل للسلام، لكنّ بحراً من الدم وجبالاً من أجساد الأطفال في قطاع غزة، ترتفع صارخة وتمد يد الضمير الإنساني في وجه طموحه العاصف. هناك يُختبر كل عهده، وليس سنة 2025 فحسب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

2025 سنة دونالد ترمب 2025 سنة دونالد ترمب



GMT 19:47 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

الاثنين أو الأربعاء

GMT 19:40 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

«إسرائيل الكبرى»: الحلم القديم الجديد

GMT 19:34 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

هل يقدر «حزب الله» على الحرب الأهلية؟

GMT 19:31 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

أحلام ستندم إسرائيل عليها

GMT 19:28 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

بـ «السوسيولوجيا» تحكم الشعوب

GMT 19:24 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

المستهلك أصبح سلعة

GMT 19:22 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

قصة التحول للسياسة!

الأميرة رجوة تتألق بإطلالة أنيقة بالأبيض تجمع بين البساطة والرقي

عمّان -المغرب اليوم

GMT 01:09 2025 الأحد ,17 آب / أغسطس

توم كروز يرفض تكريما من دونالد ترامب
المغرب اليوم - توم كروز يرفض تكريما من دونالد ترامب

GMT 23:03 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

محمد السادس يترأس مجلسًا وزاريًا بالقصر الملكي في الرباط

GMT 09:00 2019 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

كيندال جينير تلهمكِ إطلالة مسائية جريئة

GMT 03:49 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

مسيرة سلمية للسيطرة على الاحتباس الحراري في بلجيكا

GMT 07:23 2018 الجمعة ,19 تشرين الأول / أكتوبر

تكدس نفايات البلاستيك في اليابان بعد حظر الصين استيرادها

GMT 07:00 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

وسائل التواصل الاجتماعي تثير الشعور بالغيرة من الآخرين

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

شريفة أبو الفتوح تبيّن أن الجيلي يضر بصحة الطفل

GMT 10:17 2018 الثلاثاء ,18 أيلول / سبتمبر

" La Reserva Club " الشاطئ الخاص الوحيد في إسبانيا

GMT 00:43 2018 الثلاثاء ,15 أيار / مايو

فخر يطالب بالالتفاف حول خريبكة لتحسين نتائجه

GMT 10:21 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

أغلى الرجال فيلم جديد عن حياة الزعيم جمال عبد الناصر

GMT 10:35 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

نادال يتعرَّض لإصابة في الركبة تغيبه عن الملاعب 3 أسابيع

GMT 10:10 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

"تجرّأ" مبادرة شبابية للرقص في شوارع مدينة اللاذقية

GMT 05:56 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

فنانون يتقدمون بشكوى لحكومة العثماني ضد مخرج معروف

GMT 10:41 2012 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ديفيد يطلق مجموعة جديدة

GMT 04:50 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

افتتاح أكاديمية الرجاء البيضاوي لكرة القدم آذار المقبل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib