شجرة اللغة وحواس أوراقها
غارة إسرائيلية تستهدف جنوب لبنان وتودي بحياة مواطن زلزال بقوة 6.7 درجات يضرب جزر أندامان الهندية زلزال بقوة 5 درجات يضرب جزر تونغا في جنوب المحيط الهادئ دون تسجيل أضرار زلزال بقوة 5.6 يضرب قبالة سواحل اليابان دون وقوع أضرار أو تحذيرات من تسونامي السلطات في الفلبين تجلي ما يقرب من مليون شخص مع قرب وصول إعصار "فونج-وونج" وصول الرئيس أحمد الشرع إلى الولايات المتحدة ترامب يعلن مقاطعة قمة العشرين في جنوب إفريقيا بسبب ما وصفه بسوء معاملة المزارعين البيض ويؤكد استضافة قمة 2026 في ميامي اليونيفيل تؤكد أن استمرار الغارات الإسرائيلية يعرقل جهود التهدئة جنوب لبنان وتحذر من تداعيات التصعيد العسكري على الأمن الإقليمي عشرات الفلسطينيين يُصابون بالاختناق جراء استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي للغاز السام في قرية سالم شرق نابلس شرطة لندن تحقق مع الأمير أندرو وزوجته السابقة سارة فيرجسون بتهم سوء السلوك المالي وقد يواجهان مغادرة المملكة المتحدة والسجن
أخر الأخبار

شجرة اللغة وحواس أوراقها

المغرب اليوم -

شجرة اللغة وحواس أوراقها

عبد الرحمن شلقم
بقلم : عبد الرحمن شلقم

اللغة خزان عقول الأمم. فيها تنبت الأفكار وتترعرع، وبها تتنقل بين الناس. اللغة كائن حي فاعل ينمو باستمرار، ويتطور مع مسيرة الحياة. العربية من اللغات التي عاشت، وبقيت حية ورافقت العرب المسلمين في امتداد فتوحاتهم الواسعة، وتعلمتها شعوب كثيرة وصارت لغتها الوطنية. لكن هذه اللغة الغنية التي نزل بها القرآن الكريم لم تسلم عبر القرون الطويلة، من سهام النعرات الشعبوية الداعية إلى هجرها بدواعٍ وتبريرات مختلفة. أصوات ارتفعت تدعو إلى تبني اللهجات المحلية، وهي من مواليد العربية الفصحى. في هذه الأيام تهبّ نعرات مستخدمة تقنية الاتصالات الحديثة، تصف العربية باللغة الاستعمارية، وتدعو إلى هجرها وإحلال اللهجات المحلية بديلاً لها، وتصف دعوتها بمعركة تحرر قومي. الداعون إلى هذه المعركة يعبرون عن دعوتهم بعربية ركيكة، غير قادرة على التعبير عما تنطق به ألسنتهم. وصل القائلون بذلك إلى حدّ المطالبة بترجمة القرآن إلى اللهجات العامية المحلية.

النزعات الشعبوية ليست ظاهرة جديدة، فهي فقاعات قلق تظهر في زمن الضعف والاضطراب، وتنفخها أصوات الوهن.

لغات كثيرة غاصت في غياهب الماضي، ولم يبقَ منها شيء إلا ما حُفر على الحجارة، أو كُتب على أوراق صفراء يابسة، ألقى عليه الزمن السحيق غباره الكثيف. اللاتينية التي كانت ذات زمن اللغة التي تسود في مساحة واسعة من العالم، لم تعد اليوم لغة حياة في أي بلد من بلدان الدنيا. لغات قديمة أخرى سادت ثم بادت مثل السريانية والآشورية وغيرهما. اللغات مكون أساسي في نسغ كيان الأمم، وكما تكون الأمة يكون لسانها. الحياة تضيف إلى نفسها أفكاراً واختراعات وإبداعاً، بفعل عقول البشر، بكل ما فيها من خير وشر. الشعوب تحفظ كل ما تنجزه في حافظة ذاكرتها، مكتوباً ومنطوقاً، والعربية خزان هائل من العلوم والشعر والتاريخ والفنون والفلسفة، وامتلكت قوة مقاومة فريدة. سنوات طويلة عاشتها شعوب عربية تحت الاستعمار، الإسباني والفرنسي والإيطالي والبريطاني، وعمل المستعمرون كل ما استطاعوا لفرض لغاتهم، واجتثاث العربية، لكنهم رحلوا جميعاً وبقي اللسان العربي راسخاً بقوة في أرضه. شعوب أخرى كثيرة عاشت تحت نير الاستعمار الغربي، لكن لغته بقيت هي لغة تلك الشعوب بعد رحيل الاستعمار. الجزائر حالة فريدة حيث كانت العربية سلاحاً قوياً في مقاومة الاستعمار الفرنسي الذي جثم على البلاد أكثر من مائة سنة. والاستعمار الفرنسي كان يحرص على فرض لغته وثقافته، قدر حرصه على هيمنته على الأرض.

التطورات الهائلة والسريعة التي يشهدها العالم اليوم تضع العربية أمام تحديات واختبارات كبيرة. في مجالات تقنية العلوم والهندسة والطب وغيرها، ما زالت العربية لغة تعاني من قصور، بل ضعف في بعض المجالات، وذلك يحتاج إلى جهد كبير من العلماء المختصين في كل مجال، لردم الهوة بين العربية وغيرها من اللغات، وذلك ليس بالأمر المستحيل. العرب يمتلكون العدد والعدة لخوض تحدي الولوج إلى هذا الزمن التقني، فهناك شعوب أقل عدداً وعدة، تمكنت من تأهيل لغاتها لاستيعاب العلوم الحديثة. بالإضافة إلى كل الشعوب الأوروبية، فقد استطاعت الصين واليابان وإسرائيل وفيتنام والكوريتان نقل كل العلوم إلى لغاتها الوطنية، وصارت أداتها في البحث العلمي والصناعة والزراعة والطب، وفي غيرها من المجالات. اللغة شجرة حية تنمو بفروعها وأوراقها، وهي حواسها العاقلة الناطقة. تحتاج إلى الماء والسماد باستمرار. وهي شجرتنا التي نتفيأ ظلها. وكما قال عميد الأدب العربي طه حسين: «اللغة العربية يسر لا عسر، ونحن نملكها كما كان القدماء يملكونها، ولنا أن نضيف إليها كما أضاف لها الأقدمون». فهذه شجرتنا، وعلينا أن نعتني بها مثلما نحتفي بها.

لكل حضارة لغتها، ولا يمكن أن نصنع حضارة تقف وتفعل في مضمار التدافع الإنساني، من دون أن نفتح نوافذ عقولنا على ما أنجزه الآخرون في كل المجالات، في دنيا الاختراع والإبداع الإنساني المتدفق والمتجدد. لدينا اليوم في كل الدول العربية، الآلاف من العلماء الذين درسوا في جامعات الدنيا، وفي كل المجالات، وأتقنوا لغات عديدة، يستطيعون تعريب جميع العلوم، وذلك لا يعني التوقف عن تعلم اللغات الأجنبية في مدارسنا وجامعاتنا، بل يجب التوسع في تعليمها، بما فيها الصينية، التي تمثل نافذة على مستقبل قادم بقوة وبسرعة.

العربية هي الرابط الروحي والثقافي والتاريخي، الذي ما زال يجمع كل العرب، وإذا كان هناك من يثير الغبار من حين لآخر، على هذا الحبل المتين، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والقنوات الإعلامية، فإن هذه الوسائل ذاتها، ساهمت في تخليق ما يمكن تسميته لغة عربية ثالثة بسيطة وسهلة، يفهمها جميع العرب.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شجرة اللغة وحواس أوراقها شجرة اللغة وحواس أوراقها



GMT 19:38 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

إذ الظلم أفضل

GMT 19:34 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

نواب يتكسبون من “العفو العام”

GMT 19:28 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف الخلقُ ينظرون جميعاً إلى مصر

GMT 19:24 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

كيم كارداشيان و«الغباء» الاصطناعي

GMT 19:22 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

أميركا ــ ممداني... زمن الإشارات الحمراء

GMT 19:16 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

القمة الأميركية ــ الصينية... هدنة أم أكثر؟

GMT 19:14 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

غزة المنطقة المحظورة في التاريخ

GMT 19:12 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الخيط الرفيع بين الفخر والتفاخر

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:14 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت
المغرب اليوم - نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت

GMT 19:34 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

نقيب الموسيقيين يطمئن جمهور محمد منير على صحته
المغرب اليوم - نقيب الموسيقيين يطمئن جمهور محمد منير على صحته

GMT 11:32 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

مطاعم إندونيسية تستقطب السياح بأكلات سعودية

GMT 15:54 2013 الثلاثاء ,05 آذار/ مارس

أثاث يشبه عش الطائر يكفي 3 أشخاص للنوم

GMT 00:00 2015 الأحد ,14 حزيران / يونيو

طريقة عمل اللبنة

GMT 14:36 2014 الأربعاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الأسرة الملكيّة تحتفل بذكرى ميلاد الأميرة للا حسناء الأربعاء

GMT 13:51 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

انتحار تلميذة قاصر بسم الفئران في سيدي بنور

GMT 01:57 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

فيليسيتي جونز تطلّ في فستان ذهبي نصف شفاف

GMT 20:13 2013 الجمعة ,24 أيار / مايو

كتاب "رأيت الله" لمصطفى محمود
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib