خنادق الخوف العالية
أميركا تسمح لسوريا باستئناف عمل سفارتها في واشنطن هانيبال القذافي يغادر سجن بيروت بعد عشر سنوات من التوقيف في قضية اختفاء الإمام موسى الصدر تركيا تؤكد على وحدة سوريا وتحذر من مخاطر تقسيمها ترامب يهدد بمقاضاة BBC بعد كشف تلاعب تحريري في وثائقي حول أحداث الكابيتول تجمعات مؤيدة ومعارضة أمام البيت الأبيض خلال أول لقاء بين ترامب والرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع نتنياهو يدعو إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية بشأن أحداث السابع من أكتوبر 2023 في خطاب مثير للجدل أمام الكنيست الولايات المتحدة تنفذ ضربتين جوّيتين ضد قاربين لتهريب المخدرات في المحيط الهادئ وتقتل 6 أشخاص وسط جدل قانوني دولي إعتقالات واعتداءات إسرائيلية على الفلسطينيين في الخليل والقدس ورام الله مع تحطيم قبور بمقبرة باب الرحمة منظمة الصحة العالمية تحذر من أزمة إنسانية في غزة مع انتظار أكثر من 16 ألف مريض للعلاج في الخارج رحيل المطرب الشعبي إسماعيل الليثي بعد تدهور حالته الصحية عقب حادث سير وحزن مضاعف بعد عام من فقدان إبنه
أخر الأخبار

خنادق الخوف العالية

المغرب اليوم -

خنادق الخوف العالية

عبد الرحمن شلقم
بقلم - عبد الرحمن شلقم

بعد أن حطَّت الهند مراكبها على القمر، وأرسلت تقنيتها في تجريدة علمية تستطلع ما يستدير حول الشمس من خيوط... بعد هذا الفتح العلمي الكبير، ارتفعت أصوات تدعو إلى العودة لاسم الهند القديم «البهارا». هل يريد بعض الهنود أن يهربوا من زمان أو من مكان أو من عهود طالهم فيها ضيم الاستعمار والفاقة، ويدخلوا في رحلة خيال يمتزج فيها العلم بما في دنيا الروح من قدرات عابرة للمكان وسطوات الزمان ودوراته؟

الشعب الهندي امتلك منذ القدم حضارة لها خصوصية روحية متنوعة... في بلاد تعدد فيها كل شيء؛ اللغات والأديان والطبيعة. هل استبق علماء الهند غيرهم من البشر في قراءة الآتي بما فيه من تغيرات كبيرة مقبلة، فأرادوا أن يبدعوا في عقولهم دنيا بديلة؟ لا شك في أن قفزات الهند العلمية والاقتصادية تؤكد أن تلك البلاد لها قدرات تستحق أن نبني فوقها أكثر من برج من خيال، وننسج حولها أكثر من سؤال يرفرف.

كل ما في العالم اليوم يدق ملايين النواقيس. في كل ثانية تتدفق الأخبار من مشارق الأرض ومغاربها، تحمل ما يهز النفوس من كوارث من صنع البشر أو من غضب الطبيعة. طوفان هائج يكتسح مساحات واسعة من قارات العالم، والحرائق تلتهم الأخضر واليابس، والزلازل تدفن آلاف البشر تحت ركام ما كانوا يحتمون بسقفه. الآلاف من الغرقى تبتلعهم مياه البحار، وهم يخوضون رحلة البحث عن الحياة. الكرة الأرضية تختنق، فقد هاجر الأكسجين في رحلة غير نظامية إلى لا مكان. الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي قرر الشروع في رحلة انتحار سائلة، لينحر بثلجه السائل الأرض التي اعتدى ساكنوها على سكينته السلمية الباردة في المحيطات. لن يكون الجليد الصامت أقل جرأة من المطر الذي يداهم بمياهه المتدفقة مناكب الأرض. الآن تبدأ الكائنات الصلبة والسائلة الصامتة زمن الانتقام من أولئك الذين وهبتهم الحياة، فبادروا إلى خنقها بعد أن استعبدوها قروناً طويلة.

البشر أبدعوا فنون القتل، وسخروا لها عقولهم وما فوق الأرض وتحتها من جامد ومتحرك. المصانع والمخازن ممتلئة بكل أنواع السلاح، أما مخازن الأدوية والطعام فهي تعاني من الجوع والهجران والفراغ والبؤس، مثلما يعاني البشر في جنوب الكرة الأرضية. البشر يبدعون معاركهم كل يوم، وإنتاج السلاح يفوق إنتاج الطعام والدواء. تلك عضلات الحديد المضافة لعضلات البشر، لكن للطبيعة أيضاً عضلاتها التي يسكنها الغضب، وتمتلك قوة الضرب العنيف. الإرهاب القاتل لا يوفر مكاناً ولا أعماراً. الأطفال يطلقون النار على زملائهم في الفصول الدراسية، ومتطرفون كبار يرفعون أصواتهم احتفالاً فوق جثت قتلاهم الذين لا يعرفونهم.

تراجع الشعر والموسيقى والإبداع المسرحي والأوبرا، ولم يعد هناك روميو وجولييت، وقيس وليلى، وسواهم ممن يرشون عطر الحب على جسم الوجود. صارت المخدرات هي البديل للإبداع الإنساني، فهناك سوق للخيال تبيع كبسولات صغيرة في وريقات مطوية، تحيل الرؤوس إلى دنيا الإبداع والخيال الوهمي، وتكفي زبائنها جهد الاستماع والقراءة أو الجلوس في صالات المكتبات والمسارح. لم يعد إرهاق العقل من الضرورات كي يبدع، فللفكر الخيالي أسواق مجنونة.

نظرية الارتقاء تفعل فعلها بقوة... من القرد إلى الإنسان، إلى الكائن الحديدي الذكي، الذي سيصنع دنياه الجديدة الموعودة. لن يصنع كائنات حديدية تعاند ذكاءه الرهيب، أو تسمم ما حوله، أو تحرق الأكسجين وتستهلك المياه، وتأكل ما تهبه الأرض من طعام. سيبدع أشجاراً من حديد، ولن يرهق عقله الحديدي بكتابة شعر أو عزف موسيقى، كل ذلك سيكون صلباً لا يحتاج لحروف تكتب، أو آلات تعزف. ولن يكون الكائن الحديدي الذكي بحاجة للعشق الناعم والعطور وموضة الملابس، والسهر في الحانات والمسارح ودور السينما، أو قضاء الإجازات على شواطئ البحار وفوق الجبال. فكل شيء حديدي عملي؛ بما في ذلك المشاعر والمزاج. لن تثقل عقله هموم الإنجاب والمسؤولية العائلية، ولن يسيل على جسمه العرق، فالعقول الحديدية لا ينالها التعب أو الإرهاق.

لن تكون هناك حاجة للعملة أو البنوك والطرق والسكك الحديدية. العصر الحديدي الذكي ستكون له القدرة على تحريك كل شيء عن بعد بنظرة أو همسة، أو حتى بمجرد الإحساس برغبة ما في شيء ما. لقد تمكن الحديد من أن يمتص آخر ما في عقل البشر قبل أن يأتي عليه ألزهايمر الموعود، وليؤسس الكائن الحديدي زمنه الموعود على ركام الكائن المُخرِّب. ستحتفي بقايا الأرض بالكائن الحديدي ابن بطن مناجمها، الذي استولى على الغنيمة الأسطورية من رأس البشر. تلك كانت القفزة الكبرى في حلقات التطور والارتقاء.

الباقون من البشر فوق الأرض بعد أن يتسيدها الكائن الحديدي لن يكون أمامهم سوى التكيف مع آمرهم الذي لا يرحم، وسيتحولون إلى ريبوتات مطيعة، تفرح بما يقدم لها من بقايا البقايا. لكنهم سينعمون بالسلام والرفاهية والصحة. عندما يتولى الكائن الحديدي قوة القرار في كل شؤون الحياة، فإنه لن يستهلك ما في الوجود من أكسجين، أو ما تنتجه الأرض من نباتات، ولن ينهش لحوم الحيوانات. فقط شحنات محدودة من الكهرباء تهبه قوة الحركة، ويتولى بنفسه بعد ذلك كل شيء.

«البهارا»؛ أو الهند القديمة الجديدة، تتحرك نحو كتابة عقد خيالي جديد مع عالم يسبح في نهر الإحباط والخوف، ونحن نحاول أن نقرأ ما في موجات سديم يلوح بآتٍ كل ما فيه يتحدث بلغة إشارة مراوغة، حذراً من مخازن الدمار التي تملأ الرؤوس. أين ستقام إمبراطورية الإنسان الحديدي الذي تنتظره الطبيعة المغتصبة؟ وهل سيهرب البقايا نحو خنادق عالية في الفضاء، أم إلى تجاويف في قاع الأرض؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خنادق الخوف العالية خنادق الخوف العالية



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 17:49 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا
المغرب اليوم - المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا

GMT 19:51 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي
المغرب اليوم - لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي

GMT 01:52 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

قائد الجيش الباكستاني يحصل على صلاحيات واسعة وسط معارضة
المغرب اليوم - قائد الجيش الباكستاني يحصل على صلاحيات واسعة وسط معارضة

GMT 01:06 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

بسمة وهبة تدعم زوجة كريم محمود عبد العزيز وتشير لنهايتهم
المغرب اليوم - بسمة وهبة تدعم زوجة كريم محمود عبد العزيز وتشير لنهايتهم

GMT 02:49 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أبل تطلق خطة جديدة ماك بوك رخيص بمعالج آيفون
المغرب اليوم - أبل تطلق خطة جديدة ماك بوك رخيص بمعالج آيفون

GMT 04:27 2012 الإثنين ,17 أيلول / سبتمبر

زيت نخالة الأرز قادر على خفض الكولسترول

GMT 06:18 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

موجبات التوظيف المباشر في أسلاك الشرطة

GMT 20:34 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

موعد انطلاق بطولة مجلس التعاون الخليجي للغولف في مسقط

GMT 03:33 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

"الموناليزا"النيجيرية تعود إلى موطنها إثر العثور عليها

GMT 18:27 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

سويسرا تطرد فرنسياً تونسياً بشبهة الإرهاب

GMT 10:45 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على ديكور الحفلات في الهواء الطلق في الخريف

GMT 03:59 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

ريهانا عارية الصدر في ثوب حريري فضفاض

GMT 07:41 2016 الإثنين ,05 أيلول / سبتمبر

تفاصيل جريمة قتل بشعة في أحد أحياء الدار البيضاء

GMT 16:12 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

وزير الخارجية الأردني يلتقي نظيره الهنغاري

GMT 01:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

بيتكوين تقترب من 100 ألف دولار مدفوعة بفوز ترامب

GMT 05:10 2022 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

كريم بنزيما أفضل لاعب في العام جلوب سوكر 2022
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib