طروادة لا تغيب وإن غاب هوميروس
غارة إسرائيلية تستهدف جنوب لبنان وتودي بحياة مواطن زلزال بقوة 6.7 درجات يضرب جزر أندامان الهندية زلزال بقوة 5 درجات يضرب جزر تونغا في جنوب المحيط الهادئ دون تسجيل أضرار زلزال بقوة 5.6 يضرب قبالة سواحل اليابان دون وقوع أضرار أو تحذيرات من تسونامي السلطات في الفلبين تجلي ما يقرب من مليون شخص مع قرب وصول إعصار "فونج-وونج" وصول الرئيس أحمد الشرع إلى الولايات المتحدة ترامب يعلن مقاطعة قمة العشرين في جنوب إفريقيا بسبب ما وصفه بسوء معاملة المزارعين البيض ويؤكد استضافة قمة 2026 في ميامي اليونيفيل تؤكد أن استمرار الغارات الإسرائيلية يعرقل جهود التهدئة جنوب لبنان وتحذر من تداعيات التصعيد العسكري على الأمن الإقليمي عشرات الفلسطينيين يُصابون بالاختناق جراء استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي للغاز السام في قرية سالم شرق نابلس شرطة لندن تحقق مع الأمير أندرو وزوجته السابقة سارة فيرجسون بتهم سوء السلوك المالي وقد يواجهان مغادرة المملكة المتحدة والسجن
أخر الأخبار

طروادة لا تغيب وإن غاب هوميروس

المغرب اليوم -

طروادة لا تغيب وإن غاب هوميروس

عبد الرحمن شلقم
بقلم : عبد الرحمن شلقم

الحرب لا تغيب عن دنيا البشر، إلا لتعود بعنف وأسلحة تفوق سابقاتها. تتغير العقول وتتحرك الحدود. حفظ البشر في رؤوسهم تاريخ المعارك منذ آلاف السنين. أساطير قديمة صوّرت معارك، هناك من صدّقها، وتلهّى بها آخرون. قصة معركة طروادة زينتها قدم أخيل بشحنة تشويق طريفة، وما زالت تجد لها أماكن في الجامعات والأعمال الدرامية. لا يمكنني أن أنسى محاضرات البروفسور الكبير الدكتور عبد اللطيف أحمد علي، أستاذ التاريخ القديم بكلية الآداب بجامعة القاهرة، وهو يتمايل ضاحكاً حينا، ومتجهماً أحياناً، ويتألق في سرد ملحمة طروادة. يصور تلك الملحمة بالصوت والحركة، حتى يجعلك تعيش في خضمها، أو أنت في حضرة هوميروس كاتب الإلياذة، يلقيها من فوق مسرح مهيب. معركة استمرت قرابة العشر سنوات، أشعلتها فتاة غاية في الجمال. الدكتور عبد اللطيف أحمد علي، يفكك من خلال الأسطورة نوازع العنف الكامنة في الذات البشرية. البروفسور الإيطالي ألساندرو باربيرو، أستاذ تاريخ العصور الوسطى، موسوعة تاريخية يتابع محاضراته التي يلقيها متنقلاً بين المدن الإيطالية، وتتابعها حشود كبيرة من الإيطاليين والإيطاليات. تشدّك سعة علمه، وموضوعيته الفائقة. في محاضرة طويلة عن أسطورة الإلياذة، تحدث عن صناعة هوميروس لتلك الأسطورة، بما فيها من أماكن وشخصيات، وغاص عبرها في النوازع العنيفة الكامنة في كينونة البشر. حاضر البروفسور باربيرو عن الحروب القديمة والحديثة. الحروب الصليبية كُتب وقيل عنها الكثير. هناك من تناولها باعتبارها حرباً دينية بحتة، وهناك من قال عنها إنها كانت من أجل إيقاف التوسع الإسلامي. البروفسور باربيرو قدّم تفاصيل تلك الحرب الطويلة، بمدّها وجزرها على الأرض، وأسماء قادتها من الطرفين، وتواريخ المواجهات. خلص إلى أن تلك الحرب كان محركها الحقيقي هو مشروع توسع استعماري أوروبي، وليس تحرير بيت المقدس المسيحي. البروفسور باربيرو يواصل هذه الأيام محاضراته في مدن وجامعات إيطالية مختلفة، ويكرر مؤكداً أن فلسطين هي أرض الفلسطينيين، وأن ما تشهده غزة من حرب إبادة هي حرب توسعية استعمارية. باربيرو يواصل محاضراته عن تاريخ الحروب، ويحلل دوافعها.

الحرب روافد صامتة تصبّ في نهر الحياة البشرية. تتعدد محركاتها وتتغير، لكنها لا تغيب ما بقيت الحياة. حروب أهلية تنشب بين أطراف شعب واحد، يتقاتل فيها الإخوة على حدود أراضيهم، أو على المياه والطعام في سنوات الجفاف والجوع. كلما تقدم البشر في العلم، وقفزت التقنية لتوفر أدوات الرفاهية، وكفت البشر عن عناء الجهد العضلي، كان السلاح هو التوأم الذي يسابق دون توقف ما يبدعه العقل البشري على مرّ السنين. القتال هو الكابوس الحاضر دائماً، والخوف من القريب والبعيد، ناقوس لا يغيب، وإن صمت. كتب المؤرخون عن المعارك الصغيرة والكبيرة، التي يكون البشر فيها طرائد يلاحقها الموت. الأدباء والمفكرون والفلاسفة، وكذلك القادة السياسيون، كتبوا عن الحروب. الروائي الروسي تولستوي، في روايته «الحرب والسلام»، التي تمحورت حول حرب نابليون بونابارت على روسيا، طاف في نوازع العنف الكامنة في النفس البشرية، ورسم كيمياء الدم القاتلة. تلك الحرب كانت تعبيراً عن مرحلة تاريخية، حرّكتها دوافع السيطرة والتوسع والهيمنة على الآخر. الثمن دائماً هو حياة الإنسان المهاجم والمدافع. الحرب العالمية الأولى، التي أطلق عليها في البداية الحرب العظمى، كانت الحرب التي خاضتها إمبراطوريات كبيرة بعضها ضد بعض. استخدمت فيها أسلحة لم تعرفها الحروب من قبل، مثل الطائرات والأسلحة الكيماوية. كان الضحايا بالملايين من جميع الأطراف المتحاربة. صُدم الجميع المنتصرون والمنهزمون، بحجم الموت والدمار. تغيرت الخرائط وذابت كيانات قديمة، وقامت دول جديدة. في مؤتمر فرساي، واجه ساسة العالم أنفسهم، وفي عقولهم صدى طلقات البنادق والمدافع، وأمام أعينهم أنهار الدماء، وإن لم تغب في ذلك الاجتماع العالمي الكبير الأطماع والمصالح حتى نزعات الانتقام. لتكن تلك الحرب العظمى التي قُتل فيها الملايين من البشر هي الحرب الكبرى الأخيرة فوق الأرض. ومن أجل تحقيق هذا الهدف الكبير، تحرك القادة السياسيون نحو إنشاء جسم سياسي عالمي، يكرس السلام ويعمل على حلّ المشاكل بين الدول سلميا، فكان الاتفاق على تأسيس ما سُمي بعصبة الأمم. في أعماق بحر الدم الذي تدفق في الحرب الكبرى الأولى، تجمعت رواسب متفجرات حية، انفجرت في حرب عالمية ثانية أكبر من سابقتها. كان ضحاياها أكثر ودمارها أوسع، وغيّرت وجه الكرة الأرضية بشكل غير مسبوق. مذكرات القادة السياسيين والعسكريين، والأعمال الأدبية، التي تناولت يوميات تلك الحرب، وما كتبه المؤرخون، كشف وحشية الدوافع العنيفة الكامنة في ذوات البشر. النار والدم والقتل هي نتاج الحروب، التي تولد في الرؤوس أولاً، كما جاء في مقدمة ميثاق الأمم المتحدة. ماذا كان سيكتب هوميروس لو شهد حروب زمننا؟ طروادة لا تغيب، وإن غاب هوميروس.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طروادة لا تغيب وإن غاب هوميروس طروادة لا تغيب وإن غاب هوميروس



GMT 19:38 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

إذ الظلم أفضل

GMT 19:34 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

نواب يتكسبون من “العفو العام”

GMT 19:28 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف الخلقُ ينظرون جميعاً إلى مصر

GMT 19:24 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

كيم كارداشيان و«الغباء» الاصطناعي

GMT 19:22 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

أميركا ــ ممداني... زمن الإشارات الحمراء

GMT 19:16 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

القمة الأميركية ــ الصينية... هدنة أم أكثر؟

GMT 19:14 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

غزة المنطقة المحظورة في التاريخ

GMT 19:12 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الخيط الرفيع بين الفخر والتفاخر

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:14 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت
المغرب اليوم - نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت

GMT 19:34 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

نقيب الموسيقيين يطمئن جمهور محمد منير على صحته
المغرب اليوم - نقيب الموسيقيين يطمئن جمهور محمد منير على صحته

GMT 11:32 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

مطاعم إندونيسية تستقطب السياح بأكلات سعودية

GMT 15:54 2013 الثلاثاء ,05 آذار/ مارس

أثاث يشبه عش الطائر يكفي 3 أشخاص للنوم

GMT 00:00 2015 الأحد ,14 حزيران / يونيو

طريقة عمل اللبنة

GMT 14:36 2014 الأربعاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الأسرة الملكيّة تحتفل بذكرى ميلاد الأميرة للا حسناء الأربعاء

GMT 13:51 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

انتحار تلميذة قاصر بسم الفئران في سيدي بنور

GMT 01:57 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

فيليسيتي جونز تطلّ في فستان ذهبي نصف شفاف

GMT 20:13 2013 الجمعة ,24 أيار / مايو

كتاب "رأيت الله" لمصطفى محمود
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib