الممر الاقتصادي جزء من الصراع الصيني الأمريكي

الممر الاقتصادي.. جزء من الصراع الصيني الأمريكي

المغرب اليوم -

الممر الاقتصادي جزء من الصراع الصيني الأمريكي

عماد الدين حسين
بقلم : عماد الدين حسين

من المستفيد ومن المتضرر من الممر أو المشروع الاقتصادى الدولى الكبير من الهند إلى أوروبا عبر الخليج العربى والذى تم الإعلان عنه على هامش قمة العشرين التى انعقدت فى نيودلهى فى الأسبوع الماضى؟!
قد لا تكون هناك إجابة شافية، ومن البديهى أن تستفيد الدول التى سيمر بها الممر والعكس صحيح. وبالطبع فإن ذلك كله متوقف على أن يتم تنفيذ المشروع الجديد على أرض الواقع، ولا يظل حبرا على ورق شأن مشاريع كثيرة مماثلة تم الإعلان عنها من قبل.
نظريا فإن المتضرر الرئيسى من هذا المشروع سيكون الصين، إذا تم تنفيذ المشروع فعلا.
نعلم جميعا أن الولايات المتحدة هى الراعى الرسمى للممر الاقتصادى الجديد. ونعلم أن الرئيس الأمريكى جو بايدن هو من أعلن عن هذا المشروع العملاق فى نيودلهى بحضور العديد من قادة الدول خصوصا رئيس الوزراء الهندى ناريندا مودى وولى عهد السعودية محمد بن سلمان ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. ولكن لماذا أمريكا متحمسة لهذا المشروع؟
لأنه ــ حال تنفيذه ــ سيكون المنافس الأساسى للمشروع الصينى الضخم الذى تم إطلاقه منذ سنوات تحت عنوان «الحزام والطريق»، وكان أكثر اتساعا وشمولا لدول مختلفة فى قارات مختلفة، وتم الشروع فى تنفيذه بصورة جزئية.
نجاح «الحزام والطريق» الصينى يعنى تمهيد الطريق لمزيد من التقدم الاقتصادى الصينى فى الصراع المحتدم على قيادة العالم اقتصاديا فى السنوات القليلة المقبلة.
واشنطن ومنذ سنوات، خصوصا منذ وصول دونالد ترامب للسلطة عام ٢٠١٧. بدأت سياسة واضحة لتأخير التقدم الصينى بكل الطرق، ورأينا الإدارة الأمريكية تفرض العديد من الرسوم الجمركية على السلع الصينية. ثم بدأت إغراء الشركات الأمريكية والأجنبية بمغادرة السوق الصينية والاستثمار فى أسواق أخرى.
ورأيناها تحارب الشركات الصينية بطرق مختلفة، والنموذج الأبرز على ذلك ما حدث مع شركة هواوى، من أول القبض على مسئولة بارزة فيها خلال توقفها فى الأراضى الكندية، نهاية بالضغط على دول كثيرة لعدم الاعتماد على التكنولوجيا الصينية خصوصا من شركات هواوى فيما يتعلق بتكنولوجيا الجيل الخامس. ثم تطور الأمر لمحاولة منع الصين من الحصول على مواد ومستلزمات ومعدات تكنولوجيا متطورة من أمريكا أو الغرب.
ومن يتابع الصراع الأمريكى الصينى سيكتشف أنه انتقل إلى مجالات مختلفة، ومنها مثلا التصعيد ومحاولة محاصرة الصين عبر دول مختلفة خصوصا اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين وأستراليا، وكذلك تكوين تحالفات عسكرية تصب فى نفس الاتجاه.
رأينا واشنطن تضغط على الصين فى ملف تايوان وترسل العديد من المسئولين الأمريكيين إلى هناك وكان أبرزهم رئيسة الكونجرس السابقة نانسى بيلوسى. ثم تطور الأمر بالإعلان عن استعداد واشنطن لتزويد تايوان بأسلحة متقدمة.
من الواضح أن الولايات المتحدة تسعى بكل الطرق لإغراق الصين فى مشاكل متنوعة، وفى كل المجالات إن أمكن. وبالتالى فإنه لا يمكن فهم تحرك الإدارة الأمريكية الأخيرة بشأن المشروع الجديد إلا فى إطار هذه الرؤية.
وبجانب ذلك فإن الإدارة الأمريكية والعديد من الحكومات الغربية توجه انتقادات لاذعة لمبادرات التمويل الصينية. وقبل أيام قالت صحيفة الفايننشال تايمز إن «الحزام والطريق» الصينية غامضة وتجبر الدول الفقيرة على الوقوع فى فخ الديون.
لكن أصحاب هذا الاتهام لا يردون على اتهام مماثل يقول إن قروض مؤسسات التمويل الغربية تقود إلى نفس الغرض، بل وأحيانا تكون مصحوبة بشروط سياسية قاسية.
فى نفس هذا الاتجاه فإن مايكل كوجلمان مدير معهد جنوب آسيا فى مركز ويلسون الأمريكى يقول إن تنفيذ اتفاق الممر الجديد سيغير قواعد اللعبة، وسيعيد تشكيل خريطة التجارة بين الشرق والغرب من جديد.
وهناك من يرى أن أمريكا تسعى لإعادة تركيز الاهتمام على المنطقة لطمأنة الشركاء والحفاظ على نفوذها، خصوصا أن إعلاناتها الكثيرة المتكررة من قبل بأنها تنوى مغادرة المنطقة والتركيز على جنوب شرق آسيا ثبت أنه كان خيارا خاطئا، وأعطى الفرصة للصين كى تتمدد فى المنطقة.
من حق أمريكا أو الصين بطبيعة الحال أن تسعيا إلى تعظيم مكاسبهما ومصالحهما. ولا يمكن أن نلوم أى دولة تشارك فى هذا المشروع طالما أنها تعتقد أنه سيحقق مصالحها.
لكن نعود ونكرر السؤال: ما هى الفرص العملية لتطبيق المشروع على أرض الواقع، وهل هو ذو جدوى اقتصادية فعلا والأهم بالنسبة لنا: ما هو تأثير هذا المشروع على قناة السويس ودور مصر فى المنطقة وهل نحن المقصودون أم الصين وإيران فقط؟!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الممر الاقتصادي جزء من الصراع الصيني الأمريكي الممر الاقتصادي جزء من الصراع الصيني الأمريكي



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أمينة خليل تتألق في الأبيض بإطلالات عصرية ولمسات أنثوية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 14:41 2023 السبت ,22 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.5 درجة في اليونان

GMT 07:39 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"الغجر يحبُّون أيضًا" رواية جديدة لـ"الأعرج"

GMT 15:40 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

كيفية اختيار لون المناكير المناسب

GMT 23:58 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

ساني يهزم نيمار في سباق رجل جولة دوري أبطال أوروبا

GMT 19:43 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

البدواوي يكشف أن "حتا" شهدت إقبالاً كبيراً من السياح

GMT 14:00 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي "إشبيلية" يرغب في التعاقد مع ماركوس يورينتي

GMT 00:51 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

التلفزيون الملون لم يدخل بيوت الآلاف في بريطانيا

GMT 00:29 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

صفية العمري تؤكّد أنها تبحث عن الأعمال الفنية الجيدة فقط
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib