شجرة اللغة وحواس أوراقها
استقالة مدير عام بي بي سي ورئيسة الأخبار بعد جدل حول تغطية خطاب ترمب قصف إسرائيلي يستهدف سيارة جنوب لبنان وارتفاع حصيلة الشهداء في غارات متواصلة على النبطية والمناطق الحدودية حماس تندد بجولة رئيس الاحتلال الإسرائيلي في إفريقيا وتدعو الدول لرفض التطبيع وقطع العلاقات اسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتراخي وواشنطن تضغط لقطع تمويل ايران عن حزب الله سحب دفعات من حليب رضع في أميركا بعد تسجيل 13 حالة تسمم والتحقيقات مستمرة لمعرفة مصدر التلوث غزه تواصل النزيف حصيله الشهداء ترتفع الى 69 الفاً والاصابات تتجاوز 170 الف منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في 7 اكتوبر وزارة الداخلية السعودية تنفذ حكم القتل تعزيراً بحق مواطنين لانضمامهما إلى تنظيم إرهابي يستهدف أمن المملكة غرق قارب قبالة الحدود الماليزية التايلاندية ومفقودون يقاربون 290 شخص ستة قتلى ومئات المصابين بإعصار شديد في ولاية بارانا البرازيلية سوء الطقس في الكويت يجبر تسع طائرات على الهبوط الاضطراري في مطار البصرة الدولي
أخر الأخبار

شجرة اللغة وحواس أوراقها

المغرب اليوم -

شجرة اللغة وحواس أوراقها

عبد الرحمن شلقم
بقلم : عبد الرحمن شلقم

اللغة خزان عقول الأمم. فيها تنبت الأفكار وتترعرع، وبها تتنقل بين الناس. اللغة كائن حي فاعل ينمو باستمرار، ويتطور مع مسيرة الحياة. العربية من اللغات التي عاشت، وبقيت حية ورافقت العرب المسلمين في امتداد فتوحاتهم الواسعة، وتعلمتها شعوب كثيرة وصارت لغتها الوطنية. لكن هذه اللغة الغنية التي نزل بها القرآن الكريم لم تسلم عبر القرون الطويلة، من سهام النعرات الشعبوية الداعية إلى هجرها بدواعٍ وتبريرات مختلفة. أصوات ارتفعت تدعو إلى تبني اللهجات المحلية، وهي من مواليد العربية الفصحى. في هذه الأيام تهبّ نعرات مستخدمة تقنية الاتصالات الحديثة، تصف العربية باللغة الاستعمارية، وتدعو إلى هجرها وإحلال اللهجات المحلية بديلاً لها، وتصف دعوتها بمعركة تحرر قومي. الداعون إلى هذه المعركة يعبرون عن دعوتهم بعربية ركيكة، غير قادرة على التعبير عما تنطق به ألسنتهم. وصل القائلون بذلك إلى حدّ المطالبة بترجمة القرآن إلى اللهجات العامية المحلية.

النزعات الشعبوية ليست ظاهرة جديدة، فهي فقاعات قلق تظهر في زمن الضعف والاضطراب، وتنفخها أصوات الوهن.

لغات كثيرة غاصت في غياهب الماضي، ولم يبقَ منها شيء إلا ما حُفر على الحجارة، أو كُتب على أوراق صفراء يابسة، ألقى عليه الزمن السحيق غباره الكثيف. اللاتينية التي كانت ذات زمن اللغة التي تسود في مساحة واسعة من العالم، لم تعد اليوم لغة حياة في أي بلد من بلدان الدنيا. لغات قديمة أخرى سادت ثم بادت مثل السريانية والآشورية وغيرهما. اللغات مكون أساسي في نسغ كيان الأمم، وكما تكون الأمة يكون لسانها. الحياة تضيف إلى نفسها أفكاراً واختراعات وإبداعاً، بفعل عقول البشر، بكل ما فيها من خير وشر. الشعوب تحفظ كل ما تنجزه في حافظة ذاكرتها، مكتوباً ومنطوقاً، والعربية خزان هائل من العلوم والشعر والتاريخ والفنون والفلسفة، وامتلكت قوة مقاومة فريدة. سنوات طويلة عاشتها شعوب عربية تحت الاستعمار، الإسباني والفرنسي والإيطالي والبريطاني، وعمل المستعمرون كل ما استطاعوا لفرض لغاتهم، واجتثاث العربية، لكنهم رحلوا جميعاً وبقي اللسان العربي راسخاً بقوة في أرضه. شعوب أخرى كثيرة عاشت تحت نير الاستعمار الغربي، لكن لغته بقيت هي لغة تلك الشعوب بعد رحيل الاستعمار. الجزائر حالة فريدة حيث كانت العربية سلاحاً قوياً في مقاومة الاستعمار الفرنسي الذي جثم على البلاد أكثر من مائة سنة. والاستعمار الفرنسي كان يحرص على فرض لغته وثقافته، قدر حرصه على هيمنته على الأرض.

التطورات الهائلة والسريعة التي يشهدها العالم اليوم تضع العربية أمام تحديات واختبارات كبيرة. في مجالات تقنية العلوم والهندسة والطب وغيرها، ما زالت العربية لغة تعاني من قصور، بل ضعف في بعض المجالات، وذلك يحتاج إلى جهد كبير من العلماء المختصين في كل مجال، لردم الهوة بين العربية وغيرها من اللغات، وذلك ليس بالأمر المستحيل. العرب يمتلكون العدد والعدة لخوض تحدي الولوج إلى هذا الزمن التقني، فهناك شعوب أقل عدداً وعدة، تمكنت من تأهيل لغاتها لاستيعاب العلوم الحديثة. بالإضافة إلى كل الشعوب الأوروبية، فقد استطاعت الصين واليابان وإسرائيل وفيتنام والكوريتان نقل كل العلوم إلى لغاتها الوطنية، وصارت أداتها في البحث العلمي والصناعة والزراعة والطب، وفي غيرها من المجالات. اللغة شجرة حية تنمو بفروعها وأوراقها، وهي حواسها العاقلة الناطقة. تحتاج إلى الماء والسماد باستمرار. وهي شجرتنا التي نتفيأ ظلها. وكما قال عميد الأدب العربي طه حسين: «اللغة العربية يسر لا عسر، ونحن نملكها كما كان القدماء يملكونها، ولنا أن نضيف إليها كما أضاف لها الأقدمون». فهذه شجرتنا، وعلينا أن نعتني بها مثلما نحتفي بها.

لكل حضارة لغتها، ولا يمكن أن نصنع حضارة تقف وتفعل في مضمار التدافع الإنساني، من دون أن نفتح نوافذ عقولنا على ما أنجزه الآخرون في كل المجالات، في دنيا الاختراع والإبداع الإنساني المتدفق والمتجدد. لدينا اليوم في كل الدول العربية، الآلاف من العلماء الذين درسوا في جامعات الدنيا، وفي كل المجالات، وأتقنوا لغات عديدة، يستطيعون تعريب جميع العلوم، وذلك لا يعني التوقف عن تعلم اللغات الأجنبية في مدارسنا وجامعاتنا، بل يجب التوسع في تعليمها، بما فيها الصينية، التي تمثل نافذة على مستقبل قادم بقوة وبسرعة.

العربية هي الرابط الروحي والثقافي والتاريخي، الذي ما زال يجمع كل العرب، وإذا كان هناك من يثير الغبار من حين لآخر، على هذا الحبل المتين، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والقنوات الإعلامية، فإن هذه الوسائل ذاتها، ساهمت في تخليق ما يمكن تسميته لغة عربية ثالثة بسيطة وسهلة، يفهمها جميع العرب.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شجرة اللغة وحواس أوراقها شجرة اللغة وحواس أوراقها



GMT 16:43 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دفاعاً عن النفس

GMT 16:40 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا... إرهاب وسياحة

GMT 16:37 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ممداني... و«سنونو» نيويورك!

GMT 16:34 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب وزهران... ما «أمداك» وما «أمداني»

GMT 16:31 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 16:26 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

مقعد آل كينيدي!

GMT 15:18 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

المكان والأرشيف في حياة السينما!!

GMT 15:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فاطمة لم تكن وحدها

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 23:21 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات مسيرة تستهدف قيادات القاعدة في شبوة اليمنية
المغرب اليوم - غارات مسيرة تستهدف قيادات القاعدة في شبوة اليمنية

GMT 20:01 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش السوداني يصد هجوماً للدعم السريع على بابنوسة
المغرب اليوم - الجيش السوداني يصد هجوماً للدعم السريع على بابنوسة

GMT 15:44 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

علماء يكتشفون مفتاح إطالة عمر الإنسان عبر الحمض النووي
المغرب اليوم - علماء يكتشفون مفتاح إطالة عمر الإنسان عبر الحمض النووي
المغرب اليوم - أنباء انفصال هنادي مهنا وأحمد خالد صالح تثير الجدل من جديد

GMT 15:53 2020 الإثنين ,20 إبريل / نيسان

فضيحة أخلاقية في زمن الحجر الصحي بنواحي أكادير

GMT 15:34 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

عملاق فرنسا يبدي رغبته في ضم حكيم زياش

GMT 07:22 2018 الخميس ,02 آب / أغسطس

"جاغوار" تطرح نسخة مبتدئة دافعة " two-wheel"

GMT 04:03 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

غاريدو يكشف أن الرجاء مستعد لمواجهة الوداد

GMT 16:51 2017 الإثنين ,24 إبريل / نيسان

طريقة عمل بروكلي بصوص الطماطم

GMT 05:00 2016 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل مشروب التوت بالحليب مع الشوكولاتة المبشورة

GMT 01:09 2015 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

طبيب ينجح في إزالة ورم حميد من رأس فتاة

GMT 04:40 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

موقع "أمازون" ينشئ سلة مهملات ذكية تدعى "جيني كان"

GMT 02:53 2015 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

المهاجم مراد باطنا يقترب من الانتقال إلى "انطاليا التركي"

GMT 04:17 2012 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

كوزوميل جزيرة الشعاب المرجانية ومتعة هواة الغطس

GMT 10:00 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

النجمة أمل صقر تكشف أن المجال الفني يعج بالمتحرشين

GMT 11:01 2024 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

أبرز عيوب مولودة برج العذراء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib