اعتدال «طالبان» ولمْع السراب

اعتدال «طالبان» ولمْع السراب

المغرب اليوم -

اعتدال «طالبان» ولمْع السراب

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

منذ عودة حركة «طالبان» المتعصّبة لحكم أفغانستان، أغسطس (آب) 2021 بعد «تسليم» أميركا البلاد لملالي «طالبان»، وترتيبات دولية وإقليمية، من عرب وغير عرب، راهن البعض على اعتدالٍ تدريجي للحركة، بعد تجربة الإقصاء عن الحكم، ثم العودة له، والعلاقات الدولية والخبرة المكتسبة، وتطّور الشعب الأفغاني تحت حكم شبه مدني (حامد كرازاي وأشرف غني).

هكذا كان الرهانُ على هذا الاعتدال الطالباني المُنتظر، لكن ها هو المشهد اليوم: في خطاب رسمي 4 مايو (أيار) الحالي، أصدرت وزارة الثقافة والإعلام في «طالبان» تعليمات للقنوات التلفزيونية بإزالة مقاطع الفيديو التي تخالف الشريعة الإسلامية، حسب تفسير الحركة. وقالت الوزارة إنه يجب على وسائل الإعلام «حذف أو إخفاء المحتوى المخالف للقيم الإسلامية من قنواتها في منصة (يوتيوب)، في أسرع وقت».

«طالبان» تقول إن الغرض من التوجيه هو «منع مشاهدة هذا المحتوى أو إعادة نشره من خلال الإعجابات والتعليقات والتفاعلات الأخرى على مواقع التواصل الاجتماعي».

في وقتٍ سابق من العام الماضي أصدر زعيم «طالبان» الملا هبة الله آخوندزاده سلسلة قيود تحت قانون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن ذلك منع بث صور الكائنات الحيّة على القنوات التلفزيونية، الأمر الذي تسبّب بتحويل معظم القنوات في أفغانستان إلى مجرّد إذاعات، باسم «صوت الشريعة».

هذه لمحة من نيّات الحركة التي كانت تُزمعها منذ استلامها البلاد من أميركا، تحت قيادة الرئيس الديمقراطي جو بايدن وهذا حصاد الاعتدال المزعوم.

الفكرة هي أن الذات لا تقدر على نفي ذاتها والانسلاخ من جِلدها، ولو فعلت ذلك، لن تصير «طالبان»، التي تتباهى بتمسكها بالدين - حسب تفسيرها - والدفاع عن الإسلام الأفغاني - أيضاً كما يفهمه ملالي قندهار - لن تصير سوى مجموعة سياسية «عادية» تريد حكم البلاد، وعند ذلك فما هو فرقها عن بقية القوى والأحزاب؟!

ما يسري على «طالبان» يسري على أمثالها من الحركات الأصولية المتطرفة التي تفرض نموذجها على أي آخر مختلف عنها، حتى لو كان هذا الآخر مسلماً سُنيّاً، يعتزُّ بهويّته هذه.

هناك في أدبيات هذه الجماعات مفهوم «المرحلة المكيّة»، وهي تعني الكمون والصبر والملاينة، حتى لحظة التمكين، كما أن هناك أداة أخرى للتمويه على الآخرين، وهي أداة الحرب خدعة، وتخريجة القول في الظاهر بغير ما يشتمل عليه الباطن، مستدلّين بحكاية الصحابي حاطب بن أبي بلتعة مع زعماء قريش عقب معركة خيبر، وكذبه عليهم وشتمه للإسلام، حتى يستخلص ماله.

وعليه، فإن الاكتفاء بالكلام العلني، وبعض التنازلات «المؤقتة» تحت الثقافة «البلتعية» يجب أن يؤخذ بالاعتبار، و«طالبان» خير برهان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعتدال «طالبان» ولمْع السراب اعتدال «طالبان» ولمْع السراب



GMT 23:25 2025 الثلاثاء ,05 آب / أغسطس

خراب العقول وتجار الدين

GMT 23:23 2025 الثلاثاء ,05 آب / أغسطس

كي لا تسقط جريمة المرفأ بالتحايل

GMT 18:44 2025 الثلاثاء ,05 آب / أغسطس

تاريخ النسيان

GMT 18:42 2025 الثلاثاء ,05 آب / أغسطس

سوريا بين المشكلة والإشكالية

GMT 18:40 2025 الثلاثاء ,05 آب / أغسطس

الجهل نعمة!

GMT 18:37 2025 الثلاثاء ,05 آب / أغسطس

ترمب و«رقصة الفالس الدبلوماسية»

GMT 18:35 2025 الثلاثاء ,05 آب / أغسطس

الفن والدين!!

إستوحي إطلالتك الرسمية من أناقة النجمات بأجمل ألوان البدلات الكلاسيكية الراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 17:16 2025 الثلاثاء ,05 آب / أغسطس

ناسا تخطط لبناء مفاعل نووي على سطح القمر
المغرب اليوم - ناسا تخطط لبناء مفاعل نووي على سطح القمر

GMT 13:18 2025 الثلاثاء ,08 تموز / يوليو

محمد صلاح يظهر في ليفربول لأول مرة بعد وفاة جوتا

GMT 20:33 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 08:57 2017 الأربعاء ,10 أيار / مايو

الحقائب البيضاء تغزو عالم الموضة في صيف 2017
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib