من يمول إعمار غزة وبأي شروط

من يمول إعمار غزة.. وبأي شروط؟!

المغرب اليوم -

من يمول إعمار غزة وبأي شروط

عماد الدين حسين
بقلم - عماد الدين حسين

التقديرات الإقليمية والدولية تقول إن عملية إعادة إعمار قطاع غزة الذى دمرته إسرائيل طوال ١٥ شهرًا كاملة، قد تتكلف نحو ٩٠ مليار دولار، وقد تستغرق ما بين ٥ و١٥ عامًا حسب توافر التمويل وسرعته ووجود بيئة مواتية للبناء والعمل.

السؤال الذى لا يسأله ولا يفكر فيه كثيرون سواء فى فلسطين أو فى المنطقة العربية، هو: من الذى سيقوم بتوفير هذا التمويل وبأى شروط، وهل يمكن بدء الإعمار عمليًا من دون وجود تسوية سياسية حقيقية ودائمة؟

ونفس السؤال يمكن تكراره على الحالة اللبنانية بعد أن دمرت إسرائيل جانبًا كبيرًا من الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت، حيث مقر حزب الله، إضافة الى أن لبنان يعانى من أزمة اقتصادية طاحنة حتى قبل بدء العدوان الإسرائيلى، يصنفها الاقتصاديون بأنها الأسوأ عالميًا.

وحسب تقديرات وزير الاقتصاد اللبنانى فى حكومة نجيب ميقاتى فإن حجم الخسائر يصل إلى عشرين مليار دولار، بعد أن كانت تقديرات كثيرة تتحدث عن تكلفة تتراوح بين ٥ وعشرة مليارات دولار فقط.

نعود للسؤال البديهى: من الذى سيدفع كل هذه الأموال لإعادة إعمار قطاع غزة أو جنوب لبنان، وإذا افترضنا جدلًا وجود أطراف مستعدة للتمويل، فهل ستفعل ذلك باعتبارها جمعية خيرية أم ستكون لها شروط سياسية محددة؟

تقليديًا كانت بعض دول الخليج والاتحاد الأوروبى هى التى تتولى عمليات إعادة الإعمار فى كل مرة تقوم فيها إسرائيل بالاعتداء على غزة أو الضفة الغربية أو جنوب لبنان، وشهدنا عشرات المؤتمرات الدولية للمانحين تحت عنوان إعادة إعمار هذا المكان أو ذاك.

هذه المرة الأمر مختلف إلى حد كبير، فدول الخليج أعلنت أكثر من مرة أنها لن تسهم فى أى عملية إعادة إعمار فى غزة، إلا إذا كان هناك سلام مستدام فعلًا يقوم على حل الدولتين أى دولة فلسطينية بجوار إسرائيل، ونعلم أن الأخيرة حكومة وشعبًا تعارض ذلك.

ولا يعقل أن تقوم هذه الدول بدفع مليارات الدولارات لإعادة الإعمار فى غزة أو لبنان، ثم تأتى إسرائيل بعد شهر أو سنة أو حتى خمس سنوات لتدمرها مرة ثانية. وأظن أن هذا موقف غالبية دول الاتحاد الأوروبى أيضًا وغالبية المانحين الدوليين.

طبعًا هناك فارق بين المساعدات الطارئة لكى يقف قطاع غزة على قدميه بإقامة بعض مدن الخيام أو الكرافانات المؤقتة وتمهيد الطرق نسبيًا، وبين إعادة البناء الكامل، لكل ما دمره العدوان الإسرائيلى.

لكن سوف نفترض جدلًا أن إسرائيل ستتعهد لكل المانحين بأنها لن تعتدى على القطاع مرة أخرى، وهو احتمال شبه مستحيل، والسؤال فى هذه الحالة هو: بأى شروط سوف يقدم المانحون تمويلاتهم؟

هل هؤلاء جمعيات خيرية تقوم بتوزيع أموالها لكل من يطلبها أم أن لها شروطًا سياسية واقتصادية محددة؟

السؤال بصورة أوضح، هل سيقوم الاتحاد الأوروبى وبقية الممولين بتمويل عملية إعادة الإعمار، إذا استمرت حركة حماس مسيطرة على قطاع غزة أم أنهم سوف يشترطون مثلًا شروطًا محددة؟!

قبل هذا السؤال: فإن الولايات المتحدة وإسرائيل تقولان إنه لن يكون هناك مكان لحماس فى حكم غزة فى الفترة المقبلة، فى حين أن حماس ما تزال تسيطر عمليًا على القطاع، وهو ما رآه الجميع، ظهر يوم الأحد الماضى، خلال عملية تسليم أول ثلاث أسيرات إسرائيليات فى إطار هدنة وقف إطلاق النار بين الجانبين.

وحتى لو افترضنا جدلًا أن إسرائيل ستقبل بوجود حماس.. فماذا سوف يشترط كبار الممولين؟

والسؤال الأهم: إذا أصر هؤلاء الممولون على ضرورة عدم وجود حماس فى الحكم، فماذا ستفعل الحركة، خصوصًا إذا وجدت أن عملية إعادة الإعمار الكاملة لن تبدأ إلا إذا تركت الحكم.

قد تكون كل هذه الأسئلة مؤجلة لكن سوف يتم طرحها بصورة أو بأخرى خلال الأيام والأسابيع والشهور، وبالتالى وجب على الجميع التفكير فيها من الآن حتى لا يتفاجأ بها فى اللحظات الأخيرة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من يمول إعمار غزة وبأي شروط من يمول إعمار غزة وبأي شروط



GMT 17:44 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

الشهادة القاطعة

GMT 17:43 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

دروز سوريا… تاريخ لا يمكن تجاوزه

GMT 17:41 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

لا تطمئنوا كثيرًا..!

GMT 17:36 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

استنزاف الشرع أم تفكيك سوريا؟

GMT 17:34 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

إعادة قراءة لتواريخ بعيون فاحصة

GMT 17:32 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

إيران دون عقوبات: تمكين الحلفاء بديل النووي

GMT 17:30 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

هل عاد زمن العطارين؟

أمينة خليل تتألق في الأبيض بإطلالات عصرية ولمسات أنثوية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 14:41 2023 السبت ,22 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.5 درجة في اليونان

GMT 07:39 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"الغجر يحبُّون أيضًا" رواية جديدة لـ"الأعرج"

GMT 15:40 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

كيفية اختيار لون المناكير المناسب

GMT 23:58 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

ساني يهزم نيمار في سباق رجل جولة دوري أبطال أوروبا

GMT 19:43 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

البدواوي يكشف أن "حتا" شهدت إقبالاً كبيراً من السياح

GMT 14:00 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي "إشبيلية" يرغب في التعاقد مع ماركوس يورينتي

GMT 00:51 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

التلفزيون الملون لم يدخل بيوت الآلاف في بريطانيا

GMT 00:29 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

صفية العمري تؤكّد أنها تبحث عن الأعمال الفنية الجيدة فقط
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib