حول ثقافة مصر وحدودها

حول ثقافة مصر وحدودها

المغرب اليوم -

حول ثقافة مصر وحدودها

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

يبدي البعض قلقاً، لا معنى له، حول التقارب الإيراني المصري مؤخراً، وأقول لا معنى وأعني بذلك الميدان الثقافي والتاريخي والديني من هذا التقارب، ولا شأن لنا بالسياسة، على الأقل الآن.

وزير التراث الثقافي والسياحة الإيراني رضا صالحي أميري قال لوكالة «إرنا» الإيرانية إن هناك محادثات ثنائية أجريت لاستئناف العلاقات مع مصر، مؤكداً على أن «استراتيجية الحكومة تهدف لإعادة فتح الطريق إلى مصر».

وأعلن أميري استعداد بلاده لتسهيل الرحلات الجوية والبرية بين البلدين، وتنظيم رحلات سياحية تاريخية ودينية مشتركة.

الواقع أن الحلم الإيراني بفتح الطريق لمصر، حسب عبارة الوزير الإيراني، حلم قديم، قديم جدّاً، من أيام الدولة الفاطمية الإسماعيلية، التي لم تفلح في فرض الاتجاه الشيعي، دينياً، على مصر، وإن كان لمصر القديمة هوى شيعي «سياسي» في فجر التاريخ الإسلامي، أيام فتنة عثمان وعلي، لكن هذا مجرد ذكرى تاريخية عتيقة مثل ذكرى الفراعنة.

التشيع في مصر مبحث خاض فيها علماء من خلفيات متنوعة، منهم المؤرخ المصري محمد كامل حسين ومن ذلك كتابه «التشيع في الشعر المصري في عصر الأيوبيين والمماليك». أثبت فيه عمق الهوية المصرية، خصوصاً المالكية والشافعية، ونقل عن ابن الأثير أن جماعة من الشيعة في مصر ثاروا سنة 584 ﻫـ بالقاهرة ونادوا ليلاً بشعار الشيعة: يا آل علي، يا آل علي، وسلكوا الدروب ينادون الناس، ظنّاً منهم أن أهل البلد يلبون دعوتهم ويخرجون معهم لإعادة الدولة العلوية، وإخراج من كان محبوساً في القصر من أسرة الفاطميين، لكن لم يلتفت أحدٌ من المصريين إليهم ولا أعارهم سمعه، فلما رأوا ذلك تفرقوا ثم أُخذوا، وكُتب بذلك إلى صلاح الدين.

عزة هاشم تنقل في بحثها المعنون بـ«الشيعة في مصر... خرائط التواجد وموقف الدولة» عن عالم الاجتماع المصري الشهير سعد الدين إبراهيم في كتابه «الملل والنحل والأعراق» أنه وعلى الرغم من الجذور الفاطمية للمصريين، وحبهم الشديد لـ«آل البيت»، فإن المذهب الشيعي لم يجد أرضاً يقف عليها، لأسباب عدّدها إبراهيم، ومنها: الثقل الديني والشعبي للأزهر الشريف (السنّي)، عدم وجود جذور عائلية شيعية في مصر أو مساجد خاصة، أو حتى وافدين جدد منحدرين من أصول شيعية.

العقيدة الشعبية للمصريين، رغم حبهم الشديد لـ«أهل البيت»، فإنهم لا يقبلون بعض الممارسات الشيعية الغريبة عليهم.

المصريون يُجلّون الصحابة ويضعونهم في مكانة عالية من التقدير... فأي صحابي في الثقافة المصرية يُسبق اسمه بسيدنا.

أخيراً، فإن المشكلة ليست في التشيع المذهبي الصرف، فهذه تدخل ضمن أعراف التاريخ واختيارات البشر، المشكلة هي في التمذهب السياسي، كما تصنع «حماس» و«الجهاد الإسلامي» وبعض «الإخوان» و«القاعدة» مع المذهبية السياسية الإيرانية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حول ثقافة مصر وحدودها حول ثقافة مصر وحدودها



GMT 16:09 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

حرب «عاجل» والغبراء

GMT 16:08 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

الحرب الإسرائيلية ــ الإيرانية إلى أين؟

GMT 16:07 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

عن العقل العربي الغائب

GMT 16:06 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

ترمب... يمتطي حصان الحرب

GMT 16:05 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

المشرق العربي... البولندي

GMT 16:03 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

تأجيلُ مؤتمرِ سلامٍ مؤجَّلٍ

GMT 16:02 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

حسابات توازن القوى

GMT 16:01 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

الإيمان والمستقبل...الدين وبناء السلام

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 14:07 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

توم كروز يحصل على أول جائزة أوسكار فخرية في مسيرته
المغرب اليوم - توم كروز يحصل على أول جائزة أوسكار فخرية في مسيرته

GMT 02:17 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

القبعات القش تتصدر قائمة أحدث صيحات الموضة

GMT 05:46 2020 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

شركة "لفيت" تنافس بأقوى سيارات الدفع الرباعي في العالم

GMT 10:29 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل ألوان احمر الشفاه لشتاء 2020

GMT 15:59 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

شركة "هوندا" تكشف عن سيارة تعتمد على الذكاء الاصطناعي

GMT 17:56 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

اللاعب محمد الناهيري يعود إلى الفتح الرباطي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib